قال تقرير الشال الأسبوعي الصادر حول «الحرب التجارية والنفط»: لا تأثير مباشر على الكويت من فرض رسوم جمركية على صادراتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ذلك صحيح ما دامت صادرات النفط ومشتقاته معفية، ولكن التأثير غير المباشر كبير، فإلى جانب حرب الرسوم، خفض أسعار النفط هدف أساسي للإدارة الأمريكية.
وموازنة الكويت الحالية بنيت على رقمين لأسعار النفط الذي يمول نحو 90 % من نفقاتها، الأول سعر التعادل لها والمقدر رسمياً بنحو 90.5 دولار أمريكي للبرميل، والثاني هو السعر المتوقع للسنة المالية الحالية والبالغ 68 دولار أمريكي للبرميل، وكان سعراً متحفظاً في وقت تقديم مشروع الموازنة وحتى إقرارها، ولم يعد متحفظاً.
وفي تاريخ 8 أبريل، وصل سعر برميل النفط الكويتي إلى ما دون السعر الافتراضي المتحفظ وبحدود 64.3 دولار أمريكي، وأصبحت الفجوة بينه وبين سعر توازن الموازنة العامة نحو 26.2 دولار أمريكي، بعدها ظل يتأرجح حول السعر الافتراضي.
ومع انخفاض مستوى اليقين حول التداعيات المحتملة للحرب التجارية، يعتبر بلوغ سعر برميل النفط الكويتي حدود السعر المتحفظ للموازنة، جرس انذار، فالكويت عاجزة عن التأثير على مسار أسعار النفط، ومستوى إنتاجها مرتبط بما تقرره “أوبك+”. والعجز المقدر في الموازنة الحالية عند السعر المتحفظ بحدود 6.3 مليار دينار كويتي، وقد تتجه الكويت إلى الاقتراض من السوق العالمي في وقت قد تؤدي فيه تبعات الحرب التجارية إلى عدم خفض سعر الفائدة على الدولار الأمريكي، ما يعني أن الاقتراض بكلفة مرتفعة هو المتاح حالياً.
وعجز الموازنة كما يعرض له الجدول المرافق سوف يزيد أو ينقص بنحو 280 مليون دينار كويتي مع كل انخفاض أو ارتفاع لسعر برميل النفط بدولار واحد. وخيارات الإدارة المالية باتت محصورة في قدرتها على خفض مستوى النفقات العامة إن أرادات خفض مستوى العجز، ولكن النفقات العامة أصبحت فاقدة للمرونة، فنحو 80 % منها رواتب ودعوم، ونحو 91 % إنفاق جاري، و9 % منها فقط للإنفاق الإنشائي، والأرجح أنه البند الذي سوف يتعرض للخفض.
ولأن المصروفات الانشائية مصروفات صيانة وبنى تحتية، خفضها يعني زيادة متطلبات التعويض عليها في المستقبل، أو مزيد من الضغوط لزيادة الإنفاق عليها بسبب تأجيلها، إضافة إلى بند جديد متنامي لسداد فوائد وأصل الدين الخارجي.
والسبب في أزمة المالية العامة ناتج عن اغفال الإدارة العامة تحذيرات عقود من الزمن حول حتمية اصطدامها بالحائط، فنهجها التنموي لا يخرج عن مفهوم “اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب”، وما يطفو على السطح من أزمات ما هو سوى افراز لهذا النهج، وفي فقرتنا التالية حول الكهرباء نماذج لمثل تلك الظواهر المرضية، ولا علاج لها سوى مواجهة أصل المرض، منهاج التنمية العكسي.