كثفت قوات النظام السوري قصفها على أحياء تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في أطراف دمشق، في تصعيد اعتبرته المعارضة "رسالة دموية" تسبق مفاوضات السلام المقرر انطلاقها الخميس في جنيف.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان "بمقتل سبعة مدنيين بينهم امرأة وطفل في مجزرة نفذتها الطائرات الحربية التابعة لقوات النظام باستهدافها حي برزة" الواقع عند الأطراف الشرقية لدمشق.

وقال إن "عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود أكثر من 12 جريحاً بعضهم في حالات خطرة".

وتأتي هذه الغارات وفق المرصد، بعد تصعيد قوات النظام قصفها منذ الجمعة على الأطراف الشرقية للعاصمة، "بعد استقدامها الجمعة تعزيزات عسكرية إلى منطقة برزة والحواجز القريبة".

وتعرض حي القابون المحاذي لبرزة الإثنين لقصف من قوات النظام، بعد يومين من مقتل 16 شخصاً جراء قصف صاروخي لقوات النظام على مقبرة أثناء مراسم دفن.

وقال الناشط الإعلامي في القابون حمزة عباس من الحي "إنه اليوم الثالث على التوالي من القصف بالصواريخ والقذائف المدفعية والهاون والطيران" على أحياء برزة وتشرين والقابون.

ورفض مصدر عسكري سوري التعليق على العملية العسكرية.

وفي وقت لاحق، أفاد المرصد أن "نحو 250 شخصاً من المقاتلين وعائلاتهم غادروا بلدة سرغايا الواقعة في ريف دمشق، عند الحدود السورية - اللبنانية متجهين نحو محافظة إدلب (شمال غرب)، تنفيذاً لاتفاق مع الحكومة السورية، يقضي بخروج المقاتلين الرافضين للمصالحة، على أن تتم تسوية أوضاع الراغبين بالبقاء".

وتشهد البلدة المحاذية لمدينتي الزبداني ومضايا، هدوءاً نسبياً تعكره وفق المرصد "مناوشات متقطعة بين الحين والآخر".

ونددت المعارضة السورية الأحد بتكثيف دمشق هجماتها على مناطق عدة بينها أطراف دمشق.

رسالة دموية
واعتبرت في بيان الأحد، أن "الجرائم الوحشية التي يرتكبها النظام وحلفاؤه هي رسالة دموية من نظام مجرم تسبق المفاوضات السياسية في جنيف بأيام قليلة معلنة رفضه أي حل سياسي".

ويسري في الجبهات الرئيسية في سوريا وقفاً لإطلاق النار يستثني التنظيمات الإرهابية، تم التوصل إليه بموجب اتفاق تركي روسي في 30 ديسمبر (كانون الأول)، لكنه يتعرض لانتهاكات عدة.

وتحاذي الأحياء المستهدفة على أطراف دمشق، منطقة الغوطة الشرقية، أبرز معاقل الفصائل المعارضة في دمشق، والتي تعرضت في الفترة الأخيرة لهجمات عدة من قوات النظام وحلفائه.

ويقول الباحث أرون لوند في مقال نشره مركز كارنيغي للشرق الأوسط في 17 فبراير (شباط) حول أهمية الغوطة الشرقية بالنسبة إلى النظام، "تبدي الحكومة تصميماً مستميتاً على التخلص من هذا الجيب المتمرد، بطريقة أو بأخرى".

ويعتبر أنه "مهما بلغت درجة إضعاف هذه المنطقة واحتوائها، تبقى سيفاً موجّهاً نحو قلب نظام الأسد، كما أنها تكبّل آلاف الجنود المنتشرين على الجبهة هناك".

ولا يستبعد لوند أن يكون للسيطرة عليها تأثيرً على محادثات السلام في جنيف "نظراً إلى أنه لن تكون لأي وفد معارض قيمة تُذكَر" في غياب ممثل جيش الإسلام الفصيل البارز الذي يتخذ من الغوطة الشرقية معقلاً له.

وكان القيادي في جيش الإسلام محمد علوش يشغل منصب كبير المفاوضين في وفد المعارضة إلى جنيف في جولات المفاوضات السابقة العام الماضي. واختارت الهيئة العليا محمد صبرا المعارض والحقوقي بديلاً عنه كما انتخبت المعارض نصر الحريري رئيساً للوفد.

محادثات جنيف
ومن المقرر ان تنطلق مفاوضات جنيف رسمياً الخميس بإشراف الامم المتحدة. وهي الجولة الرابعة من المفاوضات.

ولا يأمل كثيرون أن تحقق جولة التفاوض هذه أي تقدم يذكر على ضوء التباين الكبير في وجهات النظر بين قوات النظام والمعارضة، خصوصاً حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد.

ويقول الناشط الاعلامي في مدينة بنش في إدلب (شمال غرب) رضوان الحمصي (27 عاماً) إن هذه الجولة "شأنها شأن أي مؤتمر آخر، عبارة عن حبر على ورق".

وشهدت العلاقة بين روسيا أبرز حلفاء النظام، وتركيا الداعمة للمعارضة، تقارباً في الأشهر الأخيرة حول الملف السوري. وتمكن الطرفان مع إيران الداعمة لدمشق من عقد جولتي محادثات في آستانة تناولت تثبيت وقف إطلاق النار.

في موسكو، أعلنت وزارة الدفاع الروسية الإثنين مقتل 4 جنود روس الخميس جراء انفجار عبوة يدوية الصنع لدى عبور آليتهم في عداد قافلة للجيش السوري إلى حمص (وسط).

على جبهة أخرى في سوريا، أفاد المرصد السوري بمقتل ثمانية مدنيين على الأقل الإثنين جراء غارات نفذتها طائرات لم يعرف إذا كانت روسية أم تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن على مدينة الرقة (شمال) معقل تنظيم داعش في سوريا.

وفي مدينة درعا (جنوب)، قتل ثلاثة مدنيين جراء "اعتداء إرهابيي تنظيم جبهة النصرة على المشفى الوطني".

إلى ذلك، قتل 11 مدنياً على الأقل بينهم ثلاثة أطفال جراء قصف تركي كثيف على مدينة الباب بحسب المرصد في وقت أحرزت فيه فصائل معارضة تدعمها أنقرة تقدماً على حساب الإرهابيين في المدينة، وفق ما أفاد مصدر ميداني.