يعتبر جامع السلطان أحمد في مدينة “إسطنبول” في تركيا، واحداً من أهم المعالم التاريخية البارزة في المدينة، وقد تم إنشاؤه من قبل السلطان أحمد الأوّل الذي استلم الحُكم عام 1603م، وسعى لإكمال ما بدأ به السلاطين من قبله ببناء المساجد والأبراج على تلال إسطنبول.
وهو أكبر مسجد بُني على الطراز العثماني منذ أوائل القرن السابع عشر، ويقع بجانب متحف آيا صوفيا ويسمى أيضاُ بالجامع الأزرق بسبب البلاط الأزرق الناعم الذي يغطي مساحات شاسعة تصل إلى عشرات الآلاف من الأمتار.
يضم الجامع 6 مآذن عليها 16 شرفة، وقد اعتمد المعماريون هذا الرقم إشارة إلى ترتيب السلطان أحمد من حيث تسلسل تولّي عرش السلطنة. وعلى الزاوية الشماليّة الشرقيّة من الفناء الخارجيّ للمسجد يقع قبر السلطان أحمد.
وهو مسجد تاريخي في إسطنبول، أكبر مدينة في تركيا وعاصمة الدولة العثمانية (من 1453 إلى 1923)، و يشتهر باسم المسجد الأزرق نسبة إلى البلاط الأزرق الذي يزين حوائطه، حيث تغطي جدران المسجد 21043 بلاطة خزفية تجمع أكثر من خمسين تصميماً، وتشغل الزخارف المدهونة كل جزء من أجزاء المسجد، وقد أضفى لونها الأزرق على جو المسجد من الداخل إحساسًا قويًا بسيطرة هذا اللون.
تم بناء المسجد ما بين 1609 و 1616 أثناء حكم السلطان العثماني أحمد الأول، وكالعديد من المساجد الأخرى يضم المسجد مقبرة للسلطان أحمد، مدرسة للتعليم الديني ومستشفى للعجزة، والمعاقين وغيرها. ما زال المسجد تؤدى فيه الصلوات، وهو من أهم المعالم التي تجذب السياح لتركيا .
تاريخ المسجد
بعد عقد معاهدة زيت&<700;اتوروك والنتيجة غير المرغوبة في الحروب مع الدولة الصفوية، قرر السلطان أحمد الأول بناء مسجد ضخم في اسطنبول، حيث كان أول مسجد سلطاني يُبنى منذ أكثر من أربعين عاماً. بينما كان السلاطين السابقين يعملوا على دفع المال لبناء مساجدهم اعتمادًا على غنائم الحروب، قام السلطان أحمد بسحب أموال من خزانة الدولة لبناء المسجد، وذلك لعدم إحرازه أي نصر يذكر على أعدائه، مما عمل على إثارة غضب علماء الدين.
وبناء المسجد كان لابد أن يتم في مكان قصر الأباطرة في مواجهة آيا صوفيا الذي كان في ذلك الوقت أكبر مسجد في إسطنبول، وهيپودروم القسطنطينية، المكان الذي كان يحمل أهمية رمزية كبيرة كمركز ثقافي ورياضي للقسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية في الماضي . أجزاء كبيرة من الجزء الجنوبي من المسجد مُقامة على أساس ومدافن القصر العظيم. العديد من القصور كانت مبنية بالفعل هناك، أكثرهم شهرة قصر صقوللي محمد پاشا، لذلك استلزم شراؤهم أولًا بثمن باهظ، والقيام بازالتهم بعد ذلك.
بدأ بناء المسجد في أغسطس عام 1609 عندما أتى السلطان أحمد بنفسه وقام بأول ضربة فأس في بناء المسجد، وبهذا العمل أوضح نيته لأن يكون هذا المسجد هو الأول في دولته، حيث قام بتعيين صاحب السمو الملكي المهندس صدف كار محمد آغا تلميذ ومساعد المهندس المشهور معمار سنان ليكون مسؤولاً عن البناء. تنظيم العمل تم وصفه بصورة دقيقة التفاصيل في 8 مجلدات، وهي حاليًا موجودة بمكتبة قصر طوپ قپو.
وجرت مراسم الافتتاح في عام 1617. ولم يكتمل بناء المسجد في السنة الأخيرة من فترة حكم السلطان أحمد الأول، وقام بدفع التكاليف الأخيرة لاستكمال البناء خليفته مصطفى الأول. ويعتبر المسجد الأزرق واحد من أروع الآثار في العالم.
أما تصميم المسجد فهو ذروة نتاج قرنين من تطوير مساجد الدولة العثمانية و كنائس الإمبراطورية البيزنطية. ففيه يظهر الدمج لبعض العناصر البيزنطية في التصميم من كنيسة آيا صوفيا الموجودة بجانبه، بالإضافة لعناصر العمارة الإسلامية التقليدية، حيث يُعتبر آخر أكبر مسجد يُجسد العمارة العثمانية.
قام المهندس المصمم للمسجد بتطبيق أفكار أستاذه سنان بدقة شديدة والذي كان يهدف لجعله ضخم، فخم وعظيم ولكنه أفتقر إلى هذا النوع من التفكير الإبداعي للمسجد من الداخل .
وتبلغ مساحة المسجد ما يعادل 64 × 72 متراً، وقطر قبته 23.50 متراً، ويبلغ ارتفاعها 43 متراً، وترتكز على أربع دعائم إسطوانية، قطر الواحدة منها خمسة أمتار.
المظهر الخارجي
الواجهة الأمامية الفسيحة لفناء المسجد بُنيت على نفس نمط واجهة مسجد السليمانية، باستثناء إضافة المئذنتان في زاوية القباب. فناء المسجد يبلغ في مساحته مساحة المسجد نفسه من الداخل وهو محاط برواق معمد متصل تعلوه مجموعة من القباب الصغيرة، ويوجد على جانبيه مكان للوضوء. أما بالنسبة للنافورة السداسية في المنتصف فهي صغيرة نوعاً ما مقارنة بحجم الفناء. والبوابة الضيقة التي تصل بك لفناء المسجد تبرز من الخارج بصورة معمارية فنية، حيث تحتوي على مقرنصات تزين مدخلها وفي أعلاها قبة صغيرة.
سلسلة حديدية ثقيلة مُعلقة في الجزء الأعلى من مدخل الساحة في الجزء الغربي. فقط السلطان هو من كان يستطيع دخول هذه المنطقة ممتطياً جواده. السلسلة الحديدة كانت موضوعة في ذلك المكان، وكان السلطان يعمل على إيماءة رأسه كل مرة يدخل فيها ساحة المسجد، كي لا تصطدم بالسلسلة. هذه الإيماءة الرمزية من السلطان لتأكيد تضآئل الحاكم مقارنة بعظمة الإله.
أما من الداخل فتغطي جدرانه 21043 بلاطة خزفية، مصنوعة يدويًا في مدينة إزنيك (نيقية قديمًا) بأكثر من خمسون تصميم مختلف لأزهار الزنبق. البلاطات الموجودة في الأجزاء السفلى من المسجد ذات تصماميم تقليدية، بينما في الأجزاء العليا من المسجد نجد تصاميمها مزخرفة بأشكال من الأزهار، الفواكه وأشجار السرو.
وصُنعت البلاطات بإشراف رئيسا الخزافون في إزنيك جزار حاجي وباريس أفندي من أ&<700;انوس (قپادوقيا).
والبلاطات في الشرفة الخلفية للمسجد هي بلاطات معاد تصنيعها من بلاطات قسم الحريم في قصر طوپ قپو، والتي تعرضت للتلف بالنيران عام 1574.
أما الأجزاء العليا من المدخل فيسيطر عليها اللون الأزرق ولكن بجودة ضعيفة. أكثر من 200 زجاجة ملونة بتصاميم معقدة تتيح الضوء الطبيعي للدخول منها، واليوم يتم الاستعانة بالمصابيح الموجودة في الثريا المتدلية من السقف للمساعدة على الإنارة.
وكان يوجد في الثريا بيض النعام الذي كان يوضع لمنع العناكب والحشرات وصدهم والتي استخدمها أيضاً سنان في مسجد السليمانية. الزخارف في المسجد تشمل آيات من القران، العديد منها كٌتبت بواسطة سيد قاسم غباري باعتباره أكبر وأعظم الخطاطين في ذلك الوقت. الأراضي مفروشة بالسجاد التي يتم التبرع به من قبل المؤمنين، ويتم استبدالها بانتظام لتعرضها للتآكل. العديد من النوافذ الواسعة الكبيرة تمنح انطباع بالاتساع.
النوافذ البابية في الدور الأرضي مزينة بقطع فنية باستخدام فن التزجيج. أما بالنسبة للنوافذ فكل شرقية تحوي 5 نوافذ، بعضهم في بعض الأحيان مصمت؛ كما أن كل نصف قبة وعددهم 3 - والذين يحيطون بالقبة الرئيسية - لديها 14 نافذة، أما القبة الرئيسية فتحوي 28 نافذة 4 منهم مصمتين. الزجاج الملون للنوافذ عبارة عن هدية من سيادة إمارة البندقية للسلطان. أغلبية هذه النوافذ الملونة تم استبدالها الآن بنوافذ حديثة بقليل من أو بدون لمحة فنية تذكر.
وأهم عنصر بداخل المسجد هو المحراب المُذهب المصنوع من رخام منحوت بشكل رفيع، حيث يزين أعلاه مقرنصات ولوحتين عليهما آيات من القرآن الكريم. الجدران المجاورة للمحراب مكسوة ببلاط السيراميك، ولكن العديد من النوافذ المحيطة بها جعلتها تبدو أقل روعة. على يمين المحراب نجد المنبر الذهبي المزخرف بأناقة الذي يعلوه شكل مخروطي. المسجد مصمم بطريقة بحيث يستطيع كل المصلين حتى في أوقات احتشاد المسجد وامتلائه بالكامل أن يروا ويسمعوا الإمام.
والجناح السلطاني يقع في الركن الجنوبي الشرقي للمسجد، وهو يضم منبر ولوجيا وحجرتين صغيرتين للمقيمين في المسجد.
ويمكن من الجناح السلطاني الوصول للمقصورة السلطانية في الجزء العلوي من المسجد، أصبحت حجرتين الإقامة في المسجد هي المقر الرئيسي للصدر الأعظم في أثناء العمل على إخماد تمرد الفيالق الإنكشارية عام 1826 في عهد السلطان محمود الثاني.
أما المقصورة السلطانية، فهي قائمة على عشر أعمدة رخامية، تحتوي على محراب خاص بها مُزين بأحجار اليشم الكريمة الوردية والذهبية، بالإضافة إلى 100 نسخة من القرآن موضوعة على حاملات مصاحف مٌطعّمة ومذهبة .
والعديد من المصابيح بداخل المسجد مغطاه بالذهب والأحجار الكريمة وبين السلطانيات الزجاجية تستطيع أن تجد بيض النعام و الكرات الكريستالية كل هذه الزينة قد تم إزالتها أو سُلبت لتوضع في المتاحف.
الأقراص الكبيرة الموجودة على الجدران منقوش عليها أسماء الخلفاء الراشدين وبعض آيات من القرآن الكريم وذلك بواسطة أعظم خطاطي القرن السابع عشر أحمد قاسم غباري وتم إعادة ترميمهم مرات كثيرة.
وهناك أربع مآذن تقف في زوايا المسجد، وكل واحدة من تلك المآذن التي تأخذ شكل القلم الرصاص تحتوي على ثلاث شُرف مزينة بطنف من الأسفل، أما المئذنتان الباقيتان اللتان يقعا في نهاية الساحة الكبيرة ففيهما شُرفتان فقط.