تحولت أسعار النفط إلى الصعود أمس متفاعلة مع إعلان السعودية استعدادها للتعاون مع غيرها من الدول المنتجة والمصدرة للنفط من أجل استقرار الأسعار.
وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 28 سنتا إلى 42.18 دولار للبرميل بحلول الساعة 1230 بتوقيت جرينتش بعدما نزل أكثر من 3 بالمئة بسبب صعود الدولار. وزاد خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة تسليم (يناير) 67 سنتا إلى 45.33 دولار للبرميل.
واعتبر متعاملون في سوق النفط أن التراجعات الحادة التي مني بها الخام في بداية التعاملات ناتجة بشكل أساسي عن صعود الدولار الأمريكي الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط، وفي نفس تزايد المخاوف من استمرار وتفاقم حالة تخمة المعروض نتيجة استبعاد روسيا ومنظمة «أوبك» أي توجه نحو خفض الإنتاج، خاصة مع قرب انعقاد الاجتماع الوزاري للمنظمة في 4 ديسمبر المقبل.
من جهته قال سيفين شيميل؛ مدير شركة «في جي اندستري» الألمانية، «إنه من الواضح أن الأسعار المنخفضة للنفط الخام ستستمر بعض الوقت، وأن التعافي سيكون بطيئا ويحتاج إلى فترة أكثر من المتوقع»، مشيرا إلى أن الخلافات بين المنتجين ليست في مصلحة السوق، وستؤدي إلى مزيد من التوتر في الأسواق وربما مزيد من الانهيارات السعرية. وأشار إلى أن فنزويلا تحدثت أخيرا عما أسمته بحرب الأسعار، وطالبت منظمة «أوبك» بتقديم مساهمات أكبر لاستعادة الاستقرار في السوق، موضحا أن عملية تصحيح السوق نفسها ذاتيا عملية بطيئة نسبيا ولا تتحملها اقتصاديات الدول المنتجة الأقل نموا.
وشدد على ضرورة استغلال الاجتماع الوزاري المقبل في الوصول إلى صيغة توافق قوية بين المنتجين وإرسال رسائل قوية للسوق، بأن كل المنتجين يتعاونون من أجل ضبط الإنتاج وتحقيق الاستقرار، وأن التنافس على الحصص السوقية لن يؤدي إلى حرب أسعار أو إغراق في التصدير، وهو ما يتطلب أن يفكر المنتجون في مصلحة السوق بجانب مصلحة اقتصاد بلادهم.
ولفت إلى أن فكرة النطاق السعري التي تحث فنزويلا على تطبيقها قد تكون صعبة في التطبيق في ظروف السوق الراهنة، وفي نفس الوقت يجب أن يتعاون المنتجون من أجل حماية السوق من مزيد من الانهيارات السعرية، حيث يتوقع البعض ومنهم فنزويلا أن تهبط الأسعار إلى مستوى العشرينيات. وأضاف، أن «اضطراب سوق النفط ليس في مصلحة المنتجين أو المستهلكين على السواء، وأن استعادة الاستقرار ضرورة من أجل التنمية، لأن الارتفاعات الحادة والانخفاضات الحادة مضرة لكل أطراف الصناعة».
 بدوره، قال مايكل تورنتون المحلل في مبادرة الطاقة الأوروبية، «إن فنزويلا وهي عضو بارز في منظمة «أوبك» أطلقت قبل أيام قليلة من الاجتماع الوزاري، تصريحات تزيد المخاوف في السوق وتمثل حلقة ضمن حلقات جهودها المكثفة لخفض الإنتاج دعما للأسعار»، مبينا أن المسؤولين في فنزويلا تحدثوا عن مزيد من الانهيارات في أسعار النفط إلى مستويات 20 دولارا للبرميل، فيما أرجعت ذلك في الأساس إلى إصرار «أوبك» على مستويات مرتفعة من الإنتاج. وأشار إلى أن فكرة النطاق السعري ستكون محل جدل واسع في الاجتماع الوزاري المقبل لـ «أوبك»، خاصة أن المقتنعين بها دول قليلة وربما يكونان فنزويلا والجزائر فقط، موضحا أهمية احتواء الخلافات والخروج بقرارات مرضية لكل المنتجين ولا تصب إلا في مصلحة المنظمة والسوق، مبينا أن «أوبك» قادرة بالفعل على تحقيق ذلك بسبب خبرتها الطويلة وتماسك وتعاون الدول الأعضاء فيها. وأضاف، أنه «رغم حالة الجدل والضغوط المتبادلة، إلا أن «أوبك» أقرب إلى استبعاد فكرة خفض مستويات الإنتاج والتمسك بالاستراتيجية الحالية الرامية إلى الدفاع عن الحصص السوقية دون النظر إلى مستويات الأسعار».
ولفت إلى أن مخاوف فنزويلا من وصول سعر البرميل إلى 25 دولارا غير دقيقة، لأن مستويات الطلب تجعل من الصعب الوصول إلى هذا السعر، كما وضح أن القاع السعري للانخفاضات أعلى من هذا المستوى وهو ما تحقق في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي. من ناحيته، أوضح ماركوس كروج كبير محللى «ايه كنترول» لأبحاث النفط والغاز، أن غياب روسيا عن الاجتماعات السابقة للاجتماع الوزاري لمنظمة «أوبك»، يثير عديدا من التساؤلات عن مبررات الموقف الروسي، خاصة أن روسيا تتفق مع دول الخليج في فكرة عدم جدوى خفض الإنتاج.