لأنه كان الحدث الأساسي الذي واجهه النظام الإقليمي الخليجي خلال العقود الثلاثة الماضية يستذكر مركز اتجاهات للدراسات والبحوث الغزو العراقي للكويت في الثاني من أغسطس عام 1990، حينما تعرضت البلادلأعنف وأخطر أزمة يمكن أن تتعرض لها أية دولة، حيثقامت القوات العراقية باجتياح الدولة، وضمها وإجبار أفراد الأسرة الحاكمة على اللجوء إلى الخارج، وتم الاستيلاء على قصر دسمان لتصبح الكويت هي الأرض العربية الثانية التي يتم احتلالها بالقوة بعد عام 1945 بالإضافة إلى أرض فلسطين، لاسيما أن سياسة العراق كانت قائمة على خلق الأعداء بدلا من جذب الأصدقاء.
المحافظة 19
ويسترجع «اتجاهات» محاولة بغداد خلال حكم الرئيس المخلوع صدام حسين إلحاق الإمارة فورا بها رسميا، واعتبارها المحافظة العراقية التاسعة عشر، ومحو اسم الكويت من الخريطة الدولية، كما لو أن الكويت ليست جارا شقيقا، وإنما فريسة يتم اصطيادها واحتلال أراضيها ونهب ثرواتها والاستحواذ على نفطها، وإذلال شعبها وأسر نسائها. وأعلنت الأمم المتحدة في ذلك الوقت أن ضم الكويت للعراق عمل غير مشروع، واعتبرت مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا أن الغزو العراقي يشكل تحديا صارخا لمبادئ الأمم المتحدة التي أُنشئت من أجلها، وقالت «إن نحن سمحنا لذلك الغزو أن ينجح، فلن يبقى هنالك أي بلد في مأمن».
تنديد دولي
وفي هذا السياق أيضا، يشدد تقرير «اتجاهات» على تنديد مجلس الأمن الدولي بالإجماع بغزو العراق للكويت، وذلك في اجتماع عاجل له بناء على دعوة الكويت وأمريكا، وطالب القرار رقم 660الذي أصدره المجلس، العراق بسحب جميع قواتها من الكويت.
ومع إصرار صدام حسين ونخبة حزب البعث على «مبررات الاجتياح» وتطلعه للسيطرة على الأرض والثروة الكويتية وخاصة النفطية، سرعان ما تحولت إلى أزمة ليس فقط بين العراق من جانب والكويت ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى من جانب آخر، ولكن اصبحت بين العراق والمجتمع الدولي، وهو ما أدى إلى تشكيل قوات التحالف الدولي والإقليمي لتحرير الكويت، والتي تنتمي لأكثر من 34 دولة للتوغل في الأراضي العراقية والكويتية، على نحو أدى إلى تغيير معادلة فرض الأمر الواقع، بعد فترة احتلال استغرقت سبعة أشهر.
وعلى الرغم من مطالبة صدام حسين القوات العراقية بالقتال العنيف لقوات التحالف الدولي، وأن لا يتم إظهار أي رحمة معهم، فقد تحققت الأهداف السابقة في يوم واحد وهو تاريخ الحرب البرية في 24 فبراير 1991 الأمر الذي سهل دخول القوات البرية للتحالف من جنوب الكويت، وتحريرها خلال 48 ساعة فقط من الحرب البرية، إذ أعلنت اذاعة بغداد في مرحلة لاحقة بأن القيادة العراقية تؤكد قبولها الانسحاب من الكويت وفق قرار مجلس الأمن رقم 660. لذا، تعد خطة تحرير الكويت من أكثر الخطط الاستراتيجية التي تدرس في المعاهد الأكاديمية والجامعات العسكرية.
الحاجز النفسي
وأكد «اتجاهات» أن هذه الأزمة عكست وجود إدراك دولي بمحورية دور الكويت على الساحة الدولية، وقدرة قادتها على تحمل مسؤولياتهم، وأيضا علاقاتها المتوازنة في سياستها الخارجية، خاصة في ظل تولي الأمير الحالي الشيخ صباح الأحمد حقيبة وزارة الخارجية على مدى عقود طوال. 
تضحيات كويتية
يستذكر «اتجاهات» التضحيات التي قام بها الشعب الكويتي خلال الأزمة، ولعل ابرزها استشهاد الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح عن عمر ناهز 45 عاما على يد قوات النظام العراقي وهو يدافع عن أرض الكويت الطاهرة. واستشهاد عناصر رجالية ونسائية ضحت بدمائها من أجل الوطن، ناهيك عن اسر القوات العراقية لمواطنين كويتيين، ما يدلل على صلابة التجربة الكويتية في مقاومة المحتل.
الإرادة الكويتية
وأوضح التقرير أنه في تلك المرحلة أصبح على عاتق الكويتيين الذين بقوا في البلاد مواجهة الاحتلال العراقي ومقاومته بأبسط وسائل المواجهة العسكرية في ظل اختلال موازين القوى بين الجانبين، غير أن الإرادة الكويتية كانت حاضرة وبقوة خلال تلك الفترة، ليعكس الاستجابة الوطنية لهذا التحدي، بعد أن عمل الاحتلال على تغيير ملامح الدولة عبر هدم الأبنية ونسف محطات تقطير المياه ومحطات توليد الكهرباء وحرق أبار النفط، بعد الإدراك باستحالة استمرار هذا الاحتلال، وفقا لما كان يسمى باستراتيجية «الأرض المحروقة»، والتي تهدف إلى تدمير الأخضر واليابس في الكويت بعد فشل مشروع «الإحلال العراقي».
الانتماء للوطن
ويدعو «اتجاهات» المؤسسات الإعلامية والمنابر الصحفية والمراكز البحثية والهيئات التعليمية، خاصة في مقررات التربية الوطنية في دولة الكويت إلى استكمال مشوارها في المرحلة القادمة إذ أن طبيعة الرسالة تؤثر في تشكيل مدركات الأفراد وتكوين الهوية الوطنية وهو إيلاء مساحة مهنية أكبر بشأن توعية المجتمع بقيمة الوطن، وتعزيز الانتماء لدى الأجيال التي لم تشهد تأسيس قيام الدولة قبل 53 عام، ودعم أواصر اللحمة الوطنية بين المواطنين على أرض البلاد، وتجسيد مكانة القادة الذين ضحوا بأرواحهم وحياتهم فداء للوطن لدى الأجيال الجديدة.