يحرص التونسيون خلال شهر رمضان المبارك على الحفاظ على تقاليدهم وعاداتهم الغذائية خلال شهر الصيام، والتي تختلف عن باقي الأيام العادية، إذ يتغيّر نمطهم الاستهلاكي، فتراهم يقبلون على شراء كميات أكبر من عدة أنواع من المواد الغذائية، على غرار الألبان والحليب ومشتقاته واللحوم بجميع أنواعها والبيض والأسماك والحلويات، الأمر الذي يتسبب بطوابير طويلة أمام المحلات على مدى كامل الشهر الكريم.
وذكر تقرير لوكالة الأنباء القطرية، أنه مع انطلاق أولى أيام الشهر الفضيل، يتهافت التونسيون على الأسواق البلدية والأسواق الأسبوعية على حد سواء للتزود بحاجياتهم الاستهلاكية ولو بقدر أكبر من متطلباتهم، في المقابل يجنح بعض التجار لاستغلال الإقبال الكبير للمستهلكين لرفع الأسعار.
ورغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في تونس منذ سنوات جراء الارتفاع المتزايد لكلفة الإنتاج، وما سببه ذلك من تداعيات سلبية على المقدرة الشرائية للمواطنين، فإن هذه الأوضاع لم تمنع التونسيين من التوافد بصفة يومية على الأسواق، والإقبال على استهلاك عدة منتوجات غذائية. فتشهد المحلات التجارية منذ الصباح إلى حدود الساعة الخامسة بعد الظهر ازدحاما كبيرا بشكل يومي.
وعلى الرغم من شكوى المواطنين طوال السنة من غلاء الأسعار خصوصاً خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه يُطبق مع شهر رمضان سلوك عكسي. ويقبل على استهلاك جميع المواد بلهفة دون الاهتمام بارتفاع الأثمان.
وتؤكد أغلب منظمات الدفاع عن المستهلك ارتفاع استهلاك التونسيين خلال شهر الصيام بشكل كبير، على الرغم من تدهور المقدرة الشرائية وارتفاع الأسعار.
وقد كشف المعهد الوطني للاستهلاك في دراسة حول استهلاك التونسي خلال شهر رمضان، ارتفاع نسبة الاستهلاك لدى التونسيين بنسبة 40 في المئة خلال هذا الشهر، وارتفاع معدل الاستهلاك خلال هذا الشهر سنوياً بنسبة 8 في المائة.
وذكرت الدراسة أن استهلاك التونسي يرتفع خلال الأسبوع الذي يسبق شهر الصيام على الرغم من ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين.
وأوضح المعهد أن زيادة الاستهلاك الرمضاني تشمل خاصة “الخبز” بمعدل 52 في المائة مقارنة بالأشهر العادية، إضافة إلى أن مختلف أنواع الحساء (شوربة) تشهد زيادة بـ96 في المائة. ويرتفع استهلاك المملحات بنسبة 166 في المائة، والليمون بزيادة تقدر بـ 24 في المئة، وكذلك التمور بـ 114 في المائة، أما اللحوم والدواجن فتشهدان بدورهما زيادة بـ45 في المائة.
كما أكدت الدراسة أن الإقبال يكثر أيضا على الألبان التقليدية بزيادة 677 في المائة ، و”الريقوتة” مستخرجة من الألبان بـ200 في المائة و”الياغورت” بـ16 في المائة والبيض بـ58 في المائة والزيوت الموجهة للقلي بـ15 في المائة، لافتة إلى أن حوالي 82 في المائة من التونسيين تزيد مصاريفهم الرمضانية التي تتجه نحو المواد الغذائية، بينما تزيد مصاريف 60 في المائة منهم متجهة نحو الملابس بمناسبة عيد الفطر. كما أن أكثر من 55 في المئة من التونسيين تزيد مصاريفهم في المطاعم والمقاهي.
وأظهرت بيانات أيضا للمعهد التونسي للإحصاء أن المستوى الحالي لغلاء المعيشة في تونس يعد الأعلى منذ 27 سنة بعد أن تجاوزت نسبة التضخم 10 في المائة، وكانت أعلى نسبة تضخم سجلتها البلاد عام 1986 حيث بلغت 14 في المائة.
وأرجع معهد الإحصاء غلاء المعيشة إلى الارتفاع الكبير في أغلب المنتجات والخدمات، وفي مقدمتها المواد الغذائية بنسبة 7.7 في المائة والملابس بنسبة 6.4 في المائة والتجهيز المنزلي بنسبة 6.9 في المائة والنقل بنسبة 9.5 في المائة وخدمات الصحة بنسبة 5.6 في المائة.
ولتغطية هذا الانفاق الكبير يلجأ التونسيون بالأساس إلى التداين بمختلف أشكاله خصوصا من البنوك. وأظهرت إحصائيات سابقة نشرها البنك المركزي التونسي أن تداين الأسر لدى مختلف البنوك سجل ارتفاعاً بنسبة 61 في المائة منذ العام 2010، منها 35 في المائة قروض موجهة للاستهلاك.