يستذكر مركز اتجاهات للدراسات والبحوث الذي يرأسه خالد المضاحكة، الذكرى الـ(64) لإنطلاق بث الإذاعة الكويتية، ويوضح أن الإذاعي مبارك الميال هو صاحب أول صوت في تاريخ الإذاعة، ولا يزال يتذكر المستمعون كلماته الأولى في الثاني عشر من شهر مايو 1951حين ردد جملته الشهيرة «هنا الكويت» ليستثير بها المشاعر الوطنية الجياشة وروح الإنتماء المتعمقة في نفس كل مواطن على أرض الكويت وخارجها.
ويؤكد «اتجاهات» تواصل مسيرة الإذاعة الكويتية مسطرة في كل يوم نجاحات جديدة، تضيفها إلى سجل حافل من الإنجازات، بداية من الإنطلاق ببرنامج واحد، ثم التطور شيئا فشيئا حتى أصبح في الكويت اليوم 5 خدمات إذاعية مستقلة، تقدم من خلالها الرسائل الهادفة لتحقيق مشاركة فعالة من جانب الجماهير في خطط وبرامج التنمية، فضلا عن دفع المواطن نحو مساهمه فعالة في الحفاظ على عناصر الحياة، وجعله مشاركا في صنع القرار من خلال الممارسة الديمقراطية، ومن ثم رفع مستوى الوعي السياسي وتبصير المواطن بقضايا الوطن وربطه بمشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لتحقق الإذاعة بذلك أسمى أهدافها عبر دعم الانتماء الوطني والاهتمام بقضايا الوطن المتنوعة.
محاولات تاريخية
يوضح «اتجاهات» أن يوم الثاني عشر من مايو 1951 لم يكن المحاولة الأولى للبث الإذاعي في الكويت، بل سبقتها محاولات عدة، ففي عام 1938 أجريت محاولات لإرسال البث الإذاعي من قصر دسمان، وفي الفترة من 1948إلى 1951شهدت الكويت ما عرف بالإذاعة الخاصة حيث كانت هناك إذاعة تبث إرسالها باسم إذاعة «شيرين»، إلا أن البث الرسمي لإذاعة الكويت انطلق في 12 مايو من عام 1951 من إحدى غرف الأمن العام في قصر نايف.
تطورات متلاحقة
 ويلفت «اتجاهات» إلى أن الإذاعة مرت بمراحل متعددة شكلت خلالها مسيرة تاريخية من التطور والعطاء حيث تدرج البث من ساعتين يوميا تبث من خلالها مادتين فقط هي القرآن الكريم والمواد التراثية الغنائية، وبموظفين اثنين ليرتفع بعد سنة إلى ثلاث ساعات ونصف الساعة يوميا وبخمسة موظفين، ومع مرور الوقت وفي الستينيات ارتفعت ساعات البث إلى عشر ساعات ونصف الساعة يوميا، ومرورا بالسبعينات تطور عدد ساعات البث على البرنامج العام حيث بلغت خمسة عشر ساعة يوميا، فيما شهدت فترة الثمانينات حدوث نقلة نوعية في الكم والنوع بالنسبة للتوسع في ساعات البث على البرنامج العام الذي أصبح يبث لمدة 24 ساعة يوميا، وإذاعة القرآن الكريم التي أصبحت تبث لمدة 24 ساعة يوميا على إذاعة الـ «إف.ام» ، كما تمت زيادة ساعات البث المباشر في جميع المحطات الإذاعية العربية والأجنبية.
إرادة تهزم التحديات
ويوضح «اتجاهات» أن مرحلة الغزو العراقي كانت من أصعب الظروف التي واجهت الإذاعة بعد أن دمرت القوات العراقية البنية والمقومات الأساسية للإذاعة كما فرضت حصارا مشددا على الإعلاميين في الداخل إلا أن الإذاعة واصلت بثها عبر مجموعة من الإذاعيين الوطنيين الذين أصروا على مواصلة البث لمساعدة المواطنين وتوجيه الرسائل للقادة ومخاطبة العالم الخارجي فضلا عن توجيه الرسائل للأشقاء العرب لنجدة ومساعدة إخوانهم في الكويت، ففي 9 أغسطس 1990، انتقلت الإذاعة إلى رأس الزور لبث برامجها وانضم إليها مجموعة من الإعلاميين وفي 16 نوفمبر من عام 1990 من مدينة الدمام وتولى تنظيمها ومسؤوليتها كل من الشيخ سالم الصباح والشيخ ناصر محمد الاحمد، ود. بدر جاسم اليعقوب، والعميد فهد الفهد، وناصر الروضان، وفي الأول من يناير1991، بدأت إذاعة الكويت إرسالها من القاهرة على إحدى موجات صوت العرب لمدة ثلاث ساعات ثم خمس ساعات مع بدء العمليات القتالية ضد قوات الاحتلال الصدامي.
عودة الروح
وفي الثامن والعشرين من فبراير1991، استمع المواطن من جديد لصوت «هنا الكويت» ولكن هذه المرة من أرض الكويت المحررة بعد توقف استمر نحو سنة كاملة أسفر عن تدمير 94 بالمئة من الأستوديوهات ونهب وتخريب أجهزة البث إضافة إلى تشتت الكوادر الإذاعية بين إذاعتي الكويت في الدمام والقاهرة فضلا عن سرقة معظم أشرطة مكتبة التسجيلات. وشهد عام 1993 عودة التنظيم للإذاعة، واستعادت امكانياتها المادية والبشرية وأعيد تنظيم جهازها وتقسيمه إلى إدارات تمثل كل إدارة إذاعة متكاملة، ونجح القائمون على العمل في العودة سريعا بمستوى الإذاعة مرة أخرى لتواكب الإذاعة الكويتية كل جديد في عالم الأثير.
المستقبل والقيم
وتواصل اليوم الإذاعة الكويتية تعزيز مكانتها بين الإذاعات العربية والعالمية من خلال برامج متميزة دأبت خلالها على التأكيد والتعميق لروح المواطنة في نفوس وأذهان كل كويتي، وتحفير مبادئ الولاء والانتماء والعطاء والتفاني في العمل من أجل الكويت، إلى أن بدأت تلك المسيرة من العمل في جني ثمار التميز ليصبح في الكويت اليوم خمس خدمات إذاعية هي: خدمة البرنامج العام والبرنامج الثاني والبرنامج الإنجليزي والقرآن الكريم ومحطة الغناء العربي، ومحطة الغناء العربي القديم فضلا عن الاذاعات الموجهة (أردو وفارسي وفلبيني) ومحطة الغناء الشعبي ومحطة هنا الكويت. وقد بلغ مجموع ساعات الارسال الإذاعي لبرامج الإذاعة الآن (49040) ساعة بمتوسط يومي قدره (134) ساعة ومازالت تتطلع الإذاعة لمزيد من الإنجازات نحو مستقبل أفضل لأجيال واعدة.