كشفت دراسة علمية أجريت بالتعاون بين متاحف قطر ومؤسسة سميثسونيان البحثية الأمريكية عن توثيق نوع من الثدييات البحرية القديمة المكتشفة في قطر باسم سلوى سايرِن قطرنسيس (salwasiren qatarensis)
وجاء هذا الاكتشاف الذي نشر في نُشر في مجلة "بير جيه" العلمية المرموقة المحكمة والمفتوحة الوصول بالتعاون بين متاحف قطر ومؤسسة سميثسونيان الأمريكية، ليؤكد أن منطقة الخليج كانت موطناً رئيسياً لحيوانات بقر البحر (الأطوم) وأسلافها من السلالات منذ أكثر من 20 مليون عام.
وينتمي النوع المكتشف إلى سلالة قريبة أقدم وأصغر حجمًا من بقر البحر الذي نراه في وقتنا الحالي "دوغونغ دوغون" وتحمل التسمية العلمية دلالات وطنية بارزة، حيث يشير اسم الجنس "سلوى سايرِن" إلى خليج سلوى، الذي يحتضن اليوم أكبر تجمع منفرد لبقر البحر في الخليج العربي. أما اسم النوع "قطرنسيس" فهو تكريم مباشر لدولة قطر واعتزاز بها بوصفها موقع الاكتشاف.
وتركّز الدراسة على موقع المسحبية الأحفوري في جنوب غرب قطر، والذي يعود إلى العصر الميوسيني المبكر قبل نحو 21 مليون سنة. ويضم الموقع أكثر من 170 موضعاً لأحافير بقر البحر، ما يجعله أضخم تجمّع لعظام بقر البحر المتحجرة على مستوى العالم.
وسلط مدير إدارة الآثار في متاحف قطر وأحد مؤلفي الدراسة فيصل النعيمي، الضوء على البعد الثقافي لهذا الاكتشاف، قائلاً: إن بقر البحر جزء أصيل من تراثنا. وتؤكد مكتشفات محمية المسحبية أنّ هذا التراث ليس مقتصرًا على الذاكرة والتقاليد فحسب، بل يمتد عميقًا في الزمن الجيولوجي، ويعزّز علاقتنا الدائمة مع البيئة الطبيعية.
ومن جانبه، أكّد الدكتور فرحان سَكَل، عالم الآثار ورئيس قسم الحفريات وإدارة المواقع في متاحف قطر وأحد مؤلفي الدراسة، أهمية هذه التسمية قائلاً: كان من الطبيعي أن يحمل هذا النوع اسم قطر، فهو يوضّح بجلاء مكان العثور على تلك الحفريات. نحن نضمن، من خلال هذا التعاون، أفضل حماية وإدارة لهذه المواقع.
وبدوره، يؤكد الدكتور نيكولاس باينسون، القيّم في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي التابع لمؤسسة سميثسونيان، أنّ كثافة الأحافير المكتشفة تثبت أن نوع "سلوى سايرِن قطرنسيس" لعب الدور البيئي نفسه الذي تؤديه حيوانات بقر البحر الحديثة اليوم، باعتبارها من "مهندسي النظام البيئي" بحفاظها على مروج الأعشاب البحرية.
ويشير الدكتور فرحان سَكَل إلى أن النتائج تُقدم رؤى مهمة حول جهود الصون في المستقبل: "إذا أمكننا أن نتعلّم من السجلّات القديمة كيف صمدت قطعان بقر البحر في مروج الأعشاب البحرية في مواجهة الضغوط المناخية أو التغيّرات الكبرى في النظم البيئية، فإننا نستطيع أن نضع أهدافًا تضمن مستقبلًا أفضل للخليج العربي."
وقد أُتيحت جميع البيانات والنماذج الرقمية ثلاثية الأبعاد للأحافير عبر منصة "سميثسونيان فويجر" مفتوحة المصدر.
وقد أُنجز هذا البحث الاستثنائي بفضل اتفاقية التعاون بين متاحف قطر ومؤسسة سميثسونيان، وبتمويل من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي والمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي.
كما شارك في إعداد الدراسة كلٌّ من: مكتب الرقمنة في سميثسونيان، ومدرسة ستون ريدج للقلب المقدس، وجامعة تكساس إي أند إم (غالفستون وكوليدج ستيشن)، ومتحف التاريخ الطبيعي في مقاطعة لوس أنجلوس.