في خِضم السنوات المظلمة التي مرت على الشعب السوري المطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة، بعد أن عاش عقودا تحت حكم النصيريين الظلمة، وارتكب الطغاة أبشع جريمة مرت على العالم في القرن الحادي والعشرين، خلَّفت مئات الآلاف من الشهداء، ومليون معتقل، وأحد عشر مليونا من المشردين داخل وخارج سورية.
وفي ظل المأساة يأتي الدور الإنساني للأمم المتحدة، والمتمثل بمفوضية شؤون اللاجئين ودورها المشرف في انقاذ الشعب المكلوم، من خلال تأمين المأكل والمشرب والعلاج والإيواء، ومن باب شكر من يشرف على هذا الجهد الإنساني الكبير علينا أن نذكر كلا من الأمين العام للأمم المتحدة الجديد والمفوض السامي لشؤون اللاجئين السابق إنطونيو غوتيريس، والمفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، ومنسق الشؤون الإنسانية في سورية ستيفن ابراين، وذلك لدورهم في إدارة المفوضية التي تنتشر أعمالها لتشمل 125 دولة، ويشارك فيها جيش من العاملين والمتطوعين، وحققت إنجازات عظيمة في إغاثة الإنسان وتطوير الأداء باستخدام الأساليب الحديثة والمتطورة في سرعة إيصال المساعدات لمستحقيها، بالرغم من الظروف الصعبة والخطرة بين المتحاربين، ومن يواجهون الكوارث في شتى أنحاء العالم.
ويأتي اختيار «الوسط» لمفوضية شؤون اللاجئين كشخصية العام لدورها الإنساني الكبير في إغاثة الشعب السوري الذي واجه الظلم، وتشرد في أجواء باردة في الشتاء، وحارة في الصيف، وواجه الأمطار الغزيرة ومشكلات الطقس.
ولولا الله، ثم الدور الإنساني لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ـ حفظه الله ـ لازدادت المأساة سوءا، حيث دعا سموه إلى مؤتمرات للمانحين، وقدمت الكويت ما تعهدت به للمفوضية الدولية لشؤون اللاجئين، حيث ساهمت الكويت بمبلغ 1.6 مليار دولار  من اجمالي 17.8 مليار دولار تعهدات دولية، ولم يتوقف دور الكويت عند احتضان مشروع الإغاثة، بل تعداه إلى موقف شعبي عظيم لأبناء الكويت، وعلى كل الأصعدة الأهلية والشعبية والفردية، حيث جنَّد أبناء الوطن المئات من الرجال والنساء لأداء هذه المهمة، وبرزت الأمانة العامة للأوقاف وجمعية النجاة الخيرية وبيت الزكاة والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ومؤسسة الرحمة العالمية والهلال الأحمر الكويتي وجمعية إحياء التراث الإسلامي والعديد من الجمعيات والمجموعات الفردية التي أبدعت في توصيل المساعدات الشعبية إلى مستحقيها، بالرغم من الصعوبات والمخاطر، لكن هذا هو ديدن الكويتيين، وهو السبب بعد الله في نعمة الأمن والأمان والاستقرار ورغد العيش الذي تنعم به كويتنا.
ما تقدمه الكويت ومنذ عقود هو نهج إنساني يأتي بعيدا عن أي شكل من التعصب أو العنصرية، ويقدم للإنسان الذي يواجه الاعتداء أو الكوارث، وفي أي جزء من العالم، مهما كان دينه أو لونه أو عرقه، فالإنسان هو مخلوق مكرم من عند الله ويجب أن تتضافر جميع الجهود لنجدته، وهذا ما يأمرنا به ديننا الحنيف.
وعلينا ألا ننسى أن الكارثة مازالت قائمة، وتحولت الشام إلى بؤرة صراع طائفي ودولي، ضحيته الأولى هم أهل السنة، ومن المحتمل أن يتوسع الصراع ويتحول إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة تستوجب تنظيم الجهود وتطوير الأساليب لمواجهة ما أهو أسوأ.
ونسأل الله العلي القدير أن ينصر الشعب السوري على أعدائه وأن يمن عليه بالأمن والاستقرار،  والشكر موصول للمفوضية الدولية لشؤون اللاجئين وقياداتها والعاملين فيها على ما قدموه للشعب السوري.