أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم ضرورة أن يتحول الاتحاد البرلماني الدولي إلى سلطة أخلاقية لها حق الانتقاد المباشر والتنبيه والتحذير والإنذار والتجميد إزاء كل من لا يلتزم بمبادئ الاتحاد.

جاء ذلك في كلمة ألقاها الغانم اليوم أمام الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في مؤتمره الـ 137 المنعقد في سان بطرسبيرغ بروسيا الاتحادية.

وقال الغانم " نحن نتفهم إيمان البعض ورغبته في عدم تحويل الاتحاد البرلماني الدولي إلى محكمة ، لكنني ولتعذروني ، لا أتفهم في المقابل أن يكون البديل هو تحولنا إلى منتدى للكلام والفضفضة والتنظير".

وتساءل الغانم " أليس هناك طريق ثالث ؟ " مشددا على أهمية أن يتحول الاتحاد إلى سلطة أخلاقية لها حق اتخاذ الإجراءات المختلفة إزاء كل برلمان لا يلتزم بالمبادئ التي نص عليها النظام الأساسي للاتحاد.

وأضاف " نحن لا نطالب باتخاذ إجراءات انفعالية بل نطالب بممارسة سلطتنا الأخلاقية ، إزاء ملف صارخ وواضح وقديم ومزمن ، اتفقت كل قرارات الشرعية الدولية على انها تمثل انتهاكا واضحا لمبادئها الإنسانية الجامعة ".

وضرب الغانم مثالا على الخروقات التي ترتكب بحق النظام الأساسي للاتحاد وميثاق الأمم المتحدة بممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني قائلا " أن تحتل اراضي ليست لك ، وتمارس الاستيطان في مدن وقرى مملوكة لغيرك ، وأن تمارس القتل والاغتصاب ضد شعب أعزل طيلة 70 عاما ، وأن تمنع أصحاب الديانات الأخرى من ممارسة شعائرهم في مقدساتهم، هذه ليست قضايا ملتبسة ومحل خلاف بل هي ممارسات شديدة الوضوح ، وتنطوي على قدر كبير من التوحش ".

واستطرد في هذا الإطار قائلا " أتحدث عن كيان يقوم في عصر الفضاءات المفتوحة ببناء جدار عازل ، جدار عال من الاسمنت والخرسانة ، أي جنون هذا ؟ ، هل يوجد عاقل أو سوي في العالم الآن يفكر في بناء الأسوار والقلاع والحصون ؟ في أي عصر يعيش هذا الكيان ؟ ".

وجدد الغانم في ختام كلمته الدعوة إلى ضرورة ممارسة كل أنواع الضغط السياسي والأخلاقي على الكنيست الإسرائيلي ، وإلى تفعيل سلطة الاتحاد ككيان يضم ممثلي شعوب العالم المتطلعة إلى الحرية والكرامة والعدل لاتخاذ الإجراءات التي تحفظ لهذا الاتحاد هيبته وعدالته وسمعته وتحافظ على مبادئه .

من جهة أخرى تطرق الغانم في كلمته الى المأساة الانسانية لمسلمي الروهينغا والتي وصفها بـ " الكارثة التي جسدت المثال الصارخ لرفض الآخر ، لمجرد انه مختلف عرقيا او دينيا او ثقافيا ".

وقال انه برغم النداءات والاستنكارات المتتالية من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لا تزال تلك الأزمة تتصاعد والعالم يتفرج.

واستدرك الغانم قائلا " بالرغم من كل شيء فنحن مدينون بالشكر لأعضاء الاتحاد على الموقف الرائع الذي اتخذوه امس بالتصويت بشكل كاسح للبند الطارئ المتعلق بالروهينغا ".

وكان البند الطارئ المتعلق بالروهينغا والذي قدمه البرلمان الكويتي وبرلمانات دول أخرى قد حصل يوم امس على أغلبية ساحقة من أصوات أعضاء الاتحاد وأدرج على جدول أعمال المؤتمر.


وفيما يأتي النص الكامل لكلمة رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم :


بسم الله الرحمن الرحيم

معالي رئيسة المجلس الفيدرالي الروسي 

معالي رئيس الاتحاد البرلماني الدولي

السيدات والسادة الحضور ،،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بداية ، أحيي الجمعية العامة للاتحاد على اختيار موضوع التعددية الثقافية والسلام من خلال حوار الأديان والأعراق ، موضوعا للمناقشة العامة في هذه الدورة.

إن أهمية هذا الموضوع محل النقاش ، تزايدت في السنوات الأخيرة ، خصوصا مع صعود ظاهرتي الإرهاب والتعصب دينيا ، والتطرف اليميني سياسيا ، وهما ظاهرتان ، شكلتا نكوصا وتراجعا في الوعي الإنساني العالمي ، قياسا بما تحقق من نجاحات وتقدم مع نهايات القرن العشرين .

لكن برغم التقدم الذي احرزه الإنسان خلال العقود الماضية ، مازالت هناك بؤر تتجسد فيها كل البدائيات والغرائزيات والنزعات المتوحشة.

ولعل آخر حلقات السقوط ، تمثلت في الأزمة الإنسانية المروعة لأقلية الروهينغا في ميانمار ، تلك الكارثة التي جسدت المثال الصارخ لرفض الآخر ، لمجرد انه مختلف عرقيا او دينيا او ثقافيا.

وبرغم النداءات والاستنكارات المتتالية من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ، لا تزال تلك الأزمة تتصاعد والعالم يتفرج.

وإن كنا مدينين بالشكر لأعضاء الاتحاد على الموقف الرائع الذي اتخذوه امس بالتصويت بشكل كاسح للبند الطارئ المتعلق بالروهينغا.


السيدات والسادة

اذا ما ذكرت كلمة ( احتلال ) على سبيل المثال ، فما النموذج الذي سيتم استدعائه تلقائيا عند كل انسان يسكن هذا الكوكب ؟
من الذي لا يزال يمارس هذه الكلمة القميئة القديمة عمليا ؟
أنا متأكد أن نقطة جغرافية واحدة هي التي سيتم التفكير بها لأول وهلة ،
إنها فلسطين ، ليس غيرها
فلسطين ، الأرض العتيقة
فلسطين ، أرض الديانات والأنبياء
فلسطين ، الجرح المفتوح ، القاتل والمقتول

هناك تتجسد كلمة (احتلال) ، ليس بوصفها مناقضة لكل مفاهيم التعددية الثقافية والدينية والعرقية ، والذي هو محل نقاشنا اليوم ، بل بوصفها إلغاء تاما ونهائيا للآخر من جذوره.

اذا ، نحن لا نتحدث عن كيان يمارس تفرقة وتمييزا عنصريا ودينيا فحسب ، بل عن كيان يلغي هذا الآخر من الأساس
يعتبره بلا حق
ويرفض حتى الاعتراف بوجوده كحقيقة ديمغرافية


السيدات ، السادة الحضور ...

تصف ورقتكم التعريفية التي وزعت قبل أشهر والمتعلقة بنقاشنا اليوم ، برلمانيي العالم بأنهم (حراس السلام) ،

وأنا أتساءل هنا ، كيف لحارس أن يمارس مهامه ، وهو مجرد من سلاحه ، بل ومن قدرته حتى على تسجيل مخالفة إزاء أي خرق

هنا يتحول الحارس إلى متفرج ، وبالتبعية الى متواطئ بالصمت ، وشاهد زور ، وهذا ما لا نريده لاتحادكم الموقر.

نحن نتفهم إيمان البعض ورغبته بعدم تحويل الاتحاد البرلماني الدولي الى محكمة ، لكنني ، ولتعذروني ، لا أتفهم في المقابل أن يكون البديل ، هو تحولنا الى منتدى للكلام والفضفضة والتنظير.

أليس هناك طريق آخر؟
أن يتحول كياننا مثلا ، الى سلطة أخلاقية ، لها حق الانتقاد المباشر والتنبيه والتحذير والانذار والتجميد، إزاء كل من لا يلتزم بمبادئ اتحادنا.

أين نحن من كل تلك الإجراءات، التي تشكل ضغطا حقيقيا على كل من يتجرأ على خرق الإجماع العالمي ؟

وعندما أقول الاجماع العالمي ، فأنا أتحدث عما اتفقنا عليه جميعنا منذ عام 1945 ، أتحدث عن ميثاق الأمم المتحدة ، واتفاقيات جنيف الحقوقية ، ومواثيق القانون الدولى ، وأخيرا مبادئ نظامنا الأساسي في الاتحاد البرلماني الدولي.

نحن لا نطالب بإجراءات انفعالية بل نطالب بممارسة سلطتنا الأخلاقية ، إزاء ملف صارخ وواضح وقديم ومزمن ، اتفقت كل قرارات الشرعية الدولية على أنها تمثل انتهاكا واضحا لمبادئها الإنسانية الجامعة.

أن تحتل اراضي ليست لك
وتمارس الاستيطان في مدن وقرى مملوكة لغيرك
وان تمارس القتل والاغتصاب ضد شعب اعزل طيلة 70 عاما
وان تمنع أصحاب الديانات الأخرى من ممارسة شعائرهم في مقدساتهم

هذه ليست قضايا ملتبسة ومحل خلاف ، بل هي ممارسات شديدة الوضوح ، وتنطوي على قدر كبير من التوحش ، وتناقض كل ما يدعو اليه الانسان المتطلع الى السكن في كوكب ، يسوده العدل والكرامة الإنسانية.

أتحدث عن كيان ، يقوم في عصر الفضاءات المفتوحة ، ببناء جدار عازل ، جدار عال من الاسمنت والخرسانة
أي جنون هذا ؟
هل يوجد عاقل او سوي في العالم الآن ، يفكر ببناء الأسوار والقلاع والحصون ؟؟
في أي عصر يعيش هذا الكيان ؟؟؟

السيدات والسادة ...

أحتاج الى ساعات وساعات ، لأسرد الشواهد العملية على استمرار الكيان الإسرائيلي الغاصب في انتهاك كل قرارات الشرعية الدولية.

ولكن لا بأس من مثال واحد قريب

مجلس الامن الدولي ، وبتركيبته المتنوعة ، قام في ديسمبر من العام الماضي وبإجماع أعضائه ، بإصدار القرار رقم 2334 والقاضي بضرورة وقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.

وبدلا من انصياع إسرائيل لهذا القرار قام الكنيست ، الذي هو عضو بيننا الآن ، في السادس من فبراير هذا العام بالمصادقة على قانون تنظيم الاستيطان والذي يشرعن وبأثر رجعي بناء على يقارب أربعة آلاف مسكن استيطاني في 16 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية.

إذا لم يكن هذا هو العبث ، والاستهتار ، والتجاهل المطلق لقرارات الشرعية الدولية فكيف يكون شكل العبث اذا ؟

ومن هنا أجدد الدعوة - وسنظل نجددها في كل مناسبة من دون كلل او ملل - إلى ضرورة ممارسة كل أنواع الضغط السياسي والأخلاقي على الكنيست الإسرائيلي ، والى تفعيل سلطة اتحادنا ككيان يضم ممثلي شعوب العالم المتطلعة الى الحرية والكرامة والعدل لاتخاذ الإجراءات التي تحفظ لهذا الاتحاد هيبته وعدالته وسمعته وتحافظ على مبادئه.

وفي الختام ، لا يسعني إلا أن اتقدم بالشكر الجزيل للسيد صابر تشودري على حسن إدارته للاتحاد طيلة فترة رئاسته وعلى ما أظهره من حكمة وخبرة في تولي مقاليد الاتحاد ، مؤكدا له أنه (سيتعب من بعده).

شكرا على حسن الإنصات

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته