نغتنم مناسبة اليوم الوطني وذكرى التحرير لنزف اسمى التبريكات الى مقام صاحب السمو - حفظه الله- وإلى مقام سمو ولي عهده الأمين وإلى الحكومة الرشيدة والمجلس الموقر وأبناء الوطن والأخوة المقيمين ونسأل الله ان يحفظ الوطن سالما معافى من كل شر.
في مثل هذه الأيام من عام 1991، حيث قرب تحرير الوطن من رجس طاغية العراق وجنوده، وقرب نشوب الحرب البرية، تألم أهل الكويت على أرواح الشهداء الذين حفروا بطولاتهم في تاريخ الوطن، وقدموا أرواحهم فداء له، وعلى الأسرى الذين اختطفهم الغزاة خلال العدوان وآلاف الرجال الذين استخدمهم كدروع بشرية، وحجم الدمار الذي خلفه على منشآت الوطن، وحرق آبار النفط، كشرت خفافيش الظلام عن أنيابها بانتظار الفرصة لامتصاص دماء الوطن.
وبعد أن اندحر جنود الشيطان، ونالوا من الله ما يستحقون، بدأت خفافيش الظلام تنهب ما تبقى من أشلاء الوطن دون إحساس بحجم الكارثة وعمق الجراح، فنهبت المساكن ومخلفات العدوان من سلاح وذخيرة، وسرقت المنحة الأميرية للصامدين بعد أن نهبت المنحة التي صرفتها الدولة للمشتتين في الخارج، ولم تتوقف عن نهب كل ما تجده، لأنها تعلم أنها لن تعاقب، وتحت حجة أن الكبار يمارسون نهب الوطن بطرق لا يعاقب عليها القانون، فمتى سيتوقف تعميق جراح الوطن.. الله أعلم.
أعداء الوطن لهم في كل عرس قرص، تسابقوا على مناقصات الوطن، ليمارسوا أسوأ أنواع الغش، تحت حجة التعمير وأدخلوا البضائع الفاسدة، دون حسيب ولا رقيب، وسيطروا على الجمعيات التعاونية لترويج بضائعهم، وتسابقوا على تخصيص المزارع والجواخير، وهم لا يعرفون أبجديات الزراعة، ولا يملكون أغناما، حيث استطاعوا تزوير كروت التطعيم، وكروت ملكية الإبل للحصول على قسائم للهجن وباعوها بأعلى الأسعار، كل هذا والحكومة تغض الطرف، ولا تعاقب أحدا، أعانك الله يا وطني على تحمل كل هذا !
لم تقف الأمور يا وطن النهار عند هذا، بل سيطر الخفافيش على القانون والقضاء ، ليقلبوا الحق باطلا، والباطل حقا، فانتشرت مئات المكاتب للمحامين، وعينوا عتاة المستشارين الذين يعرفون ثغرات القانون، فأصبحت القضايا تعلق لسنوات وتضيع حقوق الناس، والأدهى أن الساسة والإعلاميين والناشطين ملأت قضاياهم سجلات القضاء، كما استخدم القانون لتحقيق المآرب السياسية والتغطية على الفساد، أعانك الله يا وطن على ضياع الحقوق والظلم باسم القانون.
ولم تسلم بيئتك يا وطن ولا ثرواتك، فتم تجريف قاع البحر وقتل الاسماك والصيد العشوائي، كما تم تجريف البر ونهبت رماله بالإضافة إلى الرعي الجائر الذي حول الكويت إلى أراض قاحلة ورمال سائبة ناهيك عن البحيرات النفطية ومخلفات المقاولات والمخلفات الصلبة التي لا تعالج وتحولت إلى محل صراع بين أصحاب المصالح، كما ان صيد الطيور من قبل الأطفال بآلاف البنادق جعلها تغادر وتختل دورتها البيئية، فمن يراقب ويحاسب؟
وعلى الرغم مما اصابك يا وطن فهناك بصيص من نور من ابنائك الذين تطوعوا من اجلك ولحمايتك من عبث العابثين وعلى قلة عددهم وتبعثر جهودهم إلا أنهم لهم دور مؤثر وصوت مسموع، فالأمر يحتاج تكاتف أحباب الوطن وتنظيمهم الايجابي لمواجهة الفساد بجميع انواعه وان يتحولوا الى كتلة ضغط على اصحاب القرار لمنع المعتدين على الوطن اسوة بالدول المتقدمة والشعوب الحية التي سبقتنا، ونحن في «الوسط» سند لهم ومعين.
يا وطن نأسف كثيرا ان تحول عيدك من اظهار للولاء وعطاء دائم إلى فوضى ترتكب فيها كل المخالفات الاخلاقية وفرصة لمغادرة الوطن، فما احوجنا ان نعود إلى ماضينا الذي عبر فيه الرجال والنساء عن حبهم لوطنهم.