بعد أكثر من شهرين على إجراء حكومة كردستان العراق استفتاء على الاستقلال عن العراق، في تحدٍ لجميع الدول المحيطة به، يعمل حالياً رئيس وزرائه لتحسين علاقات الإقليم مع جيرانه، رغم استمرار التوترات مع الحكومة العراقية الفيدرالية في بغداد. 
ويلفت سليمان ملحم، محلل سياسي واقتصادي مستقل، متخصص في شؤون الشرق الأوسط وأوروبا، لحملة عسكرية شنتها القوات العراقية، ومن ضمنها عشرات الآلاف من قوات الحشد الشعبي الشيعية، بعد إجراء الاستفتاء، وحيث انتزعت من قوات البشمركة الكردية منطقة كركوك المتنازع عليها، والغنية بالنفط. 
وقام العراق بوقف تمويل كردستان، وأغلق مطارات في منطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي، واستولى على معابر برية، ما أدى لعزل المنطقة عن العالم الخارجي. ويشير ملحم إلى أن إيران فرضت إجراءات عقابية ضد كردستان العراق، ومن ضمنها عقوبات اقتصادية على نفطه وقطاع الطاقة فيه، الذي يؤمن قسماً كبير من ميزانيته لتوفير خدمات عامة واستثمارات. كما فرضت إيران حظراً نفطياً على الإقليم.
إلى ذلك، هددت تركيا بفرض عقوبات مماثلة، ولكنها لم تنفذ تهديداتها بعد. ويبدو أن العلاقات بين الجانبين تحسنت نسبياً، مع سماح الحكومة التركية لرئيس وزراء كردستان، نشروان البارزاني، بعبور الأراضي التركية في رحلته الأخيرة إلى باريس. ولتركيا دور هام بالنسبة لصناعة النفط في كردستان العراق، وحيث تعتبر شارياً رئيسياً لنفطه، فضلاً عن كونها وسيطاً وقناة نقل.
قبل الأزمة، وكانت هناك علاقات تجارية قوية بين كردستان وروسيا في عدة قطاعات اقتصادية. ولكن ليس معروفاً بعد كيف ستتأثر تلك المشاريع الحديثة بالأزمة الحالية. 
في هذا السياق، قال فلاح مصطفى وزير مالية كردستان لوكالة "سبوتنيك": "قد تثبت روسيا أنها تلعب دوراً هاماً في اقتصاد إقليم كردستان، كما فعلت عبر شركة غازبروم".
ويشير الكاتب  في مقال في صحيفة "فورين بوليسي جورنال" إلى دعوات كرر تقديمها، خلال الأسابيع الأخيرة، رئيس وزراء كردستان، نشروان البارزاني، من أجل إجراء حوار مع الحكومة العراقية الفيدرالية، ومع دول مجاورة من أجل إنهاء الأزمة، ولاستعادة العلاقات التجارية والديبلوماسية. 
وقال البارزاني: "لطالما كان كردستان العراق عامل استقرار، وسوف يبقى كذلك. وسيبقى أيضاً ملتزماً الحرب على إرهابيي داعش، ومساعدة لاجئين ونازحين، رغم فرض عقوبات اقتصادية ضد الإقليم". 
ويشير ملحم لعدم إبداء العراق، حتى حينه، استعداداه للخوض في هكذا مفاوضات. وفيما قد تكلف تلك الخطوة الحكومة العراقية ثمناً، لأنه يحتمل أن تخسر دعم إيران وتركيا، وهما تعارضان بشدة قيام أي كيان كردي، ولكن بغداد ستلقى حتماً دعماً إقليمياً ودوياً أوسع. 
وبحسب الكاتب، لطالما عدت الولايات المتحدة حليفاً لكل من بغداد وأربيل، ولكنها اختارت عدم التدخل في النزاع. 
ويأمل مسؤولون من كردستان العراق بأن تضغط الولايات المتحدة على حليفها العراقي، لكي يجلس إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى حل سلمي مع نواب أكراد، وخاصة أن الأزمة الحالية باتت تزعزع استقرار المنطقة، وتدق إسفيناً بين حليفين إقليميين لأمريكا، فيما تتحسن العلاقات بين إيران وكل من تركيا والعراق.
وتحرص الولايات المتحدة على المحافظة على علاقات طيبة مع كل من الحكومة العراقية وكردستان، وخاصة في الوقت الحالي، حيث بدأ بعض حلفائها، كتركيا، في تبني موقف أقل عدائية حيال إيران، وهي تنسق جهودها معهم لإنهاء الحرب في سوريا.