بعد ثلاثة ايام على العملية الانتحارية الثلاثية التي ادت الى مقتل 44 شخصا على الاقل واصابة اكثر من 260 مساء الثلاثاء في مطار اتاتورك الدولي باسطنبول ولم تعلن اي جهة مسؤوليتها عنها، بدات هويات المنفذين تتضح مع توالي الشهادات والتقارير الصحافية.

ورجحت صحيفة تركية ان الانتحاريين الثلاثة كانوا يخططون لتنفيذ مجزرة اكبر عبر احتجاز عشرات المسافرين رهائن قبل تفجير شحناتهم الناسفة.

في تسجيلات فيديو نشرتها وسائل اعلام تركية نقلا عن كاميرات المراقبة في المطار بدا ثلاثة رجال يرتدون سترات داكنة اللون واعتمر اثنان منهما قبعة.

وبدا في احدى اللقطات رجل امن بلباس مدني يطلب من احد المهاجمين اوراقه الثبوتية، ثم لاحقا بدا الشرطي نفسه راكعا ومهددا بسلاح ناري امام مصاعد.

كما اقدم الانتحاريون الذين افترقوا قبل تفجير انفسهم في مختلف نواحي المطار على قتل الناس باطلاق النار عليهم بالرشاشات.

وافادت صحيفة "صباح" الموالية للحكومة ان حصيلة المجزرة كانت لترتفع بشكل كبير لو لم يتم اعتراض  المهاجمين الذين ارادوا في الاصل اخذ عشرات الرهائن بين المسافرين وتفجير انفسهم بهم، حسب اعتقادها.

وقالت الصحيفة ان "السترات التي ارتدوها لاخفاء شحناتهم الناسفة لفتت انتباه المدنيين واحد عناصر الامن".

والجمعة، وصل دبلوماسيون من حوالى 12 بلدا الى مطار اتاتورك بملابس سوداء لاحياء ذكرى ضحايا الهجوم.

وقالت القنصلة العامة لفرنسا في اسطنبول مورييل دوميناك "جئنا طبعا للتعبير عن تاثرنا (...) وتضامن فرنسا مع تركيا في مكافحة الارهاب".

كما صرح القنصل العام لبلجيكا هنري فانييغيم الذي شهدت بلاده ايضا اعتداءات دامية "الارهاب يضرب هنا ايضا، في بلد مسلم بغالبيته" مؤكدا ان "كل ما يطال تركيا يطال الدول الاوروبية".

في اطار التحقيق اوقفت الشرطة الخميس 13 شخصا في اسطنبول بينهم تسعة اجانب، وتسعة اخرين في محافظة ازمير الغربية وبدات التفاصيل تتضح بشأن الانتحاريين، وهم روسي واوزبكستاني وقرغيزي بحسب السلطات التركية التي حملت تنظيم الدولة الاسلامية المسؤولية رغم انه لم يتبن الهجوم.

وتعتبر جمهوريات اسيا الوسطى السوفياتية سابقا من المناطق التي تصدر اعدادا مرتفعة من الجهاديين الى سوريا والعراق.

ففي تشرين الاول/اكتوبر اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان حوالى 7000 مواطن روسي ومن الجمهوريات السوفياتية السابقة لا سيما في اسيا الوسطى يقاتلون في صفوف تنظيم الدولة الاسلامية.

- روائح كيميائية -

واشارت وسائل اعلام تركية الى شيشاني باسم احمد شتاييف بصفته العقل المدبر لهجوم المطار، وزعيم التنظيم المتطرف في اسطنبول مؤكدة انه سبق ان دبر الاعتداءين قرب ساحة تقسيم (اذار/مارس) ومنطقة السلطان احمد (كانون الثاني/يناير) في قلب اسطنبول، بحسب صحيفة "حرييت".

واضافت الصحيفة ان الانتحاريين الثلاثة استأجروا شقة في منطقة فاتح حيث يكثر السوريون والفلسطينيون واللبنانيون والاردنيون، ودفعوا مسبقا 24 الف ليرة تركية (حوالى 7500 يورو) لمدة عام.

كما نشرت الصحيفة شهادات عدد من سكان الحي.

وروت جارة اقامت في الشقة فوقهم لم تلتق بهم اطلاقا، انها اشتكت لدى مختار الحي من انبعاث روائح كيميائية من الشقة المؤجرة بعد منتصف الليل، لكنه احالها "الى البلدية".

وتابعت "وصلت الشرطة لمقابلتي بعد الهجمات...كنت اعيش فوق القنابل".

بعد ساعات قليلة على الهجوم اعتبر رئيس الوزراء بن علي يلديريم ان "المؤشرات تدل الى داعش"، التسمية الاخرى لتنظيم الدولة الاسلامية.

وغرقت تركيا منذ حوالى عام في اجواء عنف تخللها تكثيف الاعتداءات على اراضيها، بعضها تبناه حزب العمال الكردستاني فيما نسبت السلطات اخرى الى التنظيم الجهادي.

على صعيد اخر، اعلن مسؤولون الجمعة مقتل احد العقول المدبرة لهجوم انقرة الانتحاري الذي اسفر عن مقتل 28 شخصا في شباط/فبراير، وذلك خلال عملية لمكافحة الارهاب في جنوب شرق البلاد حيث الاكثرية من الاكراد.

وافاد المسؤولون الذين رفضوا الكشف عن اسمائهم ان "محمد شيرين كايا، احد العقول المدبرة للاعتداء الانتحاري في 17 شباط/فبراير على عسكريين في انقره، قتل في عمليات لمكافحة الارهاب في ليجه بدياربكر".

وتبنت هذا الهجوم مجموعة "صقور حرية كردستان" المتشددة المنشقة عن حزب العمال الكردستاني الذي يخوض منذ 1984 تمردا على الدولة التركية سقط خلاله اكثر من 40 الف قتيل.