شهدت الجبهة الشرقية لأوكرانيا، خاصة في منطقة بوكروفسك بمقاطعة دونيتسك، تطورات دراماتيكية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث نجحت القوات الروسية في تسجيل تقدم ملحوظ يقترب من أطراف المدينة الجنوبية. وفقًا لتقارير المرصد الأمريكي للصراع في أوكرانيا (isw)، أعلن مراقبون عسكريون أوكرانيون أن القوات الروسية سيطرت على أجزاء من قرية رودينسكي الغربية، شمال بوكروفسك، مع رفع أعلام روسية على طريق بوكروفسك-دوبروبيليا في جنوب هناتيفكا. هذا التقدم، الذي جاء بعد عمليات تسلل مكثفة، أثار ارتباكًا في صفوف القيادة الأوكرانية، إذ أكد قائد القوات المسلحة الأوكرانية أوليكساندر سيريسكي أن الجيش يواجه “ضغوطًا غير متوقعة” في هذه المنطقة، مما دفع إلى إعادة ترتيب الدفاعات للحفاظ على “الكتفين” الاستراتيجيين للمدينة. بوكروفسك، التي تعد مركزًا لوجستيًا حيويًا، أصبحت هدفًا رئيسيًا لموسكو، حيث يهدف التقدم إلى عزل الوحدات الأوكرانية وإجبارها على التراجع نحو الغرب.
ليس التقدم البري وحده ما يعقد الحسابات الأوكرانية، بل الاستفادة الروسية الذكية من الظروف الجوية أيضًا. مع حلول الشتاء المبكر في نوفمبر، أصبح الضباب الكثيف يشكل غطاءً مثاليًا للقوات الروسية، مما يقلل من فعالية الطائرات المسيرة الأوكرانية التي تعتمد عليها كييف بشكل كبير في الاستطلاع والضربات الدقيقة. تقرير isw الصادر يوم 11 نوفمبر أشار إلى أن موسكو استغلت هذه الظروف لتعزيز عملياتها الهجومية في منطقة دوبروبيليا، حيث ارتفع عدد الهجمات بنسبة ملحوظة. جنرالات أوكرانيون، في تصريحات غير رسمية نقلتها وسائل إعلام محلية، أعربوا عن “صدمة” من هذا التحول، إذ كانت الطائرات المسيرة قد أعاقت التقدم الروسي طوال الصيف. هذا الاستغلال للطقس ليس جديدًا، لكنه يعكس تكيفًا روسيًا متسارعًا، مما يجبر القيادة الأوكرانية على الاعتماد أكثر على الدفاع الأرضي التقليدي، الذي يعاني من نقص في الذخيرة والتعزيزات.
في الجنوب، أكدت السلطات الأوكرانية تراجع قواتها عن مواقع قرب خمس قرى في مقاطعة زابوريجيا، مع سيطرة روسية على ثلاث منها وسط “معارك شرسة”. هذا التراجع، الذي أعلنه سيريسكي يوم 11 نوفمبر، يمثل ضربة إضافية للجنرالات الأوكرانيين الذين كانوا يتوقعون استقرار الجبهة بعد هجمات الطائرات المسيرة الناجحة في أكتوبر. التقارير تشير إلى أن الروس استخدموا قذائف موجهة بأعداد قياسية – أكثر من 5,300 في أكتوبر وحدها – لتفتيت الدفاعات، مما أدى إلى إرهاق الوحدات الأوكرانية. في رد فعل، أعلن الجيش الأوكراني عن عمليات هجومية مضادة، مثل هجوم الفريق الجوي السابع على مركبات روسية خفيفة، لكن الجنرالات يعترفون داخليًا بأن “الحسابات السابقة لم تعد صالحة”، وفقًا لمصادر عسكرية نقلتها صحيفة “كييف إندبندنت”. هذا الواقع يثير مخاوف من فقدان المزيد من الأراضي قبل الشتاء، مما يعرض خطوط الإمداد الأوكرانية للخطر.