افتتح الملتقى الوقفي الثالث والعشرين الذي تعقده الأمانة العامة للأوقاف تحت شعار «تعزيز الروح الإسلامية.. بالثقافة الوقفية» من خلال الندوات والجلسات والحلقات النقاشية والحوارية انطلاقا من محاوره الأربعة التي تضمنت الثقافة الوقفية.. ركيزة تنموية، ودور الوقف في دعم الثقافة، وعاصمة الثقافة الإسلامية وملف التنسيق الدولي، وعلاقة الإعلام الجديد بالثقافة.
وبدأت في الفترة المسائية لليوم الأول ندوة بعنوان تجارب في تنمية المجتمعات الإسلامية بالفكر الوقفي أدارها أ.محمد المنصف العيادي من دولة هولندا وتضمنت استعراضا لتجربة الثقافة الوقفية في المجتمع المغربي، قدمها د.عبدالكريم العيوني - دكتور في القانون الخاص بالمملكة المغربية الشقيقة بعنوان ثقافة الوقف في مجال تمويل التعليم في المجتمع المغربي الحديث، رصد خلالها أثر تحقيق الوقف للحاجات الاجتماعية في تشكيل ثقافة الوقف، وبعض مظاهر ثقافة الوقف في مجال تمويل التعليم في ماضي المجتمع المغربي وحلل واقع ثقافة الوقف في مجال تمويل التعليم في المجتمع المغربي الحديث، واقترح العيوني بعض الآليات للنهوض بثقافة الوقف في المجتمع المغربي . وأكد العيوني أن الوقف قد أسهم في نشأة الحضارة العربية الإسلامية، لما وفره من تمويل مستمر وشامل لكل مجالاتها، الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية... لأن الوقف أصبح ثقافة مجتمعية أو ظاهرة ثقافية في المجتمع، مبينا أن الوقف كان يغطي كل الحاجات الاجتماعية خاصة ما يتعلق بجوانب العملية التعليمية، فلم يكن يدفع الطالب رسما من رسوم الدراسة التي يدفعها الطلاب اليوم، فالوقف كفيل بالأداء ولم يكن التعليم محصورا بفئة من أبناء الشعب دون فئة بل كانت فرص التعليم متوفرة لجميع أبناء الأمة عن طريق الوقف، هذا من الناحية التاريخية في كل المجتمعات الإسلامية، مضيفا أن ما يمكن ملاحظته في العصر الحاضر هو تراجع ثقافة الوقف خاصة في مجال تمويل التعليم خلال القرن العشرين، حيث تركز ثقافة الوقف في المغرب في عملية المساهمة في بناء المساجد وإصلاحها، فقد بلغت نسبة ما بناه المحسنون والجمعيات وما افتتح في وجه المصلين خلال هذه السنة  حوالي 79 بالمئة، بما يعادل 179 مسجدا.
وأخيرا قدم العيوني مقترحات للنهوض بثقافة الوقف في المجتمع المغربي، أهمها الاستفادة من صيغة سندات الوقف لجلب أوقاف جديدة خاصة بالتعليم، وإنشاء الشركات الوقفية والدعوة للاكتتاب فيها، وتطوير الكراسي العلمية في المساجد وإنشاؤها في الجامعات، وتضمين مناهج التعليم مادة عن الوقف ودوره التنموي في جميع مراحل التعليم، واستثمار وسائل الاتصال الحديثة في تداول ثقافة الوقف، وتوجيه المنابر الدينية والإعلامية لنشر ثقافة الوقف.
من جهته استعرض المستشار في الشؤون الإسلامية والاجتماعية، بالمملكة العربية السعودية الأستاذ سلمان بن محمد العمري، التجربة الخليجية في الثقافة الوقفية، واستعرض الأستاذ بشير كاستيرا تجربة وقف مسجد غرناطة بأسبـانيا حيث دشن مسجد غرناطة الجامع وفتحت أبوابه في عام 2003م بما يضمه من حدائق غناء، ومركز إسلامي مفعم بالحركة والعطاء، وحدائقه المقابلة لقصر الحمراء، حيث يصل الآذان من منارة المسجد إلى القصر منذ ذلك الوقت كما أصبحت حدائق المسجد ملاذا للسلام والسكينة  واحتل مركزه الإسلامي الصدارة في الأهمية من حيث التشاور حول قضايا الإسلام المختلفة، وتنظيم أنشطة متعددة، من دروات تعليمية، محاضرات، معارض، دورات في اللغة العربية ودروس تحفيظ القرآن الكريم  للأطفال، داعيا إلى إقامة وقف لصالح مسجد غرناطة، الذي يتمك تمويله بالكامل من التبرعات الخاصة، حتى يستمر المسجد مؤديا دوره إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها
وفي الختام قدم د.عبدالحليم زيدان محاضرة بعنوان تحدي الثقافة الوقفية  في لبنان، على تستمر المحاضرات والندوات في اليوم التالي إن شاء الله.