أكد النائب السابق للرئيس العراقي طارق الهاشمي أن طهران لن توقف نهجها التخريبي في المنطقة، إلا بنقل الصراع معها لأراضيها.
 
وأعرب عن ترحيبه بتأسيس تحالف رادع بين الدول العربية والولايات المتحدة لمواجهة الأخطار التي تواجه المنطقة، وفي مقدمتها الخطر الإيراني.
وقال: "إيران لن تكف عن نهجها التخريبي في المنطقة والعالم، إلا إذا أُجبِرت على ذلك من خلال العمل بمبدأ المعاملة بالمثل (...) ما يعني نقل الصراع إلى داخل أراضيها بتوظيف وسائل فعالة تندرج تحت إطار القوة الناعمة على أن يجري تعزيزها بردع دولي كافي و تحت أي مسمى".
العبادي
واستبعد الهاشمي أن تسعى إيران إلى إسقاط رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في ظل التقارب بينه وبين الولايات المتحدة، وقال إن "إيران لا تجرؤ ولا حاجة لها في مثل هذه الخطوة، في ظل النفوذ القوي الذي تتمتع به داخل أروقة التحالف الشيعي، وامتد أيضاً إلى الأكراد وبعض السنة العرب".
كما استبعد الهاشمي أن يكون العبادي يسعى، من خلال الإدارة الأمريكية الجديدة شديدة العداء لإيران، إلى تحجيم نفوذ إيران بالعراق أو أن يكون قدم للولايات المتحدة أية وعود لحل الحشد الشعبي الموالي لطهران.
وشدد على أن "العبادي يوازن بمهارة بين علاقاته بالجانبين الأمريكي والإيراني، وذلك لحاجته الماسة لكل منهما وبذات المقدار، وخاصة في المرحلة الراهنة: أي مرحلة طرد تنظيم داعش من الموصل". 
وأوضح أن العبادي بحاجة إلى بيئة سياسية مستقرة لا تتخللها مفاجآت حتى يتمكن من إنجاز الحرب على الإرهاب، مضيفاً :"ليس هناك من هو أقدر من إيران على ضبط سلوك خصوم العبادي من الأطراف الشيعية وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وقادة الحشد الشعبي، كما أن العبادي بحاجة إلى السلاح الأمريكي، وخاصة سلاح الجو، من أجل تحقيق الانتصارات على الأرض".
واستكمل: "ومهما يتردد، فأنا استبعد أن يكون العبادي وعد بحل الحشد الشعبي، فهو يدرك أن هذا القرار ينطوي على مخاطر جمة (...) وبالأساس هذا القرار بحاجة إلى زعامة تاريخية لم نألفها من العبادي حتى الآن". 
وأرجع الهاشمي تحفظه على الطريقة التي تدار بها عملية تحرير الموصل رغم ما تحرزه القوات على الأرض من تقدم، لما سقط خلالها من أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، وقال: "العمليات أديرت بطريقة قتال جيش نظامي يتحصن في مدينة خالية من السكان، وهذا مخالف للواقع تماماً (...) وبناء عليه تم التوسع باستخدام القصف الجوي والمدفعي والصاروخي ما أوقع خسائر بشرية هائلة في صفوف السكان المدنيين (...) كان من الضروري تأجيل العمليات حتى يجري إخلاء المدينة بأي طريقة". 
الحشد الشعبي
واستنكر مشاركة قيادات وعناصر من الحشد الشعبي بمعركة تحرير الموصل رغم وجود قرار حكومي يمنعهم من ذلك، ووصف الأمر بأنه "مثير للقلق خاصة مع السجل السيئ للحشد في الفلوجة وتكريت وبيجي وجرف الصخر والمقدادية". 
وأوضح أنه "تم الالتفاف على المطالبات بمنع مشاركة الحشد بالمعارك عبر تسلل لواء من فيلق بدر إلى داخل الشرطة الاتحادية، وقد قامت هذه العناصر باختطاف العديد من النازحين واقتيادهم إلى جهات مجهولة، ولا يعرف مصيرهم حتى اللحظة". 
المقاومة السنية العراقية
وبالرغم من تأكيده على رفضه للعنف ودعوته لاعتماد السلام والحوار كأسلوب لحل المشاكل، إلا أنه أبدى تفهماً لقيام أربعة فصائل سنية حديثاً بتأسيس ما أسموه "المقاومة السنية العراقية" بهدف التصدي للهيمنة الإيرانية على العراق بالعمل المسلح، محملاً "التطرف الشيعي المسؤولية عن حالة الانسداد السياسي التي أسهمت ولا تزال في دفع عدد غير قليل من الشباب السني اليائس نحو العنف والتطرف". 
وأضاف: "سياسة ومواقف بعض قوى التحالف الشيعي الموالي لإيران الرافضة للإصلاح هي السبب في تواصل حالة عدم الاستقرار في العراق (...) فاستمرار الظلم والتمييز هو الذي يقود للعنف والإرهاب (...) ورغم أن الحل ممكن، فإننا حتى الآن لا نلحظ رغبة حقيقية من جانب من بيده القرار".
مؤتمر وطني برعاية دولية
وعلى عكس قيادات سنية أخرى تتنصل من أي دعوة لتدويل قضية مظلومية السنة أو تدويل القضية العراقية برمتها، قال الهاشمي: "على المستوى الشخصي، أرى أن تدويل القضية العراقية خيار حتمي لا مفر منه في ظل تعذر إيجاد أرضية مشتركة للحل وعدم وجود وسيط نزيه". 
واعتبر أن الحل للخروج من كل هذا هو "عقد مؤتمر وطني برعاية دولية نستعرض فيه التحديات التي تواجه الوطن ونضع رؤى للمستقبل وأسلوباَ أمثل لمعالجة المظالم". 
واستطرد أن "البداية الصحيحة لأي مشروع مصالحة هي أن يمهد التحالف الشيعي الحاكم لهذا المؤتمر بإجراءات بناء ثقة، ولاسيما مع المكون العربي السني الذي استُهدف دون رحمة خلال السنوات الماضية ولا يزال". 
ولفت في هذا الاطار لحديث رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم عن ضرورة فتح المجال لعودة الشخصيات التي لم تقترف جريمة وتخشى من الملاحقة القضائية دون تهمة، معتبراً أن تلك الدعوة لا معنى لها إذا لم تتوسع لتضم عدداً غير قليل من الشخصيات السنية البارزة التي تلاحقها اتهامات كاذبة وصدر بحق بعضهم أحكام جائرة، هذا إن كانت هناك رغبة صادقة في التوصل إلى مصالحة وطنية حقيقة". 
البيت السني
وأقر الهاشمي بوجود خلافات داخل البيت السني، إلا أنه وصفها بالطبيعية. وقال :"نعم هناك خلافات وتفاوت في وجهات النظر داخل البيت العربي السني وأعتبرها خلافات طبيعية، لكن هناك مجموعة محدودة يطلق عليها "سنة المالكي" وهؤلاء استطيع أن أقول إنهم خرجوا عن الثوابت وفرطوا في حقوق المكون السني... وآمل أن يعودوا لرشدهم في يوم من الأيام، وباستثناء هؤلاء، فإن الخلافات موجودة بين العرب السنة شأنهم شأن غيرهم من المكونات، ولكنها لم تصل إلى حد التصفيات الجسدية أو القضايا الجوهرية". 
وختم بالتأكيد: "سعيت ولا أزال أسعى لترتيب البيت العربي السني، كخطوة أولى نحو ترتيب البيت العراقي، لكن المهمة ليست سهلة، والغريب أن المصائب التي حلت بنا كان يفترض أن تدفعنا للمزيد من التقارب وليس إلى نقيضه، لكن هذا ما حدث وهو مؤسف"".