في نهاية أكتوبر  الماضي، أصدر رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية، المستشار تركي آل الشيخ، حزمة قرارات تتعلق بتطوير البنية الأساسية للرياضة السعودية والتحقيق في التقاعس في تنفيذ بعض المشروعات المهمة في نفس المجال.
وبعد أيام قليلة على بداية العام الحالي، كشفت الهيئة العامة للرياضة السعودية عن استضافة المملكة لأكثر من بطولة مهمة على مدار الشهور القليلة المقبلة، لتؤكد بهذا عزم المملكة على الاتجاه بقوة على طريق استقطاب أكبر البطولات في إطار النهضة الرياضية التي تتبعها المملكة حالياً، والتي ستعيد دورها كمصدر إشعاع رياضي قوي في المنطقة.
وكان المستشار تركي آل الشيخ كشف في مؤتمر صحافي أواخر أكتوبر الماضي، وبعد أسابيع قليلة من توليه رئاسة الهيئة العام للرياضة السعودية، عن حزمة قرارات في مقدمتها تهيئة ثلاثة ملاعب في الرياض والدمام وجدة لتصبح جاهزة لدخول العائلات مطلع العام الحالي إضافة لاتخاذ إجراءات سحب المشروعات من مقاولي التنفيذ، الذين تبين قصورهم في تأدية أعمالهم وإنشاء مكتب بالهيئة تحت مسمى "إدارة المشاريع".
كما تضمنت القرارات إنهاء مشروع إستاد الأمير عبد الله الفيصل في جدة خلال مدة لا تتجاوز 18 شهراً وإطلاق مبادرة (ادعم ناديك).
وعلى مدار الشهور القليلة التالية، دخلت الهيئة في سباق مثير لاستقطاب مجموعة من أبرز البطولات في محاولة جادة ورائعة لإعادة مدن المملكة كعواصم للرياضة في منطقة الشرق الأوسط والقارة الآسيوية والعالم.
وبالفعل، استضافت الرياض في نهاية عام 2017 بطولة كأس الملك سلمان للشطرنج بمشاركة 247 لاعباً ولاعبة من 90 دولة بمختلف أنحاء العالم وحققت البطولة نجاحاً هائلاً.
كما استضافت الرياض قبل أيام بطولة دولية للاعبات الإسكواش للمحترفات، وذلك على ملاعب جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن لتكون أول بطولة لمحترفات الإسكواش تستضيفها السعودية.
كذلك، كشفت الهيئة العامة للرياضة قبل أيام عن توقيت استضافة العاصمة الرياض لبطولة سباق الأبطال للسيارات، والذي ستكون أول بطولة لسباقات المحركات تقام في السعودية.
ويشارك في البطولة، التي تقام في 2 و3 فبراير  المقبل، عدد من أبرز نجوم سباقات المحركات في العالم مثل البريطاني ديفيد كولتهارد والكولومبي خوان بابلو مونتويا، نجمي سباقات سيارات فورمولا1.
وبهذا، ينضم إستاد الملك فهد الدولي إلى قائمة الاستادات الكبيرة التي استضافت هذا السباق على مدار نحو ثلاثة عقود، مثل ملعب "عش الطائر" في العاصمة الصينية بكين والملاعب الأولمبية وإستاد "ويمبلي" الشهير في العاصمة البريطانية لندن وإستاد "دو فرانس" بالعاصمة الفرنسية باريس.
كما يستضيف إستاد الملك فهد الدولي بالرياض سباق ماراثون الرياض الدولي، الذي يشارك فيه متسابقون وعداؤون من داخل وخارج السعودية وذلك في ثلاث مسافات هي أربعة وثمانية كيلومترات و21 كيلومتراً.
وإضافة لهذا، تحتضن صالة مدينة الملك عبد الله الرياضية بجدة في مايو  المقبل نهائي بطولة الأسطورة محمد علي كلاي، إحدى أهم بطولات العالم للملاكمة والتي بدأت فعالياتها في سبتمبر  الماضي.
ووقع الاختيار على جدة لاستضافة النهائي في ظل الثقة الكبيرة بنجاح هذا الحدث، من خلال ما توفره الهيئة العامة للرياضة السعودية من إمكانيات لخدمة البطولة، التي أقيمت بعض منافسات أدوارها الأولى في العاصمة الألمانية برلين.
كما تستضيف السعودية الجولة النهائية من النسخة الثالثة لبطولة العالم للدرون، والتي يصل مجموع جوائزها إلى مليون دولار، وتقام في النصف الثاني من 2018.
وتتمثل تلك الرياضة في طائرة بدون طيار يتم التحكم فيها عن بعد، حيث تمر الطائرة عبر مسار طويل ملتف صعوداً وهبوطاً ولا ينبغي الخروج منه، ويتضمن هذا المسار بعض الحواجز التي تزيد اللعبة صعوبة وإثارة، ويكون الفائز هو من يصل أولاً إلى خط النهاية.
وتحرص الهيئة، من خلال استضافة مثل هذه البطولات، على إحياء المتابعة الجماهيرية لعدد من الرياضات وزيادة الاهتمام بممارستها في إطار خطة الدولة للنهوض بالجانب الرياضي وإعادة مدن المملكة إلى مكانتها الطبيعية في عالم استضافة البطولات الكبيرة.
وكانت السعودية، على مدار عقود مضت، لاعباً متميزاً في استضافة البطولات الكبيرة ومنها بطولة كأس القارات لكرة القدم، والتي بدأت بفكرة سعودية حيث استضافت المملكة النسخ الثلاث الأولى من البطولة في 1992 و1995 و1997.
والآن، تأتي الرغبة والإصرار على استضافة هذه البطولات الكبيرة في إطار استراتيجية النهوض الرياضي، والذي يسير بالتوازي مع خطة الدولة لتطوير شتى مناحي الحياة طبقاً لرؤية السعودية 2030، التي تم الكشف عنها في 2016 والتي تتضمن عدداً من المشروعات الضخمة في مختلف المجالات مثل مشروع (نيوم) الذي أعلن عنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في عام 2017.
وإلى جانب العمل على زيادة قاعدة الممارسة الرياضية في السعودية، وإحياء التوعية الجماهيرية بالعديد من الرياضات، كشفت السعودية في 2017 عن برنامج "رياضيي النخبة، ذهب 2022" الذي يهدف للحصول على المركز الثالث آسيويا في دورة الألعاب الآسيوية المقررة بمدينة هانجتشو الصينية عام 2022 وذلك من خلال العمل على تحقيق 100 ميدالية ذهبية.
وفي إطار هذا البرنامج، ينال صاحب الميدالية الذهبية في بطولات العالم أو البطولات الآسيوية 350 ألف ريال فيما ينال الحائز على الميدالية الفضية 250 ألف ريال و125 ألف للحائز على الميدالية البرونزية، كما يوفر البرنامج رواتب شهرية للاعبين بالإضافة إلى التأمين الطبي وأكثر من 200 منحة تدريبية.
وبعدما خسرت الرياضة السعودية في السنوات الماضية عدداً من المواهب الرياضية في مختلف الألعاب، اتخذت الهيئة العامة للرياضة السعودية خطوة مهمة على طريق الدفاع عن هذه المواهب من خلال قرارها بتشكيل لجنة لاستكشاف المواهب الكروية في كرة القدم، واستقطاب الموهوبين وذوي الإمكانات والقدرات الكروية المتميزة من مواليد المملكة المقيمين الذين لا يحملون الجنسية السعودية.
كما اتخذت السعودية خطوة مهمة على طريق منح السيدات الحق في الممارسة والمنافسة بالمجال الرياضي وذلك من خلال بدء الاتحاد السعودي لرفع الأثقال في تنفيذ برنامج السيدات بهدف تشكيل منتخب وطني لسيدات اللعبة، بعدما شهدت الدورتان الأولمبيتان الماضيتان في لندن 2012 وريو دي جانيرو 2016 مشاركة ضعيفة للرياضة النسائية السعودية.
وكانت دورة لندن 2012 هي أول أولمبياد يشهد مشاركة نسائية للسعودية، وذلك من خلال وجدان سراج الدين في منافسات لجودو لوزن فوق 78 كيلوغراما، والعداءة سارة عطار في سباق 800 متر.
وقبل أيام قليلة، شهدت مباراة الأهلي والباطن في الدوري السعودي لكرة القدم أول حضور للسيدات في المدرجات بملاعب كرة القدم ليكون هذا الحضور الأول من نوعه.
الجدير بالذكر أن الخطة الطموحة في السعودية للنهوض بالجانب الرياضي لا تقتصر على الارتقاء بالرياضة السعودية فقط، وإنما حرصت على القيام بدورها العربي من خلال المساهمة في الارتقاء بهذا الجانب في معظم البلدان المجاورة.
وبذلت السعودية جهداً كبيراً في رفع الإيقاف عن كرة القدم الكويتية، بعدما عانت الرياضة الكويتية من الحظر المفروض عليها منذ أكتوبر  2015 وحتى رفع الإيقاف في أواخر 2017 لتستضيف الكويت فعاليات النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج (خليجي 23) والتي توج المنتخب العماني بلقبها.
في نفس الوقت، تبذل الهيئة العامة للرياضة السعودية بقيادة المستشار تركي آل الشيخ جهوداً حثيثة لرفع الحظر المفروض من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على العراق.
كذلك، لعب تركي آل الشيخ دوراً بارزاً في بدء خطوات تنفيذ أحد أهم المشروعات الرياضية في منطقة الشرق الأوسط، من خلال العمل على جمع عدد من المستثمرين السعوديين والإماراتيين والمصريين لتنفيذ مشروع إستاد النادي الأهلي المصري في القاهرة، والذي وصفه الأهلي بأنه "مشروع القرن" ولم يتردد رئيسه محمود الخطيب في تنصيب آل الشيخ رئيساً فخرياً للنادي لجهوده في الارتقاء بمستوى الرياضة العربية.
وجاء هذا بعد يومين فقط من إعلان مؤتمر دبي الرياضي السنوي عن اختيار آل الشيخ، رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم، كأكثر شخصية تأثيراً في كرة القدم العربية لعام 2017.