تتجه انظار العالم نحو منتجع دافوس شرقي سويسرا حيث تنعقد الدورة ال48 للمنتدى الاقتصادي العالمي خلال الفترة من 23 وحتى 26 يناير الحالي بحضور اكثر من 70 رئيس دولة وحكومة و 340 وزيرا من مختلف دول العالم.
وتنعقد دورة هذا العام بعنوان (من اجل مستقبل مشترك في عالم متصدع) ليس فقط بسبب التوترات السياسية المنتشرة هنا وهناك بل ايضا بسبب التنافس الاقتصادي وظهور تحديات تفرضها التطورات التقنية الهائلة التي يشهدها العالم على سوق العمل ومنظومة التعليم والمجتمعات.
ومن ابرز معالم منتدى هذا العام هو الحضور الاول للرئيس الامريكي دونالد ترامب امام المنتدى مستعرضا برنامجه (امريكا اولا) والذي يراه الكثيرون متناقضا مع قيم العولمة والليبرالية الاقتصادية والرأسمالية التي يدعمها المنتدى بقوة.
ورأى مراقبون استطلعت وكالة الانباء الكويتية (كونا) آراءهم ان حضور الادارة الامريكية الجديدة يمثل فرصة نادرة لكبار صناع القرارات السياسية والاقتصادية في العالم لفهم التوجهات الاقتصادية الامريكية.
واعتبر المراقبون أن حضور رئيس وزراء الهند ناريندا مودي لتقديم شعاره (صنع في الهند) ومنحه فرصة القاء الكلمة الرئيسية امام المنتدى يرسخ حضور الهند كأحد المحركات الاقتصادية المهمة في العالم وكمثال على نجاح الدول النامية في المشاركة في صناعة القرارات الاقتصادية والسياسية على مستوى العالم.
وتتجه الانظار كذلك الى اول ظهور للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون امام المنتدى والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماي لمعرفة ماذا ينتظر اوروبا في هذا العام بعد البدء بإجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ومدى قوة "محور باريس - برلين" داخل الاتحاد.
ويركز المنتدى على اهمية الأخذ بعين الاعتبار تداعيات الثورة الصناعية الرابعة التي يشهدها العالم منذ التطور الهائل لتكنولوجيا المعلومات لاسيما وان تلك التداعيات تترك بصمات قوية على سوق العمل مثلما هو الحال في تطور انظمة التصنيع الآلية (روبوت) والذكاء الاصطناعي من خلال ما يعرف ب"إنترنت الاشياء".
وذكرت تقارير متخصصة صدرت حول المنتدى ان سوق العمل في المستقبل لن يستمر كما هو عليه الآن مؤكدة ضرورة تطوير منظومة التعليم حيث اصبح امرا حتميا معتبرة ان "اختفاء بعض المهن والوظائف لن يعني انتشار البطالة بل ستكون هناك مجالات مهنية جديدة ربما ليست مألوفة".
وفي هذا المجال يفسح المنتدى لكبرى الشركات مثل (غوغل) و(أي بي ام) و(امازون) و(اوبر) لعرض وجهات نظرها في كيفية التعامل مع تلك التحديات.
وعلى الجانب الآخر لايتجاهل المنتدى مشكلات الدول النامية والاكثر فقرا بل يفسح المجال للحديث عن الصعوبات التي تواجه تلك الدول في تحقيق اهداف الالفية الانمائية.
وتأسس المنتدى على يد استاذ العلوم الاقتصادية الالماني الاصل كلاوس شواب في عام 1970 كحلقة دراسية تجمع شمل مدراء الشركات الكبرى في العالم لبحث النظريات المتطورة في علم الاقتصاد التطبيقي وادارة الاعمال.
ومع اقبال الشركات المتزايد عليه من عام الى آخر تحول الى استضافة كبار صناع القرارات السياسية والاقتصادية في العالم للمشاركة في حواراته التي جاوزت النظرية الى التطبيق لاسيما في مجالي العولمة والليبرالية الاقتصادية.
ثم اتخذ المنتدى شعارا له بعنوان (ملتزمون بتحسين حالة العالم) واتخذ من مدينة جنيف السويسرية مقرا له وحافظ على عقد ندوته السنوية الرئيسية في منتجع دافوس السويسري في الاسبوع الاخير من شهر يناير من كل عام.
وقدم المنتدى أثناء مسيرته التي تشارف على نصف قرن فرصا للحوار بين مختلف التيارات السياسية والاقتصادية تارة خلف الابواب المغلقة واخرى علانية مفسحا المجال لفرص البحث عن حلول وسط للمسائل الاكثر تعقيدا.
ورغم ما يقوله منتقدو المنتدى بأنه نادي الكبار وقلعة الرأسمالية الا انه اصبح بعد 48 عاما حقيقة لا يمكن اغفال اهميتها ولسان حاله يقول "شاركنا ان شئت او دعنا نعمل بهدوء".