قال مصدران في الحزب الحاكم في زيمبابوي يوم السبت إن الحزب سيعزل الرئيس روبرت موجابي وسيعيد تعيين إمرسون منانجاجوا الذي أقاله موجابي من منصب نائب الرئيس وذلك في الوقت الذي احتفل فيه المواطنون بقرب سقوط رئيس البلاد.
وانتهى حكم موجابي فعليا، بعد أن ظل في الحكم 37 عاما، منذ تولى الجيش السيطرة يوم الأربعاء واحتجز الرئيس في مقر إقامته قائلا إنه يرغب في استهداف ”المجرمين“ حول الرئيس.
وقال التلفزيون الرسمي نقلا عن القس فيدليس موكونوري الذي يتوسط في المفاوضات مع الرئيس إن موجابي سيجتمع بقادة الجيش يوم الأحد.
وتدفق مئات الآلاف على شوارع العاصمة وهم يلوحون بالأعلام ويرقصون وعانقوا الجنود وغنوا ابتهاجا بسقوط موجابي المتوقع.
وفي مشاهد أشبه بسقوط دكتاتور رومانيا نيكولاي تشاوشيسكو عام 1989، جرى رجال ونساء وأطفال بجانب المدرعات والقوات التي تدخلت الأسبوع الماضي للإطاحة بموجابي، الحاكم الوحيد الذي عرفته زيمبابوي منذ استقلالها عام 1980.
وموجابي (93 عاما) قيد الإقامة الجبرية في مجمعه الفاخر في هاراري المعروف باسم (البيت الأزرق) والذي شهد منه تبدد ما كان يحظى به من دعم حزب الاتحاد الوطني الإفريقي الزيمبابوي/الجبهة الوطنية الحاكم والأجهزة الأمنية والمواطنين في أعقاب سيطرة الجيش على السلطة يوم الأربعاء.
وقال المصدران إن اجتماع الحزب المقرر أن يبدأ في العاشرة والنصف صباحا (0830 بتوقيت جرينتش) سيعيد إيمرسون منانجاجوا نائب الرئيس إلى منصبه وسيعزل جريس زوجة موجابي من قيادة الرابطة النسائية بالحزب.
وقال باتريك تسويو ابن شقيق موجابي يوم السبت إن الرئيس وزوجته جريس ”مستعدان للموت من أجل ما هو صحيح“ ولا يعتزمان التنحي لإضفاء الشرعية على ما وصفه بانقلاب عسكري في البلاد.
وأوضح قائلا إن موجابي هو فقط من يملك سلطة الدعوة لاجتماع اللجنة المركزية.
وأضاف في تصريح لرويترز من موقع لم يكشف عنه في جنوب أفريقيا إن موجابي لم ينم تقريبا منذ استيلاء الجيش على السلطة يوم الأربعاء لكن حالته الصحية بخلاف ذلك ”جيدة“.
وفي شوارع هاراري، عبر السكان عن مشاعرهم بلا قيود وهم يتحدثون عن تحرير ثان للبلاد وعن التغيير السياسي والاقتصادي بعد عقدين من القمع والمصاعب.
وقال فرانك موتسينديكوا (34 عاما) لرويترز وهو يلوح بعلم زيمبابوي ”هذه دموع الفرحة... انتظرت طول عمري هذا اليوم. أحرار أخيرا. نحن أحرار أخيرا“.
ومن المرجح أن يلقي سقوط موجابي بظلاله على أنحاء أفريقيا التي يوجد بها عدد من الزعماء الأقوياء، من رئيس أوغندا يوويري موسيفيني إلى جوزيف كابيلا رئيس جمهورية الكونجو الديمقراطية، والذين يواجهون ضغوطا متزايدة من أجل التنحي.
واضطر الجيش للتحرك بعد قرار موجابي إقالة منانجاجوا المنافس الرئيسي لزوجة موجابي على منصب الرئيس القادم. ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2018.
وينتظر الزيمبابويون في الخارج سقوط موجابي أيضا. وتجمع مئات من الزيمبابويين في بريطانيا أمام سفارة بلدهم في لندن مطالبين بتنحي الرئيس المخضرم.
وقالت فلورنس البالغة من العمر 34 عاما ”إنني سعيدة اليوم لأن موجابي على وشك الرحيل. ينبغي عليه الرحيل. على الأقل إن ذهب سيكون لدينا فرصة لتغيير الرئيس بعد سنوات عديدة من الظلم“.
بالنسبة لبعض الأفارقة، يظل موجابي بطلا قوميا وآخر زعيم استقلال في القارة ورمزا للتخلص من قهر استعماري دام عقودا.
لكن كثيرين في الداخل والخارج يعتبرونه دكتاتورا لجأ للعنف للاحتفاظ بالسلطة وتسبب في انهيار اقتصاد كان ذات يوم واعدا.
وتشير مصادر سياسية ووثائق مخابرات اطلعت عليها رويترز إلى أن رحيل موجابي سيمهد الطريق على الأرجح أمام حكومة وحدة مؤقتة يقودها منانجاجوا الذي عمل مساعدا لموجابي لفترة طويلة وكبير المسؤولين الأمنيين السابق المعروف بلقب (التمساح).
كما تشير الوثائق إلى أن الأولوية ستعطى لتحقيق استقرار للاقتصاد المتداعي.
وقالت الولايات المتحدة إنها تتطلع ”لمرحلة جديدة“ في زيمبابوي وقال رئيس بوتسوانا المجاورة إيان خاما إن موجابي لا يتمتع بدعم دبلوماسي في المنطقة وعليه الاستقالة فورا.
وقالت صحيفة ذا هيرالد الحكومية الرئيسية إن الحزب الحاكم دعا موجابي يوم الجمعة للاستقالة في إشارة واضحة إلى أن سلطة الزعيم المخضرم انتهت.
وقالت الصحيفة إن أفرع الحزب في كل الأقاليم العشرة في زيمبابوي دعت أيضا إلى استقالة جريس زوجة موجابي التي كانت تتطلع إلى أن تخلف زوجها في المنصب مما أغضب الجيش ومعظم من في البلاد.
تعكس المشاهد في هاراري الغضب والإحباط الذي تراكم على مدى عقدين تقريبا من سوء الإدارة الاقتصادية منذ بدأت السلطات في مصادرة مزارع مملوكة للبيض في عام 2000 وكان ذلك أحد العوامل التي ساهمت في انهيار أوسع للاقتصاد.
وحاول البنك المركزي أن يرسم مخرجا للأزمة على طريقته وذلك بإطلاق العنان لطبع النقود لكن الإجراء زاد الأمور سوءا وأدى إلى تضخم صاروخي وصل إلى 500 مليار بالمئة في عام 2008.
وهاجر ثلاثة ملايين مواطن على الأقل بحثا عن سبل معيشة أفضل واتجه أغلبهم إلى جنوب أفريقيا.
وبعد استقرار وجيز عندما اضطر موجابي للعمل مع المعارضة في حكومة وحدة في الفترة بين عامي 2009 و 2013 انهار الاقتصاد مجددا وكان السبب هذه المرة هو نقص حاد في الدولار بالبلد الذي يصل عدد سكانه إلى 16 مليون نسمة.
وفي أكتوبر تشرين الأول زاد التضخم الشهري إلى أكثر من 50 في المئة ليجعل السلع الأساسية بعيدة عن متناول الكثير من أبناء زيمبابوي التي يصل معدل البطالة بها إلى 90 في المئة.