المبشرات بانتصار الإسلام كثيرة، منها مبشرات في القرآن الكريم، ومبشرات في السنة الصحيحة، ومبشرات على أرض الواقع الذي نحياه رغم كل ما يتعرض له المسلمون الآن، والمهم أن نفي بعهد الله حتى يفي الله لنا، وننصر الله لينصرنا.
يأس وقنوط
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: يَتحدَّث كثير من الدعاة عن آخر الزمان، وعن أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة، حدِيثًا يُوحي مُجْمَله أنَّ الكفر في إقبالٍ، وأن الإسلام في إدْبارٍ، وأن الشرَّ يَنتصر، والخير يَنهزم، وأن أهل المُنكر غالبون، وأهلَ المعروف ودُعاته مَخذولون.
ومعنى هذا: أنْ لا أملَ في تغييرٍ، ولا رجاءَ في إصلاحٍ، وأننا ننتقل من سيِّئ إلى أسوأ، ومن الأسوأ إلى الأشد سوءًا، فما من يوم يمضي إلا والذي بعدَه شرٌّ منه، حتَّى تقوم الساعة.
وهذا لا شكَّ خطأ جسيم، وسوء فهم لِمَا ورَد من بعض النصوص الجزئية، وإغفال للمبشرات الكثيرة الناصعة القاطعة، بأن المستقبل للإسلام، وأن هذا الدين سيُظهِرُه الله على كل الأديان، ولو كَرِه المشركون.
لِهذا كان من اللازم أن نَتحدَّث عن هذه (المبشرات)، ونُشيعُها بين المسلمين، حتى نَبعَث الأمل المُحرِّك للعزائم، ونَهزم اليأس القاتل للنفوس.
وهذه المبشرات كثيرة والحمد لله، بعضها مبشرات نَقليَّة من القرآن الكريم ومن السنة النبوية.
وسنَتحدَّث عن كل واحدة من هذه المبشرات بما يفتح الله
المبشرات بانتصار الإسلام من القرآن:
أما القرآن فحسبنا قول الله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)
وقد تكررت هذه الآية بهذه الصيغة مرتين، في التوبة وفي الصف، وفي سورة الفتح (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا)
فهذا وعد من الله تعالى بظهور دين الحق – الإسلام – على الدين كله، أي على الأديان كلها، وكان وعد الله حقًا، فلن يخلف الله وعده، ولا زلنا ننتظر تحقيق هذا الوعد: غلبة دين الإسلام وظهوره على جميع الأديان سماوية أو وضعية.
ونضيف إلى ذلك قوله تعالى في محاولات أهل الكفر النيل من الإسلام، وعرقلة تقدمه وانتشاره: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)
(يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)
والتعبير القرآني يسخر من هؤلاء حين يشبه محاولاتهم في إطفاء نور الإسلام، كالذي يحاول أن يطفئ الشمس بنفخة من فيه، كأنما يحسبها شمعة ضئيلة من شموع البشر.
وبشارة قرآنية أخرى، وهي قوله تعالى: (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون)
المبشرات بإنتصار الإسلام من السنة:
وأما المبشرات من الحديث فحسبنا منها هذه الأربعة: .
1 -ما رواه مسلم في صحيحه وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه وأحمد عن ثوبان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن الله زوى لي الأرض – أي جمعها وضمها – فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها. . . ” الحديث (رواه مسلم وأبو داود والترمذي وصححه، ابن ماجه ، وأحمد
وهو يبشر باتساع دولة الإسلام، بحيث تضم المشارق والمغارب، وهذا لم يتحقق من قبل بهذه الصورة، فنحن بانتظاره كما أخبر الصادق المصدوق.
2ـ ما رواه ابن حبان في صحيحه: “ليبلغن هذا الأمر – يعني الإسلام – ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل دليل، عزًا يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر” (ذكره الهيثمي في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان).
فإذا كان الحديث السابق يبشر باتساع دولة الإسلام، فهذا يبشر بانتشار دين الإسلام، وبهذا تتكامل قوة الدولة وقوة الدعوة، ويتحد القرآن والسلطان.
3ـ ما رواه أحمد والدارمي وابن أبي شيبة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، عن أبي قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص، وسئل: أي المدينتين تفتح أولاً: القسطنطينية أو روميَّة؟ فدعا عبد الله بصندوق له حَلَق قال: فأخرج منه كتابًا قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نكتب، إذ سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أي المدينتين تفتح أولاً: قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مدينة هرقل تفتح أولاً” يعني قسطنطينية (رواه أحمد واللفظ له، وقال شاكر: إسناد صحيح، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير أبي قبيل وهو ثقة، والدارمي وابن أبي شيبة والحاكم ، وصححه ووافقه الذهبي، وذكره الألباني في الصحيحة ).
ورومية هي ما ننطقها اليوم: “روما” عاصمة إيطاليا.
وقد فتحت مدينة هرقل، على يد الشاب العثماني ابن الثالثة والعشرين: محمد بن مراد والمعروف في التاريخ باسم “محمد الفاتح” فتحها سنة 1453م.
وبقى فتح المدينة الأخرى: رومية، وهو ما نرجوه ونؤمن به.
ومعنى هذا أن الإسلام سيعود إلى أوربا مرة أخرى فاتحًا منتصرًا، بعد أن طرد منها مرتين: مرة من الجنوب، من الأندلس، ومرة من الشرق بعد أن طرق أبواب أثينا عدة مرات. وظني أن الفتح هذه المرة لن يكون بالسيف، بل سيكون بالدعوة والفكر.
4ـ ما رواه أحمد والبزار – الطبراني ببعضه – عن النعمان بن بشير عن حذيفة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا (الملك العاض أو العضوض: هو الذي يصيب الرعية فيه عسف وتجاوز، كأنما له أسنان تعضهم عضًا)، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون ملكًا جبرية (ملك الجبرية: هو الذي يقوم على التجبر والطغيان).، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة” ثم سكت (أحمد في مسند النعمان بن بشير من طريق الطيالسي، وأورده الهيثمي في المجمع وقال: رواه أحمد والبزار أتم منه، والطبراني ببعضه في الأوسط ورجاله ثقات، وهو في -منحة المعبود- ، وفي كشف الأستار عن زوائد البزار، وصححه الحافظ العراقي في كتابه: محجة القرب إلى محبة العرب وذكره الألباني في الصحيحة).
إن فتح رومية وانتشار الإسلام حتى يبلغ ما بلغ الليل والنهار، واتساع دولة الإسلام حتى تشمل المشرق والمغرب، إنما هو ثمرة لغرس، ونتيجة لمقدمة، هي عودة الخلافة الراشدة، أو الخلافة المؤسسة على منهاج النبوة بعد بقاء الملك الجبري، والملك العاض، أو العضوض ما شاء الله أن يبقيا من القرون.
إن بعد الليل فجرًا، وإن مع العسر يسرًا، وإن المستقبل للإسلام، وقد بدت بشائر الفجر، والحمد لله.
مبشرات أخرى بإنتصار الإسلام :
ومن هذه البشائر: .
1ـ ظهور الصحوة الإسلامية، التي أعادت للأمة الثقة بالإسلام، والرجاء في غده، وقد أقلقت أعداء الإسلام في الداخل والخارج. وهي جديرة أن تقود الأمة إلى مواطن النصر، إذا قدر الله لها أن يتولى زمامها المرشدون الراشدون، من أولي الأيدي والأبصار، الذين آتاهم الله الفقه في سنن الله، والفقه في دين الله، والحكمة في النظر، والحكمة في العمل (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا)
2ـ انهيار الأنظمة الشمولية، وخصوصًا الشيوعية التي زعمت يومًا أنها ستغزو العالم، وترث الأديان، وتهزم الفلسفات.
لقد سقطت قلاع الشيوعية واحدة بعد الأخرى سيمحق الباطل، وينتصر الحق (ويومئذ يفرح المؤمنون. بنصر الله)
نصرة قضية المسلمين الأولى
دور المسلم في نصرة قضية المسلمين الأولى أن يقوم وفق قدرته بما يستطيع، وقد قال الله تعالى: “اتقوا الله ما استطعتم”، وعليه أن يقوم بالآتي:
ـ أن يجتهد بالدعاء لإخوانه؛ فالدعاء أمر عظيم، ولنتذكر دعاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لنصر المسلمين يوم بدر.
ـ أن يتبرع بالمال للجهات الخيرية التي تقوم بدورها لإيصالها للمحتاجين.
ـ أن ينصرهم بقلمه إن كان كاتباً.
ـ أن ينصرهم بلسانه في محافل الناس من جمع، وعبر وسائل الإعلام الحديثة.
ـ أن يسعى لتوعية المسلمين في كل مكان بأهمية هذه القضية، وبيان النصوص الشرعية التي تربط المسلم في هذه القضية المصيرية.
ويجب على المسلم أن يكون على ثقة وإيمان صادق بالله تعالى وبما بشرت به النصوص التي ثبتت في سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) التي تبشر برجوع الأقصى إلى أصحابه الشرعيين (المسلمين)؛ لذلك لا يحل لمسلم أن ييئس، ونحن على يقين أن العاقبة الطيبة للمسلمين.