شكلت نهاية عام 2015 نقطة تحول تاريخية من ناحية نظرة المستثمرين والعالم عموما إلى اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي وأسواق الأسهم الخليجية، حيث شهد عام 2015 وصول أسعار النفط إلى مستويات لم تشهدها على مدى السنوات الإحدى عشرة الماضية مثيرة ردود أفعال غير مسبوقة من الهيئات التنظيمية في المنطقة. وقد أدى الاعتماد الكبير لدول المنطقة على إيرادات النفط إلى فرض ضغوط على موازناتها مما نتج عنه تراجع حاد في الموازنة ووصول العجز إلى مستويات تاريخية من الارتفاع (كما هو الحال في موازنة السعودية). وبقي المستثمرون في حالة ترقب مستمر لأوضاع السوق مما أثر على نشاط التداول في أسواق الأسهم. إضافة إلى ذلك، سادت حالة من التقلب الملحوظ أسواق المنطقة بسبب الارتباط الوثيق ما بين النشاط الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي وأسعار النفط.
من ناحية أخرى، كان عام 2015 بمثابة نقطة انطلاق مرحلة جديدة من ضبط الأوضاع المالية. وقد أدى قرار عودة أسعار الفائدة إلى مستوياتها الطبيعية في الولايات المتحدة والذي تم الإعلان عنه في شهر ديسمبر إلى حدوث المزيد من التقلب في الأصول بجميع فئاتها على مستوى العالم. ومن ثم، رفعت أيضا دول الخليج أسعار الفائدة ردا على قرار رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وللحفاظ على ارتباط عملاتها بالدولار الأمريكي. ومن المتوقع أن يؤدي استمرار رفع أسعار الفائدة على النحو الذي تخطط له الولايات المتحدة إلى ارتفاع تكلفة تمويل الشركات الخليجية وسيكون من الصعب عليها جمع الأموال اللازمة في المستقبل القريب. ومن ناحية أخرى، بدأت الحكومات الخليجية في خفض دعم قطاع النفط كما أنها تفكر جديا في رفع الضرائب وتطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة.
أما من الناحية الإيجابية، وفيما يتعلق بأداء الشركات الخليجية، فقد حافظت معظم قطاعات الأسواق على مستوى أرباح قوية عن فترة التسعة شهور الأولى من عام 2015 محققة نموا إيجابيا باستثناء الشركات العاملة في قطاع النفط والغاز والشركات ذات الصلة. ونتيجة لذلك، بقيت مضاعفات التقييم مغرية لمتصيدي الصفقات الذي يسعون إلى اقتناص الأسهم ذات السعر المتدني.
أداء الأسواق العالمية: اتسم عام 2015 بالتقلب الحاد في الأسواق بسبب عدد من العوامل المحركة من ضمنها استمرار حالة الركود في أسعار السلع الاستهلاكية والمخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. إضافة إلى ذلك، سجلت الأسواق في عام 2015 أسوأ أداء ربع سنوي لها منذ عام 2011 في الربع الثالث حيث خسرت الأسواق العالمية أكثر من 11 تريليون دولار أمريكي من قيمتها السوقية بسبب استمرار الاتجاه النزولي في الأسواق نتيجة لانخفاض أسعار السلع الاستهلاكية، وتخفيض قيمة العملة الصينية خلال شهر أغسطس، وتوقعات ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية. وأنهت أسواق الأسهم الأمريكية تداولاتها بنهاية عام 2015 على نحو مستقر مسجلة أقل تقلب رغم أنها قد واجهت بعض الضغوط التي دفعتها إلى الانخفاض خلال شهر سبتمبر نتيجة للتكهنات التي أحاطت بإعلان قرار السياسة النقدية الأمريكية. وشهدت أسواق الأسهم الأوروبية (فيما عدا سوق المملكة المتحدة) صعودا قصير الأجل استمر حتى منتصف شهر أبريل مدعوما بصدور قرار من البنك المركزي الأوروبي بتطبيق برنامج التحفيز الاقتصادي. ومع ذلك، لم يتمكن السوق من المحافظة على زخم نموه حيث أثرت المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين على الدول الأوروبية المصدرة ومنتجي السلع الاستهلاكية مما أدى إلى حدوث عمليات بيع جماعي للسلع أثرت سلبا على أسعارها وعلى مؤشرات الأسواق الناشئة. إضافة إلى ذلك، تسبب عدم التيقن المحيط بتوقيت رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة في جعل المستثمرين أكثر حذرا. ومع ذلك، ساعدت المكاسب التي حققتها الأسواق في الفترة السابقة المؤشر على إنهاء تداولات عام 2015 بعوائد بلغت نسبة 9 بالمئة. وفي منطقة آسيا والمحيط الهادي، شهد السوق الياباني أيضا صعودا مدعوما بتطبيق إجراءات تحفيزية، جعلته واحدا من أفضل الأسواق أداء في عام 2015، في حين انتهى الاتجاه الصعودي الذي شهده السوق الصيني على مدى 18 شهرا في شهر يونيو بعد ارتفاع أسعار الأسهم إلى مستواها في عام 2007 وبعد تسجيل عوائد تجاوزت نسبة 50 بالمئة في عام 2004. ورغم ذلك، شهد المؤشر انتعاشا في نهاية العام أدى إلى تحقيق عوائد بلغت أكثر من نسبة 9 بالمئة لعام 2015. وكانت أسهم قطاعات النفط والسلع الاستهلاكية أكثر الفئات التي تأثرت خلال عام 2015 بسبب التراجع الذي شهدته أسواق السلع الاستهلاكية في جميع أنحاء العالم.
الاسواق الخليجية
أداء أسواق الأسهم الخليجية في عام 2015: أنهت جميع مؤشرات أسواق الأسهم في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تعاملاتها في المنطقة الحمراء حيث كان التراجع الأكبر من نصيب السوق السعودي لانخفاضه بنسبة 17.1 بالمئة تلاه مؤشر سوق دبي بانخفاض بلغ نسبة 16.5 بالمئة، في حين سجل مؤشر سوق أبو ظبي أقل نسبة انخفاض 4.9 بالمئة. ويعتبر انخفاض مؤشر السوق السعودي الثاني على التوالي عقب انخفاضه بنسبة 2.4 بالمئة في عام 2014. إضافة إلى ذلك، فرض تراجع أسعار النفط ضغوطا متزايدة على الأسواق وخاصة السوق السعودي الذي تكبد أكبر الخسائر نظرا لكون المملكة العربية السعودية المنتج الأكبر للنفط في العالم. ومن ناحية حجم أسواق الأسهم الخليجية، محا التراجع المسجل خلال عام 2015 ما نسبته 13.4 بالمئة أو ما يوازي 138 مليار دولار أمريكي من القيمة السوقية لدى أسواق الأسهم الخليجية بعد ارتفاعها بنسبة 7.5 بالمئة أو ما يوازي 73 مليار دولار أمريكي خلال عام.
وجاء التراجع المسجل خلال عام 2015 على الرغم من إدراج أسهم ست شركات في سوق الأسهم (معظمها في السوق السعودي) حيث كان الاتجاه العام للسوق منخفضا. إلى ذلك، نتوقع أن تنفذ دول المنطقة المزيد من التدابير الإصلاحية في عام 2016 حيث تعمل دول المنطقة على الإنفاق على المشروعات الهامة في مجال البنية الأساسية كما أنها تبذل مساعي جادة في سبيل تنويع مواردها الاقتصادية والحد من الاعتماد على النفط وبناء اقتصاد غير نفطي يحقق النمو المستمر.   الكويت: تراجعت مؤشرات سوق الكويت للأوراق المالية خلال الشهر الأخير من عام 2015 تماشيا مع الاتجاه السائد في بقية أسواق الأسهم الخليجية بسبب انخفاض معنويات المستثمرين إضافة إلى التراجع الحاد الذي سجله نشاط التداول. حيث انخفض المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 13 بالمئة مسجلا تراجعا أقل بدرجة طفيفة من معظم مؤشرات الأسواق الأخرى في المنطقة. وفي نفس الوقت، انخفض المؤشر السعري لسوق الكويت للأوراق المالية بمعدل أكثر حدة بلغ نسبة 14.1 بالمئة، في حين انخفض مؤشر «كويت 15» للأسهم ذات الرسملة الكبيرة بنسبة أعلى بلغت 15.0 بالمئة. الى ذلك، يمر سوق الكويت للأوراق المالية حاليا بتغيرات هيكلية حيث تم إلغاء إدراج بعض الأسهم غير النشطة خلال العام، ومع ذلك فهي لم تترك سوى تأثير ضئيل على القيمة السوقية حيث تراجعت بنسبة 11.9 بالمئة خلال عام 2015 بسبب صغر حجم هذه الشركات إضافة إلى إدراج سهم شركة ميزان القابضة في شهر يونيو. وفيما يتعلق بأداء قطاعات السوق، تراجعت جميع المؤشرات باستثناء مؤشر قطاع التأمين. حيث سجل قطاع النفط والغاز أكبر نسبة تراجع سنوي له بانخفاضه بنسبة 32.7 بالمئة بسبب تراجع العوامل الأساسية المحيطة بسوق النفط والغاز والشركات ذات الصلة.
في حين، سجل مؤشر قطاع الخدمات المالية ثاني أعلى نسبة تراجع بلغت 24.6 بالمئة تلاه مؤشري قطاع الاتصالات وقطاع السلع الاستهلاكية اللذان تراجعا بنسبة 22.7 و18.2 بالمئة، على التوالي.
إضافة إلى ذلك، تراجع نشاط التداول في سوق الكويت خلال عام 2015 بالغا مستويات تاريخية من الانخفاض بسبب تدني الحالة المعنوية للمستثمرين. حيث انخفض إجمالي كمية الأسهم المتداولة في السوق بنسبة 22 بالمئة ليصل إلى 41.5 مليار سهم في حين انخفضت القيمة المتداولة بنسبة 35.2 بالمئة لتصل إلى 3.96 مليار دينار كويتي فيما يعد أدنى مستوى لها منذ بدء الأزمة المالية. كما تراجع إجمالي صفقات السوق بنسبة 19.7 بالمئة ليصل إلى 961.6 ألف صفقة خلال عام 2015.  
 السعودية: حقق مؤشر سوق الأسهم السعودي أكبر انخفاض سنوي على مستوى أسواق الأسهم الخليجية حيث تراجع بنسبة 17.1 بالمئة ويعزى ذلك بصفة أساسية إلى الشكوك المحيطة بأسعار النفط. وكان سوق « تداول» قد استهل عام 2015 بنتائج إيجابية لكن نظرا لأن أسعار النفط لم تنجح في الحفاظ على الزخم الإيجابي الذي شهدته منذ بداية العام فقد حذا مؤشر السوق حذوها وهبط من أعلى مستوى له بنسبة قاربت 30 بالمئة خلال العام. وفيما يتعلق بأداء قطاعات السوق، سجل مؤشر قطاع الإعلام والنشر أعلى عائد سنوي بلغت نسبته 57.3 بالمئة تلاه مؤشر قطاع النقل والمواصلات بارتفاع بلغت نسبته 7.5 بالمئة ثم مؤشر قطاع الطاقة والمرافق بنسبة 1.4 بالمئة. كما سجل مؤشر قطاع العقار عوائد إيجابية طفيفة بلغت نسبتها 0.8 بالمئة بينما أنهت بقية المؤشرات تداولات عام 2015 بنتائج سلبية. حيث كان مؤشر قطاع الأسمنت الأكثر تراجعا خلال عام 2015 بانخفاضه بنسبة 33.7 في المئة تلاه مؤشرات قطاعي البناء والتشييد والبتروكيماويات اللذان سجلا عوائد سلبية بلغت 30.4 بالمئة و27 بالمئة، على التوالي. من ناحية أخرى، بلغت حصيلة الاكتتابات العامة الأولية المحلية حوالي 1 مليار دولار أمريكي خلال عام 2015 مما ساعد على كبح جماح الانخفاض في القيمة السوقية. إضافة إلى ذلك، تراجع نشاط التداول في السوق متأثرا بالتراجع الذي شهدته بقية أسواق المنطقة، حيث انخفض إجمالي قيمة الأسهم المتداولة خلال عام 2015 بنسبة 24.7 بالمئة ليصل إلى 1.6 تريليون ريال سعودي، في حين انخفض إجمالي الكمية المتداولة بنسبة 6 بالمئة ليصل إلى 65 مليار سهم كما تراجع إجمالي عدد الصفقات بنسبة 17.6 بالمئة بالغا 29.5 مليون صفقة.  
الإمارات: أنهى مؤشر سوق أبو ظبي المالي تداولات عام 2015 كأفضل الأسواق أداء في منطقة الخليج حيث كان السوق الوحيد في المنطقة الذي استطاع تفادي تسجيل انخفاضات ثنائية الأرقام. ورغم ذلك، تراجع المؤشر بنسبة 4.9 بالمئة وأنهى تعاملاته عند مستوى 4.307.26 نقطة غير أن حدة هذا التراجع قد تقلصت بفضل الأداء الإيجابي لمؤشر قطاع الاتصالات الذي ارتفع بنسبة تجاوزت 61 بالمئة حيث دعمت شركة اتصالات العملاقة المؤشر بمكاسب توازي تلك التي حققها المؤشر طوال العام بأكمله. إضافة إلى ذلك، أنهى مؤشر قطاع السلع الاستهلاكية تعاملاته في المنطقة الخضراء خلال عام 2015 مرتفعا بنسبة 22 بالمئة. وانخفض نشاط التداول على أساس سنوي حيث تراجعت القيمة المتداولة بنسبة تجاوزت 63 بالمئة مقارنة بمستواها في عام 2014. وتتضمن قائمة القطاعات المتراجعة خلال عام 2015 قطاع الخدمات المالية والاستثمار (-23 بالمئة) تلاه قطاع التأمين (22 بالمئة) ثم البنوك (16.8 بالمئة).
   تسببت الآثار الناتجة عن انخفاض أسعار النفط والسلع في تراجع سوق دبي وإحداث صدمة للمستثمرين العقاريين خلال عام 2015. ونتيجة لذلك بقي مؤشر سوق دبي متقلبا خلال عام 2015 وأنهى تداولات العام بتراجع كبير بلغت نسبته 16.5بالمئة على أساس سنوي ليغلق المؤشر عند مستوى 3,151 نقطة. إضافة إلى ذلك، سجل السوق تراجعا في نشاط التداول السنوي الذي انخفض بنسبة تعدت 60 بالمئة. وساد الذعر سوق الاستثمار العقاري المباشر والشركات المدرجة على حد سواء، حيث أنهى مؤشر قطاع البناء والتشييد تداولات عام 2015 كأسوأ المؤشرات أداء بتراجعه بنسبة 25.4 بالمئة. ومن جهة المؤشرات التي أنهت تداولات العام بنتائج إيجابية فكانت مؤشرات القطاعات الدفاعية مثل الاتصالات، والسلع الاستهلاكية، وغيرها.
قطر: شهدت بورصة قطر، التي كانت أفضل أسواق المنطقة أداء في عام 2014، اتجاهات متناقضة في عام 2015 وأنهت العام بتراجع المؤشر بنسبة 15.1 بالمئة وأغلق عند مستوى 10,429.36 نقطة. ويعزى هذا الانخفاض إلى قطاع الاتصالات الذي انخفض بنسبة 33.6 بالمئة بسبب التراجع الكبير في أسهم شركتي أوريدو وفودافون قطر المدرجتين في القطاع، حيث انخفضت بأكثر من نسبة 39 بالمئة و22 بالمئة، على التوالي. وأسهمت المؤشرات ذات الثقل الوزني الكبير مثل قطاعات الصناعة والبنوك والخدمات المالية في انخفاض مؤشر البورصة بتراجعهما بنسب 21 بالمئة و12 بالمئة على التوالي. وانخفضت قيمة الأسهم المتداولة بما يقرب من نسبة 53 بالمئة لتصل إلى 93 مليار ريال قطري مقابل 199 مليار ريال قطري في عام 2014.  
البحرين: بعد أن أنهى عام 2014 بنتائج إيجابية، تراجع المؤشر العام لبورصة البحرين بنسبة 15 بالمئة على أساس سنوي لينهي عام 2015 عند مستوى 1,216 نقطة حيث أثرت المعنويات السلبية التي سادت السوق بسبب المخاوف من انخفاض أسعار النفط والقلق إزاء الأوضاع الاقتصادية سلبا على أداء المؤشر ونشاط التداول. فقد تراجع نشاط التداول بنسبة تجاوزت 58 بالمئة على أساس سنوي في عام 2015.
عمان: تراجع مؤشر سوق مسقط 30 بنسبة 14.8 بالمئة خلال عام 2015 تماشيا مع أداء بقية المؤشرات في سوق مسقط للأوراق المالية. وقاد هذا التراجع مؤشر قطاع الصناعة الذي هبط بنسبة 19.1 بالمئة تلاه مؤشر قطاع الخدمات المالية الذي تراجع بنسبة 16 بالمئة خلال عام 2015. ومن ناحية نشاط التداول، تراجعت القيمة السنوية المتداولة في السوق بأكثر من نسبة 40 بالمئة لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ ثلاث سنوات مسجلة 1.2 مليار ريال عماني كما تراجع إجمالي كمية الأسهم المتداولة في السوق بنسبة 12.8 بالمئة ليصل إلى 4.6 مليار سهم في حين انخفض إجمالي عدد الصفقات بنسبة 37.7 بالمئة ليصل إلى 182,359 صفقة.