قال صحفيان تركيان اعتقلا بتهمة التجسس ومساعدة جماعة إرهابية في رسالة بالفاكس من محبسهما، إن الهدف من إلقاء القبض عليهما هو إرسال تحذير إلى الصحافيين.

وجرى اعتقال رئيس تحرير صحيفة جمهوريت اليسارية جان دوندار وكبير محرري الصحيفة اردم جول في 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، بسب نشر لقطات زعمت الصحيفة أنها تظهر أن جهاز المخابرات التركي يساعد في إرسال أسلحة إلى سوريا.

وتتسم مسألة تدخل تركيا في سوريا بالحساسية الشديدة، بعد أن تعرضت الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي لضغوط من أجل الاضطلاع بدور أكثر فعالية في الحرب ضد تنظيم داعش هناك، ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ما نشرته الصحيفة بانه محاولة لتقويض مكانة تركيا على الساحة العالمية.

رقابة ذاتية
وقال الصحفيان في فاكس مكتوب بخط اليد أجازته لجنة تطلع على مراسلات السجناء "اعتقالنا رسالة واضحة تستهدف الصحافة وهي تقول لا تكتب، هذه حملة مباشرة ترمي إلى الرقابة الذاتية".

وأضاف الصحفيان أنهما ظلا محتجزين في حبس انفرادي لمدة 40 يوماً، قبل انتقالهما إلى عنبر واحد في السجن.

وأوضحا "لأننا نعتقد أن اعتقالنا ليس قانونياً لكن سياسياً فإنه من الصعب أن نخمن إلى متى سيستمر، اعتقالنا يمثل في حد ذاته انتهاكاً للقانون الحالي".

وقال محاميهما إن وزارة العدل رفضت طلبات تقدم بها أكثر من 100 من الصحافيين والمسؤولين الأجانب والمنظمات غير الحكومية، لزيارتهما.

ولا يُسمح إلا لمحاميهما وأفراد عائلتهما وأعضاء بالبرلمان بزيارتهما، ويقول مسؤولو الحكومة إن اعتقالهما مسألة تخص القضاء وليست مسألة سياسية لذا فإنهم لا يستطيعون التدخل فيها.

وأثار اعتقال الصحفيين احتجاجات في تركيا وندد به مسؤولون من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، عبروا عن قلقهم من أن أردوغان وحكومته يحاولان إسكات أصوات المنتقدين، وممارسة نفوذ كبير للغاية على المحاكم بعد فوز حزب العدالة والتنمية بالأغلبية المطلقة في انتخابات الأول من نوفمبر (تشرين الثاني).

ووجهت إلى جول ودوندار وهو أيضاً مخرج افلام وثائقية ذائع الصيت اتهامات بالتجسس ومساعدة منظمة إرهابية، ويصر الصحفيان على عدم وجود أي أساس قانوني لاعتقالهما.

"ثمن كبير"
ونشرت صحيفة جمهوريت وهي واحدة من أقدم الصحف التركية والمرتبطة بالمعارضة العلمانية بالبرلمان صوراً ومقاطع فيديو وموضوعاً في مايو (أيار)، قالت إنها تظهر نقل مسؤولين من المخابرات أسلحة إلى سوريا في شاحنات يزعم أنها موجهة إلى مقاتلي المعارضة.

ويقول أردوغان إن الشاحنات التي أوقفها جنود في ذلك اليوم بالقرب من مدينة أضنة وهي في طريقها إلى الحدود السورية تابعة لجهاز المخابرات، وقال إنه ليس لممثلي الادعاء سلطة إصدار أوامر بتفتيش الشاحنات وإن تصرفهم جاء في اطار مؤامرة لتشويه الحكومة التركية.

وتعهد في الوقت نفسه بأن تدفع صحيفة جمهوريت ثمناً كبيراً وقال "لن أتراجع عن هذا".

وقال رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو الذي خلف إردوغان في رئاسة حزب العدالة والتنمية الحاكم إنه يتعين محاكمة دوندار وجول بتهمة تهديد المصالح الاستراتيجية لتركيا، ولكن يجب عدم سجنهما قبل تلك المحاكمة، لكنهما ما زالا رهن الاعتقال في سجن يبعد نحو 80 كلم غربي اسطنبول، دون توجيه اتهام أو تحديد موعد لمحاكمتهما.

وهناك نحو 12 صحافياً في تركيا يقضون أحكاماً بالسجن أو رهن الاعتقال انتظاراً لمحاكمتهم، وتقول لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك إنه لا توجد دولة تتفوق على تركيا بالنسبة لعدد المعتقلين سوى الصين وإيران واريتريا.