يذخر التاريخ الإسلامي بشخصيات مؤثرة، بداية من خير البشرية محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، مروراً بالصحابة الأخيار أبو بوبكر الصديق وعمر بن الخطات وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان، وصحابة روسل الله الأخيار، مروراً بالسلف الصالح عمر بن العزيز والائمة الأربعة أبو حنيفة النعمان بن ثابت، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن محمد بن حنبل، ولم يخل العصر الحديث من هؤلاء المؤثرين ومنهم على سبيل المثال عبد الرحمن السميط ومحمد متولي الشعراوي وغيرهم ...
 

- كان خطيبا مفوها وشاعرا مجيدا وقد اختاره طلاب الأزهر قائدًا لثورتهم سنة 1940 
- عُين وزيراً للأوقاف في حكومة الثورة لأكثر من 7 سنوات
- حصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة في 1985
 

 
الشيخ أحمد حسن الباقوري (الأحد 14 ربيع الآخر 1325 هـ الموافق 26 مايو 1907 م - الثلاثاء 11 ذو الحجة 1405 هـ الموافق 27 أغسطس 1985 م) من مواليد قرية باقور التابعة لمركز أبوتيج بمحافظة أسيوط في مصر. تخرج في الأزهر الشريف، وأصبح من علمائه.
التحق- كعادة الناس وقتها- بكتاب القرية، وبعد إتمامه حفظَ القرآن التحق بمعهد أسيوط الديني.
حصل الباقوري على الشهادة الثانوية عام 1928، ثم التحق بالقسم العالي، وانتقل إلى القاهرة عام 1929م، وحصل منه على شهادة العالمية عام 1932، ثم حصل على شهادة التخصص في البلاغة والأدب عن رسالته (أثر القرآن في اللغة العربية).
وبعد تخرجه عين مدرسًا للغة العربية وعلوم البلاغة في معهد القاهرة الأزهري، ثم نقل مدرسًا بكلية اللغة العربية، وبعدها نقل وكيلًا لمعهد أسيوط العلمي الديني، ولم يلبث أن نقل وكيلًا لمعهد القاهرة الديني الأزهري عام 1947، وفي سنة 1950عين شيخًا للمعهد الديني بالمنيا.
تزوج الشيخ الباقوري من ابنة الشيخ محمد عبد اللطيف دراز الذي كان وكيلا للأزهر الشريف، وقاد الأزهر في ثورة 1919 وخطب على منبري الأزهر والكنيسة القبطية.
كان الشيخ الباقوري من دعاة التقريب بين المذاهب الإسلاميّة العاملين لها، يدعو إلى نشر كتب الشيعة للوقوف عليها بغية إزالة الخلاف بينهم وبين إخوانهم أهل السنة. من أقواله وكتاباته في التقريب بين المذاهب:
««فما تفرق المسلمون في الماضي إلاّ لهذه العزلة العقلية التي قطعت أواصر الصلات بينهم، فساء ظن بعضهم ببعض، وليس هناك من سبيل للتعرف على الحق في هذه القضية إلاّ سبيل الاطلاع والكشف عما عند الفرق المختلفة من مذاهب وما تدين من آراء، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيى عن بينة. والخلاف بين السنّيين والشيعيين خلاف يقوم أكثره على غير علم حيث لم يتح لجمهور الفريقين اطلاع كل فريق على ما عند الفريق الآخر من آراء وحجج، وإذاعة فقه الشيعة بين جمهور السنيين وإذاعة فقه السنيين بين جمهور الشيعة من أقوى الأسباب وآكدها لإزالة الخلاف بينهما فإن كان ثمة خلاف فإنه يقوم بعد هذا على رأى له احترامه وقيمته) (1).»
له بحوث كثيرة في مجال التقريب بين المذاهب.
العمل السياسي
بعد ثورة 23 يوليو 1952، طلب رجال الثورة أن يرشحوا لهم أسماء للاشتراك في الوزارة، فرشَّح مكتب الإرشاد لهم ثلاثة من أعضاء الجماعة، ولكن جمال عبد الناصر ورجاله كانوا يريدون أسماء لها رنين وشهرة لدى الشعب المصري، من أمثال الشيخ أحمد حسن الباقوري، والشيخ محمد الغزالي؛ ولذا رفضوا ترشيح المرشد أو مكتب الإرشاد، وعرضوا وزارة الأوقاف بالفعل على الشيخ الباقوري، فقبل مبدئيًّا، وأبلغ الإخوان بذلك، فلم يمنعوه من القبول، ولكن اشترطوا عليه أن يستقيل من الجماعة.
ترشح لعضوية مجلس الأمة، حصل على ثقة الحكومة، نجح في إدارة وزارة الأوقاف حتى عام 1959. أسس جمعية الشبان المسلمين. توفي أثناء علاجه في لندن في 27 أغسطس 1985.
قيادته لثورة الأزهر
كان الشيخ الباقوري طوال حياته من طلاب الأزهر النابهين، وكان خطيبا مفوها، وشاعرا مجيدا، وقد اختاره طلاب الأزهر قائدًا لثورتهم سنة 1940، حين ثاروا على مشيختهم المفروضة عليهم من قبل الملك، الذي أقال شيخهم الأكبر القريب منهم والمحبب إليهم: الشيخ محمد مصطفى المراغي.
ثار الأزهر على الظلم الواقع عليه، فقد كان العالِم من خريجي الأزهر في أي من كلياته يُعيَّن براتب قدره ثلاثة جنيهات في معاهد الأزهر، وكان معلم المدرسة الإلزامية خريج مدرسة المعلمين الابتدائية يعيَّن بأربعة جنيهات، ولم يجد الأزهريون شيخًا يتبنَّى مطالبهم غير الشيخ المراغي، وهو من الشيوخ الذين جمعوا بين الأصالة والمعاصرة، فثاروا مطالبين بتحسين أوضاعهم، وإعادة شيخهم المراغي لقيادة سفينة الأزهر. وانتصرت ثورة الأزهر التي لمع فيها اسم الباقوري زعيم الثورة، حتى أطلقت الصحفية نعم الباز لقب (ثائر تحت العمامة) على الشيخ الباقوري، في دراسة لها عن الباقوري ومواقفه وحياته، فلم تجد عنوانًا يعبر عن مواقفه إلا هذا العنوان، وبعد عودة الشيخ المراغي إلى مشيخة الأزهر دعا الشيخ أحمد حسن الباقوري، وقدم له هدية منه ” تقديرًا منه لجهوده في إعادته للأزهر. وأصهر الباقوري إلى أحد كبار علماء الأزهر، وهو الشيخ محمد عبد اللطيف دراز، فقد تزوج ابنته، وأنجب منها ثلاثَ بنات. ثم أصبح الشيخ دراز وكيلا للأزهر بعد ذلك، وهو من عائلة شيخنا العلامة الدكتور محمد عبد الله دراز.
الوقوف ضد الانجليز والصهاينة 
يقول الباقوري : بعد العدوان الثلاثي على مصر، بعد أن أمم عبد الناصر قناة السويس، جاءتني برقية من وزارة الأوقاف تطلب إلي أن أحضر بسرعة إلى القاهرة لأتسلم منبر الأزهر، لرفع الروح المعنوية في الشعب في هذه المرحلة الخطيرة في تاريخ مصر، وكان هذا بتوجيه من شيوخنا: البهي الخولي ومحمد الغزالي وسيد سابق، الذين أشاروا على الشيخ الباقوري أن يستدعيني للأزهر. بيد أني لم أتجاوب مع هذه البرقية، وقلت في نفسي: إنهم يستنجدون بي الآن، حتى إذا انكشفت الغمة طرحونا وراءهم ظهريا! ولما لم أرد عليهم كلفوا شيخنا الشيخ محمد الغزالي الذي اعتلى منبر الأزهر، وظل يخطب فيه عدة سنوات، وقد كان الشيخ الغزالي يخطب في جامع الزمالك الكبير، فخلا مكانه، فأرسلوا إلي في القرية أحد الإخوة ليبلغني بضرورة الاستجابة إلى طلب الأوقاف، وإلحاحهم في أن أحل محل الشيخ الغزالي في مسجد الزمالك، واستجبت إلى رغبة شيوخنا، وسافرت إلى القاهرة، وتسلمت مسجد الزمالك لأخطب فيه، بمكافأة قدرها اثنا عشر جنيها، وعرف الكثيرون ذلك فبدأ الناس يتوافدون على المسجد من أنحاء القاهرة وضواحيها، بل من خارج القاهرة أيضا، وظللت أكثر من سنة أخطب الجمعة بمسجد الزمالك، حتى بعد أن انتهت الحرب، ولاحظ رجال المباحث العامة أن المسجد أصبح يمثل مدرسة دعوية متميزة بخطبه، وبالحلقات التي أعقدها بعد كل خطبة أجيب فيها عن أسئلة الناس، وأمسى الناس يفدون إليه من كل صوب وحدب. وأخيرا ضاق صدرهم، ونفد صبرهم، فأجبروا الأوقاف أن تمنعني من الخطابة، فقد انتهت مهمتي بعد أن أصرت أمريكا على دول العدوان الثلاثي أن تجلو عن مصر، وهذا ما كنت أتوقعه منهم.
حكاية الوزارة
في مذكرات الشيخ أحمد حسن الباقوري، التي نشرتها جريدة «المسلمون» الصادرة في لندن عام 1984 كتب عن كيفية اختياراه وزيرا في حكومة الثورة، فقال: «جاءني إلى بيتي صديقي عبداللطيف دراز والصحفي موسى صبري ليخبراني أن الرئيس محمد نجيب يريد أن يتحدث إلى وأن رقم تليفونه مع مصطفى أمين، ذهبنا إلى أخبار اليوم وهناك سألت الأخوين مصطفى وعلي أمين رأيهما في قبول وزارة الأوقاف، فأجابا في صراحة بأنها خدمة وطنية، 
وأضاف الشيخ أحمد حسن الباقوري: طلب مصطفى أمين اللواء محمد نجيب في التليفون وأخبره بوجودي وأعطاني السماعة فقال نجيب: أرجو أن نتعاون على مصلحة الوطن وسألقاك غدا في قصر عابدين، وذهبت إلى قصر عابدين ومعي موسى صبري والتقيت هناك فتحي رضوان وزير الإرشاد وكنا منذ زمن رفاق كفاح طويل.
وتابع الشيخ الباقوري في مذكراته: ذهبت إلى حيث يقيم المرشد الذي استقبلني بفتور شديد ووجه عابس لم أعهده منه من قبل وقصصت عليه الأسباب التي دعتني إلى قبول الوزارة وفي مقدمتها الانقسامات التي شاعت في جو الجماعة، وقدمت استقالتي من الجماعة، وكان الهضيبي مغتبطا باستقالتي من جماعة الإخوان ورغم ذلك زارني بعد ذلك في مكتبي ومعه بعض الإخوة وطلب مني التوسط في الصلح بين عبد الناصر والإخوان.
مؤلفاته
ونحن وإن غلبنا الجانب الأدبي في حياة الباقوري العلمية، فمن الإنصاف أن نذكر أن له بعض مؤلفات جيدة، تحمل روح الداعية، وأسلوب الأديب، منها: كتابه (قطوف من أدب النبوة) الذي شرح فيه عددًا من الأحاديث شرحًا ميسَّرًا سلسًا، في متناول القراء العاديين، والكتاب يقع في جزأين صغيرين. وله كذلك كتابه: (من أدب القرآن: تفسير سورة تبارك).
أما ما يدل على عقلية الباقوري البحثية، فهو كتابه الصغير الحجم، الكثير النفع، (أثر القرآن الكريم في اللغة العربية)، وهو كتاب شهد بغزارة علم مؤلفه وجزالة أسلوبه وقوة حجته: الأديب المعروف الدكتور طه حسين، حتى كتب مقدمة للكتاب، أثنى فيها على الباقوري وعلمه. ومنها أيضا: (عروبة ودين)، وهو مجموعة مقالات وبحوث جيدة ومتنوعة في موضوعاتها تمثل خلاصة لمجموعة الخطب التي
ألقاها في مناسبات مختلفة وفي حفلات عديدة، إلى مقالات أخرى، منها: مقاله لأبي الكلام آزاد تحدذ فيها بحديث طويل عن ذي القرنين ورأيه فيه، وأيده الباقوري، وكذلك كتابه: (مع القرآن)، و(مع الصائمين).
 
المؤهلات العلمية
شهادة العالمية من الأزهر الشريف، عام 1932.
التخصص في البلاغة والآداب، عام 1935.
الوظائف التي تقلدها
مدرس اللغة العربية وعلم البلاغة في معهد القاهرة الدينى، عام 1936.
مراقب بكلية اللغة العربية.
وكيل معهد أسيوط الدينى، عام 1947.
وكيل معهد القاهرة الأزهرى الديني.
شيخ المعهد الدينى في مدينة المنيا.
عضوا في المجلس الأعلى لهيئة التحرير.
وزير الأوقاف في ثورة يوليو 1952، ثم وزير الأوقاف في الجمهورية العربية المتحدة حتى عام 1959.
مدير جامعة الأزهر، عام 1964.
مستشار برئاسة الجمهورية.
تقدير وتكريم 
وحصل الشيخ الباقوري على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة في 1985، فضلا عن مجموعة من الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير التي حصل عليها من دول العالم العربي، كما مثل مصر وترأس الكثير من المؤتمرات الإسلامية والعربية والدولية.
الباقوري وجمال عبد الناصر 
قضى الشيخ أحمد حسن الباقوري في الوزارة سبع سنوات قريبا من الرئيس جمال عبد الناصر حيث طاف معه مصر من شمالها إلى جنوبها حتى أنه كان يكتب لعبد الناصر خطبه في المناسبات الدينية، وسافر معه سفرياته الخارجية ومنها إلى مؤتمر باندونج حتى لت شوين لأي رئيس وزراء الصين قال: أنا سعيد لأن الشيخ الباقوري زار الصين حتى يمكنه تفقد أحوال 50 مليون مسلم صيني، وكتب حسنين هيكل يقول إن الباقوري خلع العمامة والكاكولة واستبدلها بالبدلة.