إن دولة الكويت أميرا  وحكومة وشعبا سنت لها نهجا إنسانيا أحب السلام، وسخرت له كل امكاناتها، وعملت من اجله منذ الوهلة الأولى لانضمامها لمنظمة الأمم المتحدة، واتخذت دولة الكويت من الشراكة الدولية سبيلا ناجعا لمساعدة الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى بغض النظر عن دينه أو عرقه أو نشأته.

وانطلاقا من هذا المبدأ الإنساني الثابت والالتزام الأخلاقي بحماية الإنسانية الذي اتخذه صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد نبراسا لسياسة دولة الكويت الخارجية، أقامت منظمة الأمم المتحدة بحضور أمينها العام بان كي مون احتفالا أمميا في 9 سبتمبر عام 2014 احتفاء بمنح سموه لقب قائد للعمل الإنساني، وتقديرا لصفة الإنسان في شخص سموه وعرفانا منها بدوره في قيادة حكومة وشعبا في تخفيف معاناة الأمم المتحدة ومساعدتها ودعمها في جمع التبرعات لإغاثة الشعب السوري الشقيق وتخفيف معاناة ضحايا الأزمة.

في هذا الاحتفال التاريخي الذي قلما تشهد له المنظمة الأممية مثيلا، أثنى بان كي مون على جهود صاحب السمو أمير الكويت واصفا ما قام به سموه بالأعمال الرائعة غير المألوفة والتي تجسد معاني الإخاء الإنساني السخي، وتضرب أروع الأمثلة بالقيادة الإنسانية للكويت التي تنهل من القيم الإنسانية المترسخة في وجدان أهل الكويت منذ القدم.

بان كي مون ثمن كذلك استقرار دور سموه اللامحدود في قيادة الجهود العالمية لتخفيف معاناة ضحايا الأزمات ليس في سورية فحسب، بل أينما وجدت معاناة البشر حول العالم.

هذه الطبيعة الإنسانية الكويتية الخيرة، التي كرسها صاحب السمو أمير الكويت في مساعدة ضحايا الأزمة السورية عبر توجيه حكومة الكويت لاستضافة وتنظيم ومتابعة تمويل ثلاثة مؤتمرات عالمية لكبار المانحين اعوام 2013-2014-2015 ألهمت الأمم المتحدة بقيادة أمينها العام بان كي مون وجعلت المنظمة الدولية أكثر تصميما على إبراز تقديرها وامتنانها العميق لدور سموه الإنساني والقيادي الذي قام به استجابة للنداء الأممي في الأزمة السورية.

التوجيهات السامية لصاحب السمو أمير الكويت للحكومة والمنظمات الخيرية المعتمدة حكوميا برئاسة د. عبدالله المعتوق المبعوث الشخصي للأمين العام بان كي مون وجعلت المنظمة الدولية أكثر تصميما على إبراز تقديرها وامتنانها العميق لدور سموه الإنساني والقيادي الذي قام به استجابة للنداء الأممي في الأزمة السورية.

التوجيهات السامية لصاحب السمو أمير الكويت للحكومة والمنظمات الخيرية المعتمدة حكوميا برئاسة د. عبدالله المعتوق المبعوث الشخصي للأمين العام بان كي مون والمستشار بالديوان الأميري والذي يحظى بمكانة رفيعة في الأوساط العالمية، بالإضافة إلى جهود د. هلال الساير رئيس جمعية الهلال الأحمر الكويتي، هذه التوجيهات كان ولا تزال لها بالغ الأثر في تخفيف معاناة الملايين من ضحايا الأزمة السورية التي دخلت عاما الخامس من دون حل يلوح في الأفق، لاسيما أننا نشهد واقعا مؤلما تشير اليه إحصائيات الأمم المتحدة بسقوط أكثر من 250 الف قتيل، وما يتجاوز المليون مصاب، وما لا يقل عن 12.2 مليون شخص بحاجة الى مساعدات إنسانية بينهم 5.6 مليون طفل، مع دمار شامل للبنية التحتية في سورية يعود بها إلى 40 عاما للوراء، فيما بات نصف الشعب السوري يقبع تحت خط الفقر، كما شرد النصف الآخر من الشعب السوري في عدة بلدان منها الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر الأمر الذي أصبح يمثل عدم قدرتها على تلبية احتياجات هؤلاء اللاجئين من جميع النواحي، لاسيما الصحية والتعليمية بالإضافة إلى معاناة هذه الدول من عجز في المواد الغذائية والمائية والكهربائية ما شكل ضغطا شديدا على هذه الدول.

أمام هذا الوضع الكارثي للشعب السوري ومعاناة لاجئيه، تمكنت دولة الكويت برعاية سامية من صاحب السمو أمير الكويت ومن خلال المؤتمرات الثلاثة لكبار المانحين من جمع 7.5 مليار دولار أميركي كان نصيب الكويت منها 3.1 مليون دولار عام 2013 و500 مليون دولار عام 2014 و500 مليون دولار أخرى عام 2015.

إن إنسانية صاحب السمو الأمير لم تقتصر فقط على ضحايا الأزمة السورية فحسب، بل ان ايادي الكويت البيضاء قدمت تبرعات سخية عبر منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، أو عن طريق منظمات غير حكومية أو لجان خيرية ذات طابع اغاثي عالمي.

وتأتي هذه السياسات استجابة لتوجيهات سامية من سموه لنجدة العاجز وإغاثة المحتاج بغض النظر عن ديانته أو لونه أو عرقه أو معتقده السياسي.

ومن التبرعات الأخيرة التي أعلنتها الكويت كانت

 الـ 200مليون دولار أميركي لإعادة اعمار قطاع غزة بإشراف مباشر من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، ومثلها قدمت لإقامة مشاريع حيوية بجمهورية العراق، كما استشعرت الكويت حاجة الشعب اليمني للمساعدة فقدمت 100 مليون دولار يتم توزيعها عن طريق منظمات كويتية غير حكومية، بالإضافة إلى مد يد العون والمساعدة الإنسانية للعديد من دول العالم من بينها تشاد والصومال والسودان والفلبين.

إن المساعدات الكويتية المتنوعة لا تتوقف على مسألة الإغاثة العاجلة فحسب، بل تعمل الكويت عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية ببناء استراتيجيات تنموية على المدى الطويل من شأنها مساعدة الدول النامية على بناء قدراتها في مواجهة الأزمات والكوارث الطبيعية، هو الأمر الذي منح الكويت تكريما مرادفا لتكريم صاحب السمو الأمير كقائد للعمل الإنساني، باعتبار الكويت مركزا عالميا للعمل الإنساني، ما مكنها من لعب دور أساسي في حل الأزمات ودعم الأمن والسلم الدوليين.إن رؤية سموه الإنسانية لدور الكويت ترتكز ايضا على مبدأ التضامن الدولي مع ضحايا الأزمات والكوارث، ومن هذا المنظور فإن الكويت لا تنشط فقط في مساعدة الدول الفقيرة، بل تعمل على مساعدة الدول الغنية التي ألمت بها الكوارث الطبيعية، وهو ما تجلى بشكل واضح في التبرع لليابان بخمسة ملايين برميل من النفط بقيمة سوقية بلغت 500 مليون دولار أميركي، وذلك للمساعدة في جهود إعادة إعمار المناطق التي دمر جراء زلزال تسونامي عام 2011 كما تبرعت دولة الكويت بـ 5 ملايين دولار لمحاربة فيروس الإيبولا الذي ضرب عدة دول في غرب أفريقيا عام 2014.

هذه الرؤية الإنسانية لدور الكويت حكومة وشعبا على المسرح العالمي ليست وليدة اللحظة بل إن صاحب السمو الأمير عمل على ترسيخ هذ الرسالة الإنسانية منذ شغل سموه حقيبة الخارجية حيث تولى تنفيذها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، الذي استفاد من قروضه الميسرة نحو 104 دولة حول العالم، فضلا عن المبادرات السامية التي قادها صاحب السمو الأمير بنفسه من اجل رفع مستوى معيشة الشعوب والحفاظ على كرامتها.

وفي مجال محاربة الفقر ورفع مستوى معيشة الشعوب العربية، قدمت الكويت بقيادة صاحب السمو الأمير خلال القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الأولى التي عقدت بالكويت في يناير 2009، مبادرة تنموية بقيمة ملياري دولار أميركي قدمت منها 500 مليون دولار بهدف توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة للشباب العربي.كما امتدت ان هذه المساهمات السامية لسموه للشعوب الآسيوية، فقد قدمت خلال مؤتمر الحوار الآسيوي الذي عقد في الكويت في نوفمبر 2012 مبادرة مالية تهدف إلى حشد موارد مالية بمقدار ملياري دولار اميركي في برنامج يعمل على تمويل مشاريع انمائية في الدول الآسيوية غير العربية، وكان تبرع الكويت من هذا المبلغ 300 مليون دولار أميركي من رأسمال هذا البرنامج.

أفريقيا بدورها حضرت بقوة على الأجندة الإنسانية والتنموية الكويتية خلال استضافة دولة الكويت القمة العربية الأفريقية الثالثة في شهر نوفمبر 2013، حين قدم صاحب السمو الأمير مبادرة تمنح بموجبها الدول الأفريقية قروضا ميسرة على مدى خمس سنوات بقيمة مليار دولار أميركي، بالإضافة إلى مليار دولار آخر كاستثمارات في البنية التحتية بالتعاون مع البنك الدولي ومؤسسات عالمية أخرى.

ونحتفل اليوم بذكرى التكريم الأممي لصاحب السمو الأمير كقائد للعمل الإنساني، نستذكر معا حجم التحديات الهائلة التي تواجه المجتمع الدولي من أزمات وكوارث طبيعية جعلت أكثر من 100 مليون انسان بحاجة ماسة إلى مساعدات انسانية عاجلة بالإضافة إلى وجود ما لا يقل عن 60 مليون انسان هجروا قصرا من ديارهم، في ظاهرة مثلت أكبر هجرة قصرية يواجهها العالم منذ الحرب العالمية الثانية التي انتهت قبل 70 عاما.

إن ما يحدث اليوم في سورية وعلى الرغم من انقضاء 8 اشهر من السنة الخامسة وهي عمر الأزمة إلا ان خطة الاستجابة لإغاثة سورية مازالت ممولة بأقل من الثلث، وفي العراق ايضا اضطرت الأمم المتحدة للحد من عدد الخدمات الجارية هناك في قطاعي الصحة والتعليم وقطاعات أخرى، ما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على ملايين الأشخاص المتضررين هناك.

أمام تفاقم المآسي الإنسانية حول العالم فإن الناس يزدادون جوعا، والكثير من الأطفال سيفقدون فرصة التعليم وسيتزايد عدد القتلى من المدنيين في حال لم تتضافر جهود المجتمع الدولي لإنقاذهم ما يعانونه من أزمات وكوارث.

الأمم المتحدة كمنظمة إنسانية بالدرجة الأولى وجهت دعوة نبيلة لكل قادة دول العالم للاقتداء بدور وجهود صاحب السمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد كقائد للعمل الإنساني والكويت وشعبها الكريم في تقديم المساعدات الإنسانية لإنقاذ ارواح مئات الآلاف والملايين من البشر المنتظرين تلك المساعدات.

وبمناسبة الذكرى الأولى لتكريم صاحب السمو الأمير اعرب بان كي مون عن اعتزازه بجهود سمو الأمير كقائد إنساني عالمي، في الوقت المعاناة مستمرة للشعب السوري واليمني وبقية الشعوب حول العالم التي طال أمدها، وأمام هذه الأزمات الإنسانية المستمرة، يشدد الأمين العام للأمم المتحدة على المسؤولية الجماعية في الحفاظ على الروح البشرية وكرامة الإنسان أكثر من أي وقت مضى، مؤكدا ايضا استمراره في الاعتماد على صاحب السمو أمير الكويت وباقي قادة دول العالم في الحفاظ على استمرارية دعم الجهود الإنسانية التي سيعمد بشكل رسمي على العمل مع الكويت في الحفاظ على دعم السلام والتنمية المستدامة ورفاة البشرية حول العالم.