استطاع الاقتصاد المصري أن يحافظ على تسارع وتيرة نموه خلال الربع الأول من العام 2015، على الرغم من تراجع بعض المؤشرات بشكل طفيف. ومن المتوقع أن يتجاوز النمو الحقيقي نسبة 4 بالمئة للمرة الأولى منذ العام 2010 بدعم من استقرار المشهد السياسي والدعم المالي من دول مجلس التعاون الخليجي وتحسّن ثقة الأعمال. كما شكّل القطاع الحكومي من خلال مساهمته في تنشيط الاستثمار دعما مهما للنمو الاقتصادي، إذ تعمل الحكومة حاليا على عدد من المبادرات والمشاريع الاستثمارية التي من ضمنها توسعة قناة السويس.  ذلك كما ورد في تقرير البنك الوطني الصادر امس.
 
وتشير العديد من البيانات الأخيرة إلى هذا التعافي بما فيها بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ومؤشر مديري المشتريات ونمو الائتمان الممنوح للقطاع الخاص والتوظيف. وعلى الرغم من تراجع بعض تلك البيانات خلال الربع الأول من العام 2015 كمؤشر مديري المشتريات، إلا أن الصورة العامة لا تزال تشير إلى وجود تعاف تدريجي في النشاط الاقتصادي، إذ ارتفع النمو الحقيقي للائتمان الممنوح للقطاع الخاص إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من سبع سنوات. 
 
 
 
وتيرة التعافي 
 
استمر النمو الاقتصادي بالتعافي خلال الأشهر الأخيرة، إذ تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 4.3 بالمئة على أساس سنوي خلال الربع الأخير من العام 2014 وأيضا خلال كامل العام 2014. وتشير الكثير من البيانات الأخيرة إلى أن وتيرة التعافي مستمرة على الرغم من تسجيلها بعض التباطؤ خلال الربع الأول من العام 2015. ومن المتوقع أن يصل النمو إلى 4.5 بالمئة خلال السنة المالية 2014-2015. ونتوقع أن يحافظ النمو على هذه الوتيرة خلال السنة المالية 2015-2016 ليشهد تحّسنا بعد ذلك.  
 
 
 
الجنيه المصري
 
شهد معدل التضخم تسارعا خلال العام الماضي. وقد ساهمت الحكومة من خلال رفعها لأسعار الوقود في منتصف العام 2014 في محاولة منها لخفض المعونات في ارتفاع الأسعار. إلا أن تراجع الجنيه خلال بداية هذا العام قد أدى مرة أخرى إلى رفع الضغوطات التضخمية. فقد ارتفع معدل التضخم إلى 13.1 بالمئة على أساس سنوي خلال مايو من العام 2015 مقارنة بمستواه المنخفض في العام الأسبق عند 8.2 بالمئة على اساس سنوي. ومن المتوقع أن يرتفع معدل التضخم إلى مستوى قياسي بحلول منتصف العام 2015 ليتراجع مرة أخرى بعد ذلك. 
 
لا يزال العجز المالي من أهم التحديات أمام الاقتصاد المصري. فقد تراجعت الأوضاع المالية في مصر بشكل أكبر خلال العام الماضي، إذ اتسع العجز المالي خلال فترة اثني عشر شهرا إلى 13.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في أبريل من العام 2015 مقارنة مع 10.8 بالمئة في الفترة نفسها من العام السابق. لكن من المتوقع أن تتراجع هذه النسبة بحلول نهاية السنة المالية 2014-2015 في يونيو لتصل إلى ما يقارب 12.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.  
 
اتسع العجز المالي في الحساب الجاري خلال الربع الأول من العام 2015. ويرجع ذلك بشكل كبير إلى تراجع المدفوعات التحويلية من الجهات الرسمية. وقد لعب أيضا التراجع في الصادرات النفطية وقوة نمو الواردات دورا في تسجيل هذا العجز. وبينما لا تزال مصر مستفيدة من المنح المالية المقدّمة من دول مجلس التعاون الخليجي كودائع في البنك المصري المركزي، إلا أن هذه المنح قد بدأت بالتراجع. فقد اتسع العجز إلى أعلى مستوى له منذ عامين ليبلغ 3.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي من خلال تتبع فترة اثني عشر شهرا.  
 
 
العملة الأجنبية 
 
عكس تراجع السندات السيادية احتواء الاقتصاد المصري لبعض المخاطر التي تواجهه. فقد استقر العائد على الديون السيادية بالدولار الأميركي المستحقة في 2020 و2040 وبقي عند مستويات منخفضة نسبيا عند 4.6 بالمئة و6.9 بالمئة على التوالي في بداية شهر يونيو من العام 2015. كما استقرت مبادلة مخاطر الائتمان نسبيا فوق 300 نقطة أساس بقليل.  
 
 
الاحتياطات الرسمية 
 
ارتفعت الاحتياطات الرسمية في البنك المصري المركزي خلال الأشهر الأخيرة نتيجة المنح المالية المقدمة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي على هيئة ودائع بقيمة 6 مليارات دولار. وقد استقرت الاحتياطات عند 19.6 مليار دولار بحلول نهاية شهر مايو من العام 2015 أو عند ما يساوي قيمة 3.6 أشهر من الواردات. وقد تراجعت الضغوطات على الاحتياطات نتيجة كل من الدعم الرسمي، وفرض قيود على رؤوس الاموال وتراجع قيمة الجنيه في يناير.