فرضت قضية مكافحة الفساد نفسها كأحد العناوين الرئيسية في دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الخامس عشر، في ظل إصرار نيابي على فتح عدد من ملفات الفساد، ووضع عدد من القوانين تحت مشرط التعديلات التشريعية.
ومن الخطوات الملموسة التي اتخذها مجلس الأمة في دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الخامس عشر، إقرار قانون منع تعارض المصالح بعد 12 عامًا من محاولات إصدارة، ويعتبر خطوة مهمة لمكافحة الفساد المالي والإداري.
ويهدف القانون إلى تعزيز الشفافية في العمل بالقطاع العام إذ يفرض حوكمة هذا القطاع كما يعد مطلبًا دوليًّا في مجال التشريع لمكافحة الفساد.
وتنص المادة الأولى من القانون على أن «تعارض المصالح هو كل حالة يكون للخاضع منفعة أو فائدة أو مصلحة مادية أو معنوية تعارض تعارضًا، مطلقًا أو نسبيًّا، ما يتطلبه منصبه أو وظيفته من نزاهة واستقلال وحفظ المال العام أو تكون سببًا لكسب غير مشروع لنفسه أو لغيره.
ويتضمن القانون معاقبة المخالفين بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تزيد على عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين مع رد ما استفاد به من مال أو مصادرته حسب الأحوال وفي جميع الأحوال يعزل من الوظيفة ويلغى الإجراء الذي شارك في اتخاذه وما تبعه من آثار.
ولمتابعة عدد من الملفات التي تحوم حولها الشبهات، اتخذ المجلس عددًا من القرارات المهمة في هذا الصدد، فقرر تكليف لجنه الميزانيات والحساب الختامي نظر التقارير الواردة من ديوان المحاسبة ووزارة الداخلية بشأن المخالفات المالية في وزارة الداخلية خلال العامين 2014 / 2015 و2015 / 2016 وتقديم تقريرها في فترة لا تجاوز ثلاثين يومًا. 
وناقش المجلس في جلسة 17 أبريل 2018 طلبًا مقدمًا من عدد من النواب في شأن وجود إيداعات وسحوبات نقدية وتحويلات وشيكات وتعاملات مالية لأشخاص وشركات ومنها ما هو متعلق بـ(اللجنة الأولمبية واتحاد اللجان الأولمبية الوطنية والمجلس الأولمبي الآسيوي وانتهى النقاش إذ أعلنت الحكومة أنها أحالت الموضوع إلى النيابة العامة. 
ونظرًا لأهمية هذه القضية فقد وردت في رابع محاور الاستجواب الذي تقدم به النائب حمدان العازمي إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، والذي كان يدور حول تراجع الكويت في مؤشر مدركات الفساد.
كما وردت القضية في المحورين الأول والرابع في استجواب النواب الحميدي السبيعي وخالد العتيبي ومبارك الحجرف لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند الصبيح، إذ تناول المحور الأول التجاوزات المالية والإدارية في الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، أما المحور الرابع فقد تناول الفساد المالي والإداري بهيئة القوى العاملة.
الأسئلة البرلمانية 
وألقت القضية بظلالها على الأسئلة البرلمانية وبلغت بها رأس الهرم الحكومي، فتلقى سمو رئيس مجلس الوزراء سؤالين من النائبين شعيب المويزري ورياض العدساني عن تراجع مركز الكويت في مؤشر مدركات الفساد العالمية وحماية صندوق الأجيال القادمة والاحتياطي العام للدولة وخطة مجلس الوزراء في تحسين وضع الدولة في مؤشر مدركات الفساد العالمي وسياسة الحكومة بعملية الإصلاح وتحسين وضع الدولة في كل من (الحوكمة والتنمية المستدامة والشفافية).
وفي هذا الإطار، تم سؤال وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية عن بيان جمعية الشفافية الكويتية بشأن نتائج مؤشر مدركات الفساد لعام 2017 والذي نشر في 21 فبراير 2018 عن تراجع ترتيب الكويت بشكل كبير في مؤشر مدركات الفساد، والاعتبارات التي بناءً عليها حدد ترتيب دولة الكويت والمؤسسات المستقلة والمتخصصة التي وفرت البيانات الداخلة في هذا المؤشر.
كما سئل وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عن موضوع تراجع الكويت دوليًّا في مؤشرات مكافحة وإجراءات الحكومة لبحث وتقييم هذه النتائج، وأسباب تأخر صدور الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
ونظرًا لأهميتها في متابعة ملفات الفساد والتحقيق فيها، انصبت عدد من الأسئلة البرلمانية على هيئة مكافحة الفساد، وتناولت حادثة هروب أحد العاملين فيها وطلبه اللجوء في الخارج والسؤال عن محضر اجتماع مجلس الأمناء.
وشملت الأسئلة آليات النقل بين إدارات الهيئة العامة لمكافحة الفساد أو الترقية أو الترشيح إلى الوظائف الإشرافية والقيادية، وموضوع الأرض المخصصة لبناء المقر الجديد للهيئة في منطقة الشامية وقيمته السوقية وتكاليف بناء المقر وتجهيزه.
وتطرق النواب بأسئلتهم إلى مشروع شبكة الألياف الضوئية، وأسماء القياديين الذين حولوا للهيئة العامة لمكافحة الفساد فيما عرف بقضية أرشيف طوابع البريد.
وسأل النواب عن الإجراءات التي اتخذتها وزارة العدل لتنفيذ التوصيات الواردة في كل من تقرير لجنة حماية الأموال العامة رقم (5) بشأن حفظ الهيئة العامة لمكافحة الفساد بلاغات مجلس الأمناء وتقرير لجنة الشؤون التشريعية والقانونية رقم (43 التكميلي) للتقرير رقم (30) بشأن قانون محكمة الأسرة وتقريرها رقم (41) بشأن تعديل قانون إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد وتعارض المصالح.
كما تم سؤال وزير المالية عن رؤساء ونواب رئيس وحدة التحريات المالية المتعاقبين منذ إنشائها وفق القانون رقم (106) لسنة 2013 في شأن مكافحة الفساد ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وأسباب استقالة السيد بسام الهارون رئيس وحدة التحريات المالية الكويتية، وآليات وطرق تلقي وحدة التحريات المالية للبلاغات من مختلف الأشخاص الطبيعية والمعنوية؟
وفي إطار متابعتهم الملفات التي تحوم حولها شبهات الفساد، فتح النواب من خلال الأسئلة البرلمانية ملفات عقد عافية (2)، والفساد الأكاديمي في المؤسسات التابعة لوزارة التعليم العالي، وبرنامج استقدام أطباء استشاريين من المؤسسات العلاجية العالمية لرفع مستوى الرعاية الصحية في البلاد، وعقود توريد دعامات القلب.
وتطرقت الأسئلة البرلمانية إلى إجراءات وزارة الداخلية بالتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة لمكافحة أوكار الفساد، ومكافحة الظواهر السلبية، وشروط تأجير العقارات من وزارة الداخلية.
الاقتراحات النيابية
وتعدد الاقتراحات بقوانين الرامية إلى مكافحة الفساد في مختلف المؤسسات، حيث تقدم النواب باقتراح بقانون لتعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 في شأن معاقبة الراشي والمرتشي والوسيط بينهما. ولمزيد من الشفافية ولتحقيق المزيد من الرقابة، تقدم النواب بثلاثة اقتراحات بقوانين لتعديل القانون رقم 30 لسنة 1964 بإنشاء ديوان المحاسبة، ويهدف المقترح الأول إلى إلزام رئيس الديوان بإطلاع مجلس الأمة على العقود والمناقصات، أما المقترح الثاني فيهدف إلى إلزام كل وزير بتقديم تقرير نصف سنوي الي مجلس الأمة ومجلس الوزراء بهدف تحصيل مستحقات الوزارة والمخالفات المالية منذ توليه منصبه.
أما المقترح الثالث فيهدف إلى إضافة ضابط قانوني في آلية التدقيق ومراقبة المصروفات الخاصة وإلزام الديوان بإحالة نسخة من التقارير الواردة من الوزراء بشأن المصروفات الخاصة أو السرية إلى رئيس مجلس الأمة مع بيان ملاحظات الديوان في هذا الشأن.
ولتحقيق العدالة والمساواة وكفالة حق التقاضي، تقدم النواب باقتراح بقانون لإلغاء القانون رقم 88 لسنة 1995 في شأن محاكمة الوزراء.
ولتعزيز الثقة والمصداقية بالإجراءات الإدارية ولتحقيق رقابة مسبقة ولاحقة على الأداء الإداري وضمان الشفافية والوضوح في الأداء الإداري، تقدم النواب باقتراح بقانون لإنشاء جهاز مراقبي شؤون التوظيف.
كما تقدم النواب باقتراح بقانون لإنشاء هيئة الإشراف والرقابة على شركات التأمين، بهدف تحديد اختصاصات شركات التأمين وتنظيم سير عملها.