أرجأت تونس أمس الإثنين أول انتخابات في مرحلة ما بعد ثورة عام 2011 كانت مرتقبة لتعزيز التحول الديمقراطي، وكان من المقرر إجراؤها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وبحجة عدم استكمال الاستعدادات لإجرائها، أعلنت غالبية الأحزاب تأييدها تأجيل الانتخابات البلدية، الأولى منذ سقوط نظام بن علي في 2011، حتى مارس (آذار) 2018.
إلا أن الاجتماع الذي دام 4 ساعات بين ممثلين عن مجلس النواب والرئاسة والحكومة لم يفض إلى اتفاق على تحديد موعد جديد.
وقال الرئيس بالنيابة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنور بن حسن إن "غالبية المشاركين في هذا الاجتماع تؤيد تأجيل الانتخابات البلدية".
وتدارك "وتوافقنا جميعاً أيضاً على أن التأجيل إلى أجل غير مسمى يضر بالعملية الانتخابية".
إلا أن ابن حسن أعلن "تحديد موعد جديد مع الأحزاب السياسية في مهلة أقصاها 10 أيام، من أجل التوصل إلى تحديد إطار زمني بمواعيد محددة".
واعتبر الوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان مهدي بن عربية أن "تأجيل تاريخ الانتخابات البلدية رسالة سيئة عن تونس، إلا أن الأسوأ من تأجيل الانتخابات بقاؤها في تاريخ غير محدد".
ويعول على هذه الانتخابات البلدية الأولى منذ الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي في 2011، لتحسين إطار عيش التونسيين الذي تدهور بشكل كبير منذ حل المجالس البلدية واستبدالها بنيابات خصوصية معينة من السلطة التنفيذية منذ منتصف 2011.
يجب إعادة كل شيء
ولا يشكل التأجيل مفاجأة حقيقية إذ أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المكلفة تنظيمها، تعرضت لخضات في الأشهر الأخيرة.
فرئيسها شفيق صرصار الذي أنجز انتخابات 2014 بنجاح، استقال في مايو (أيار)، ملمحاً إلى انه بات عاجزاً عن العمل في شكل "شفاف" و"حيادي".
وكان صرصار طالب بإبقاء الانتخابات في موعدها في 2017، معتبراً أن تأجيلها حتى 2018 سيشكل نكسة للتحول الديمقراطي.
وهذه المخاوف أثارتها تصريحات للمستشار السياسي لحزب نداء تونس برهان بسيس، أعلن فيها أن حزبه يؤيد الدعوة إلى اجراء استفتاء بهدف تغيير النظام السياسي في تونس.
وقال النائب في البرلمان والمسؤول في الجبهة الشعبية زياد لخضر "هناك أجندة سياسية يتم أعدادها، تشمل مراجعة للدستور ودعوة إلى استفتاء من أجل تغيير نظام الحكم".
وفي مؤشر إلى انعدام الثقة لدى التونسيين، لم تتمكن حملة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من تسجيل أكثر من 500 ألف ناخب جديد من أصل 3 ملايين ناخب جديد.
ويتعين على قرابة 5 ملايين تونسي انتخاب رؤساء 350 بلدية في انتخابات على قاعدة النسبية تجرى على مرحلة واحدة.
ويشكل 8 ملايين تونسي القاعدة الناخبة من أصل 11 مليون نسمة، وسجل نحو 5 ملايين من هؤلاء أسماءهم منذ الانتخابات الأخيرة.
وستشكل نسبة المشاركة التحدي الأكبر في الانتخابات في تونس، حيث الشباب الذين حققوا الثورة يعبرون بشكل دائم عن استيائهم من البطالة والبؤس ولا سيما في المناطق المحرومة في الداخل التونسي.
واعتبرت صحيفة "لا برس" الصادرة بالفرنسية أن "العمل الذي أنجزته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لن يفيد بشيء لأنه مع تحديد موعد جديد يجب أن يعاد كل شيء بدءاً من عملية إعادة التسجيل".