يبدو حاكم جاكرتا المسيحي الذي يحاكم بتهمة اهانة الاسلام في طريقه لهزيمة امام خصمه المسلم الاربعاء، كما تفيد تقديرات اولية بعد انتخابات اتسمت بتوتر ديني كبير في اكبر بلد مسلم  في العالم عدديا.

وافادت مراكز استطلاعات الرأي استنادا الى نتائج فرز ثمانين بالمئة من الاصوات ان باسوكي تجاهاجا بورناما الملقب اهوك، سيحصل على ما يبن 41 و43 بالمئة من الاصوات مقابل حوالى 56 او 57 بالمئة لوزير التربية السابق انيس باسويدان المسلم.

وتشكل هذه الانتخابات اختبارا للتسامح لاسلام معتدل تقليديا في اندونيسيا في مواجهة تزايد تأثير مسلمين محافظين من انصار تيار متشدد. وقد نظموا في الاشهر الاخيرة تظاهرات حاشدة ضد الحاكم المسيحي المنتهية ولايته الذي يحاكم بتهمة التجديف.

ويشكل الاقتراع فرصة ايضا لمواجهة بين كبار اللاعبين السياسيين في البلاد الذين يعتبرون منصب حاكم العاصمة التي يبلغ عدد سكانها عشرة ملايين نسمة مؤشرا الى الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 2019.

ودعي حوالى 7,2 ملايين ناخب اغلبهم من المسلمين الى التصويت في هذه الدورة الثانية من الاقتراع، وتم حشد اكثر من ستين الفا من افراد قوات الامن لمواجهة اي فلتان. ويفترض ان تعلن النتائج الرسمية مطلع ايار/مايو.

وعلى الرغم من الاحتجاجات عنيفة مرتبطة بقضية اتهام "اهوك" (50 عاما) التي ادت الى انقسام حاد في المجتمع، حل الرجل في الطليعة في الدورة الاولى التي جرت في 15 شباط/فبراير بحصوله على 43 بالمئة من الاصوات، بينما حصل خصمه البالغ من العمر 47 عاما على اربعين بالمئة.

لكن احتياطي الاصوات المؤيدة لاهوك كان ضعيفا. فالمرشح الثالث اغوس يودويونو نجل الرئيس السابق والمسلم ايضا، حصل على 17 بالمئة من الاصوات ولم يصدر توجيها الى مؤيديه بالتصويت الى احد المرشحين. ويبدو ان كل اصوات مؤيديه ستذهب الى وزير التربية السابق المسلم.

واهوك اول حاكم غير مسلم لجاكرتا والاول القادم من الاقلية الصينية، سيفقد بذلك منصبا وصل اليه تلقائيا في 2014 مع انتخاب رئيس البلدية السابق جوكو ويدودو رئيسا للبلاد وكان اهوك مساعده ويتمتع بشعبية كبيرة اصلا.

- خط متشدد للاسلام -

كان اهوك المعروف بصراحته قال في ايلول/سبتمبر ان تفسير بعض علماء الدين لآية في القرآن على ان واجب المسلمين انتخاب حاكم مسلم، خاطئة، مسببا موجة عارمة من الاحتجاجات في هذا البلد الذي يشكل المسلمون تسعين بالمئة من سكانه.

واستخدم مسلمون متشددون ومحافظون هذه التصريحات بينما تحدث خبراء عن "دوافع سياسية" وراء ذلك. واتهم حاكم العاصمة في نهاية 2016 تحت الضغط بالتجديف وهو ما يمكن ان يؤدي الى حكم بالسجن خمس سنوات. وسيصدر الحكم الخميس.

اكتسب اهوك شعبية كبيرة في منصبه بسبب تصميمه على مكافحة الفساد المستشري في الوظيفة العامة واجراء اصلاحات في جاكرتا المدينة الكبيرة المكتظة بالسكان وغير المنظمة.

 وخلال الحملة الانتخابية بين الدورتين، واجه خصمه المسلم انتقادات لانه التقى قادة اسلاميين متشددين لتعزيز فرص فوزه. فالسؤال المطروح في نظر كثير من الناخبين بات "هل يمكن انتخاب حاكم غير مسلم؟".

ويرى المحلل توبايس باسوكي ان هذه الانتخابات يمكن تلخيصها في "مواجهة بين التعددية في اندونيسيا وبين نوع جديد من الاسلام السياسي يؤججه اسلاميون من انصار خط متشدد".

 وتشكل الاتهامات التي وجهت الى اهوك نموذجا واضحا من التعصب الديني الذي تصاعد في السنوات الاخيرة في اندونيسيا وتمثل بتزايد الهجمات على الاقليات وتزايد تأثير الاسلاميين المتطرفين.