أكد راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية في الكويت القس العمانويل غريب أن روح التواد والمحبة كانت وستبقى متجلية بين أبناء الشعب الكويتي على اختلاف شرائحهم وهو ما يثبته التعايش التاريخي في البلاد.
وقال القس عمانويل في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم إن الروح الوطنية ولحمة أبناء الوطن تجلتا أيضا في وحدة الكويتيين ضد التفجير الإرهابي في مسجد الإمام الصادق والتي لم يشهدها شعب في العالم على صغر مساحة الأرض وكبر العلاقات والمحبة التي تغمر أبناءها.
وأضاف أن دولة الكويت ومنذ نشأتها عاش أبناؤها جميعا في سلام "ويشهد التاريخ لوطننا بالانفتاح والتسامح وتقبل الرأي الآخر واحترامه موضحا أنه يحمل في وجدانه ذكريات عن هذا التواد منذ الصغر بين الجيران وعلاقات المحبة والتعاون من خلال الزيارات وتبادل التهاني بين الجيران المسلمين والمسيحيين حيث يهنئ بعضهم بعضا في المناسبات والأعياد وغير ذلك من صور رائعة لا تمحى من الذاكرة.
وذكر أن سكان "الفريج" كانوا مثل الأهل "إلى درجة لم أشعر فيها بأي اختلاف بل كنا نؤلف فريقا لكرة القدم كان يضم كل أبناء الحي كما درسنا في صف واحد دون تفرقة أضف إلى ذلك أن آباءنا كانوا يجلسون سوية في الديوانية حيث يتبادلن الأحاديث والموضوعات التي تهم الجميع في البلاد".
ولفت القس عمانويل إلى ضرورة توارث هذه الروح الوطنية بين أبناء الكويت جيلا بعد جيل وهو ما ظهر جليا إثر التفجير الإرهابي في مسجد الإمام الصادق في 26 يونيو الماضي حيث هرع الكويتيون وعلى رأسهم قائد الإنسانية سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى موقع الحادث الإجرامي وأطلق مقولته الفذة "هذولا عيالي" التي سيخلدها التاريخ في سجل الكويت وأهلها.
وبين أن موقف سموه وكلماته أثلجت قلوب أهالي الضحايا وخففت آلام المصابين بوجوده في مكان الحادث بدقائق معدودة دون ترتيب أو حماية وقد دمعت عيناه عندما رأى أبناءه وآثار الانفجار ومخلفاته على الأفراد والمسجد حيث تلمس الشعب أن سمو الأمير هو والد الجميع وأن المودة والرحمة اللتين تنعم بهما الكويت ليستا جديدتين بل هما متأصلتان بين أهلها.
وأشار إلى أنه في يوم التفجير خرج من الكنيسة عدد من رجال الدين والمواطنين المسيحيين إلى بنك الدم للتبرع للمصابين وكان هذا الشعور عفويا ولكنه تجسد بروح الوحدة الوطنية التي تجمع أفراد الشعب الكويتي وأيضا المقيمين على أرضها عندما أعلن بنك الدم عن حاجته للتبرع.
واستنكر التفجير الإرهابي الذي راح ضحيته 26 شهيدا من أبناء الكويت والوافدين إلى جانب عدد كبير من المصابين قائلا "إننا نصلي من أجل أهالي الضحايا حيث كان من بين الشهداء والد صديق عزيز وقد ذهبت لتعزيته شخصيا وهنا تتجلى أيضا الروح الكويتية واللحمة التي لم يشهدها شعب في العالم".
وعاد القس عمانويل بالذاكرة إلى أيام الغزو العراقي عام 1990 حيث توحد جميع أبناء الشعب الكويتي والهدف كان طرد المحتل بتعاون وتكاتف الجميع "والحمد لله الذي أكرم الكويت بأن تحررت وأعيد إعمارها وأصبحت أفضل من السابق".
وبين أن ما تنعم به الكويت وأهلها هو نتيجة أعمال الخير الكويتية "حيث أن بلادنا أميرا وحكومة وشعبا تدعم العمل الإنساني وتسعى إليه لذلك استحقت تسمية منظمة الأمم المتحدة (مركزا للعمل الإنساني) وتسمية سمو الأمير (قائدا للعمل الإنساني) وهذا ليس بجديد على الكويت التي تؤثر الخير لشعبها ولشعوب العالم وتهب إلى مساعدة الدول المحتاجة والمنكوبة".
ولفت في هذا الشأن إلى إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في ديسمبر 1961 كمؤسسة كويتية لتوفير وإدارة المساعدة المالية والتقنية للدول النامية بعد الاستقلال مباشرة.
وأكد القس عمانويل أن ذلك يمثل دليلا واضحا على حب الكويت وأهلها للعطاء والإيثار وأنه مصدر فخر واعتزاز للكويتيين جميعا الذين يرون اسم بلدهم مكتوبا على الجسور والمدارس والمساجد في بعض الدول التي يزورونها.
وأعرب عن فخره بالكويت وأهلها السباقين للخير راجيا أن تبقى دائما واحة أمن وأمان تحت ظل القيادة الحكيمة لسمو أمير البلاد ورجال وزارة الداخلية الذين يسهرون على حماية كل دور العبادة الإسلامية والمسيحية حيث ان الكويت مجتمع يحترم الجميع ولا يتدخل في شعائر أي طائفة فيها.
وشكر القس عمانويل رجال الداخلية على اكتشافهم للخلية الإرهابية لتفجير مسجد الإمام الصادق في وقت قياسي مثنيا على توجيهات سمو أمير البلاد بإرسال بعض المصابين من الحالات الحرجة لتلقي العلاج بالخارج ما يضيف أيضا لمسة إنسانية ويخفف من هذا المصاب الجلل.
وأعرب عن الأمل في أن يخرج كل المصابين من المستشفيات معافين ويعودوا الى حياتهم الطبيعية داعيا الله أن يبارك الكويت ويحفظها وأميرها وشعبها من كل مكروه "ونعيش في الكويت كما عهدناها وان يعم خيرها على كل من يعيش على ارضها وخارجها".
وأكد أن المواطنين الكويتيين المسيحيين ينعمون بحقوقهم كاملة وبكل ما عليهم من واجبات بحرية وأمن كاملين خصوصا التعليم والبعثات والعمل الحكومي والخاص مثل أي مواطن كويتي ويمارسون شعائرهم الدينية بحرية تامة ولا يجدون أي صعوبة في ذلك".
وأشار إلى أن الكنائس في الكويت تتبع بعض الإجراءات الاحترازية لجهة تشديد الحماية وإبعاد السيارات عن مداخلها إلى جانب تواصلها مع مسؤولي وزارة الداخلية "حيث عقد اجتماع أخيرا ضم رجال الدين المسيحيين ووكيل وزارة الداخلية الفريق سليمان الفهد الذي أكد حرص الوزارة على سلامة دور العبادة المختلفة في الكويت". وقال القس عمانويل إن تاريخ المسيحيين في الكويت يعود في العصر الحديث إلى مئة عام أما في العصر القديم فهناك آثار لكنيسة تعود إلى القرن السادس الميلادي.
يذكر ان الكنيسة الإنجيلية الوطنية في الكويت عضو في مجلس كنائس الشرق الأوسط ويقدر عدد رعاياها في البلاد بحوالي 15 ألف نسمة وراعي الكنيسة الحالي هو القس الكويتي عمانويل غريب ويعد أول قس خليجي معاصر يشغل هذا المنصب