عشرات الآلاف من الأطفال اليمنيين وجدوا أملا جديدا في الحياة والتعافي من خلال حملة (أطفال اليمن) التي أطلقتها (جمعية الرحمة العالمية) بدعم شعبي كويتي لعلاج 100 ألف طفل يمني من سوء التغذية الحاد الذي يهدد حياة ومستقبل نحو مليوني طفل وفقا لتقارير الأمم المتحدة.
وتعمل الحملة التي دشنت في يونيو الماضي وتستمر لمدة عام كامل بميزانية قدرها مليون دولار في مسارات متعددة من خلال تقديم خدمات رعاية صحية متكاملة للأطفال والأمهات الحوامل والمرضعات والدعم الغذائي والمشورة في جوانب التغذية والتطبيب في ست حافظات يمينة.
ومنذ توقيع الاتفاقية مع وزارة الصحة اليمنية ومكاتبها في المحافظات قامت الحملة بدعم ستة مراكز صحية لتغطي تكاليف العلاج الطبي والتغذوي والفحوص التشخيصية للأطفال المصابين بحالات سوء التغذية الحاد الوخيم وهو الأكثر خطورة وفتكا ويعاني منه نحو 360 ألف طفل يمني.
وفي هذا الصدد كشفت (مؤسسة التواصل للتنمية الإنسانية) المنفذة للمشروع في تقرير صادر عنها اخيرا عن ان عدد المستفيدين من الحملة خلال الفترة من يونيو الى أكتوبر الماضيين بلغ أكثر من 50 ألفا في محافظات عدن وحضرموت وتعز وأبين والحديدة وصنعاء.
وجاء في التقرير ان فرق (متطوعات صحة المجتمع) التي شكلتها الحملة تنفذ زيارات ميدانية إلى المنازل في المناطق المستهدفة للكشف المبكر عن حالات سوء التغذية لدى الأطفال والأمهات الحوامل والمرضعات وإيصال العلاجات للأطفال الذين لا تملك أسرهم إمكانية الوصول إلى المراكز الصحية وتثقيف الأسر بأسباب ومخاطر سوء التغذية وكيفية التغلب عليها.
كما تقوم الحملة بتوزيع السلات الغذائية النوعية وحقائب النظافة بشكل دوري على الأسر التي يعاني أطفالها من سوء التغذية بهدف الإسهام في تحسين وضعهم المعيشي ووجباتهم الغذائية اللازمة للنمو السليم. وفي هذا الصدد أشاد وزير الصحة العامة والسكان اليمني الدكتور ناصر باعوم في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الثلاثاء بالجهود الانسانية التي تبذلها الكويت بشكل مباشر أو عبر الهيئات والجمعيات الإغاثية والانسانية المانحة وعبر الفرق الميدانية المتواجدة والتي تعمل في اليمن.
ونوه بجهود (جمعية الرحمة العالمية) والحملة التي تنفذها في عدد من المحافظات لمعالجة الاطفال من سوء التغذية الحاد مشيرا إلى أن الحملة قامت بمعالجة أكثر من 50 ألف طفل مصاب بسوء التغذية الحاد في ست محافظات في اطار الحملة التي تستهدف نحو 100 الف طفل.
وأعرب عن بالغ الشكر والتقدير للكويت أميرا وحكومة وشعبا والجمعيات الاغاثية على مبادراتهم الإنسانية التي تأتي امتدادا للدور الكويتي التاريخي في دعم اليمن.
وبين أن هذه المبادرات الإنسانية تنسجم مع مكانة الكويت باعتبارها مركزا عالميا للعمل الإنساني ومكانة سمو امير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كرمته الأمم المتحدة قائدا للعمل الانساني على مستوى العالم.
ومن جانبه اعرب المنسق العام للجنة العليا للإغاثة جمال بالفقيه في تصريح ل(كونا) عن الشكر والتقدير للكويت أميرا وحكومة وشعبا لوقوفهم الدائم بجانب اليمن ودعمهم له منذ الوهلة الأولى للصراع في قطاعات الصحة والتعليم والمياه والاصحاح البيئي والغذائي وغيرها.
وثمن جهود حملة (أطفال اليمن) باعتبارها لفتة إنسانية كريمة من (جمعية الرحمة العالمية) لإعانة الأطفال المصابين بسوء التغذية.
وأشار إلى أن (مؤسسة التواصل) قامت برصد كثير من الأطفال المصابين بسوء التغذية وقامت بعلاجهم حيث بلغ عدد المستفيدين خلال الأشهر الماضية أكثر من 50 ألف حالة في ستة مراكز صحية تتوزع في ست محافظات.
وقامت (كونا) بزيارة لاحد المراكز التي تدعمها حملة (أطفال اليمن) في (المستشفى اليمني السويدي للأمومة والطفولة) بمدينة (تعز) للاطلاع على أنشطة الحملة عن كثب.
وفي قسم طوارئ الأطفال الخاص بسوء التغذية يرقد خمسة أطفال حسب الأسرة المتاحة ويعانون عوارض صحية غدت فتاكة لمصاحبتها بسوء التغذية الحاد الوخيم الذي يضعف المناعة بشكل شبه كلي وفقا للأطباء.
وذكرت ثلاث ممرضات يعملن في القسم ل(كونا) أن العديد من الأسر اضطرت لإخراج أطفالها بحالتهم الميؤوسة ليواجهوا مصيرهم المحتوم لعدم قدرتها على دفع فاتورة العلاج المكلفة لكن الأمر اختلف منذ دشنت (الرحمة العالمية) حملتها وتكفلت بكل الأعباء.
وأكد آباء وأمهات الأطفال المتواجدين في القسم ل(كونا) أنهم لم يدفعوا أي مبالغ مقابل العلاج أو التشخيص الذي تكفلت به حملة (أطفال اليمن).
من جهته قال رئيس قسم التغذية بالمستشفى الدكتور عبدالقوي المخلافي في تصريح ل(كونا) إن الحملة التي تنفذها (الرحمة العالمية) تحمل كل معاني الرحمة بالفعل لأنها منقذة لأرواح الأطفال دون مشقة على أهلهم.
وأضاف "معظم الحالات تصل إلينا بحالة حرجة بعد إصابتها بأمراض والتهابات فيروسية تغدو خطيرة جراء معاناة الأطفال من سوء التغذية الحاد الوخيم ونقص المناعة واستقواء البكتيريا لتقاوم أصنافا كثيرة من المضادات الحيوية وبالتالي ترتفع تكلفتها العلاجية بشكل كبير". وأشار إلى "أن بعض المنظمات والجهات الداعمة لديها برامج دعم جزئي محل تقدير لكن أغلب الناس معدمون ولا يمتلكون تكاليف بقية الأدوية التي قد تتراوح ما بين 30 ألف ريال إلى 40 ألفا يوميا (ما يعادل ما بين 50 و60 دولارا) لأيام أو أسابيع ما يضطرهم لمغادرة المستشفى وانتظار الموت وهو ما تجاوزته حملة (أطفال اليمن) الكويتية".
وبدوره قال مدير عام (مؤسسة التواصل للتنمية الانسانية) رائد إبراهيم ل(كونا) "إن الكويت تثبت كل يوم أنها موطن العطاء والعمل الإنساني وتبين ذلك من خلال الاستجابة الشعبية النوعية والعاجلة لأكبر مبادرة إنسانية أطلقتها (جمعية الرحمة العالمية) لإنقاذ حياة أطفال اليمن الذين يعتبرون من الفئات الأشد ضعفا وتأثرا بأوضاع وظروف الحرب".
وأضاف "منذ انطلاق الحملة وحتى اليوم بلغ عدد حالات الأطفال والأمهات الذين تجاوزوا مرحلة الخطر واستقرت حالتهم الصحية والغذائية بفعل التدخلات المباشرة للحملة أكثر من 50 ألف حالة".
وبين أن هذه الحملة الإنسانية جسدت معاني الأخوة الصادقة بين البلدين الشقيقين وعززت من مكانة الكويت قلبا نابضا بالإنسانية ويدا معطاءة بالخير وسندا كريما للإنسانية في اليمن وفي كل مكان.