لم تعد القذائف والمعارك وحدها ما يدفع سكان مدينة تعز جنوب غربي اليمن للنزوح بل بات العطش خصما خطرا يهجر عشرات الأسر يوميا من المدينة المحاصرة جزئيا منذ عقد إذ جفت مصادر المياه وارتفعت أسعارها إلى مستويات لم يعرفها اليمنيون من قبل مهددة أمنهم واستقرارهم وحقهم في البقاء.
 فمدينة تعز تعيش أزمة مياه حادة منذ أكثر من خمسة أشهر فاقمت معاناة مئات الآلاف من السكان وأججت مخاوف من وقوع كارثة إنسانية محدقة في المدينة المحاصرة جزئيا منذ نحو عقد.
وتسببت الأزمة المركبة في ارتفاع غير مسبوق لأسعار صهاريج المياه المتنقلة سعة ستة آلاف لتر إذ قفزت من 24 ألف ريال يمني إلى أكثر من 100 ألف ريال خلال الأسابيع الأخيرة ما جعل الحصول على المياه المخصصة للاستخدام المنزلي سلعة بعيدة المنال لكثير من الأسر ذات الدخل المحدود في ظل شحة المصادر المائية في المدينة التي كانت تعتمد في أغلب تغذيتها المائية على حقول واقعة في ضواحيها الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي. وتضافرت عوامل عديدة راكمت أزمة المياه الخانقة أبرزها شح الأمطار التي تغذي مياه الآبار السطحية وتعثر مشاريع مياه استراتيجية كان مخططا لها أن تغذي المدينة الأكبر كثافة سكانية التي تعيش أزمة مياه مزمنة منذ عقود لكنها كانت تتعايش مع الحلول الإسعافية. 
ولم تتوقف الأزمة عند المياه المنقولة عبر الصهاريج بل امتدت إلى مياه التحلية الخاصة بالشرب والتي تعرف شعبيا في المدينة باسم مياه الكوثر إذ تعاني محطات التحلية من شح الإمدادات وارتفاع الطلب لتشهد أحياء المدينة طوابير طويلة أمام البقالات ونقاط التعبئة بحثا عن عبوة ماء سعة 20 لترا في مشهد أعاد إلى الأذهان أزمات الحصار الخانق التي عاشتها تعز قبل 10 أعوام.