قال تقرير الشال الأسبوعي الصادر حول «القسائم الصناعية والحرفية والتجارية»: صدر بتاريخ 10 سبتمبر الجاري تعميم الهيئة العامة للصناعة بوقف كل إجراءات التنازل عن التراخيص الصناعية وعقود القسائم الصناعية التابعة لها، ووقف إجراءات التنازل عن جميع عقود القسائم الخدمية والحرفية، وعدم القيام بأي إجراء من إجراءات التحويل على جميع أنواع التراخيص والعقود في جميع المناطق التي تشرف عليها الهيئة بدءً من 10/09/2025 وحتى إشعار آخر.
 
 
المآخذ على التعميم كثيرة، على سبيل المثال، أولى المآخذ أنه صدر من دون حيثيات، فهو قرار جمعي لا يميز بين المجدي والملتزم وبين المخالف، ولا يقدم أي اشتراطات تسمح حين تحققها باستعادة حقوق المستثمر السابقة، ولجنة التحقق تشكل بعد، وليس قبل، عقاب الجميع، أي الكل مذنب حتى يثبت البريء براءته.
 
ثاني المآخذ هو أنه قرار بدون قيد زمني، فالتعامل مع الاستثمارات طويلة الأجل يتطلب ضيق مساحة المجهول إلى أدنى الممكن، وغياب الحيثيات وغياب الحد الزمني، يضع المستثمرين في حالة من الضياع. ثالث المآخذ، هو أن القرار يزيد من مساحة المجهول ليس فقط للمستثمرين، وإنما لعملائهم، مؤجرين بالباطن أو زبائن، إضافة إلى القطاع المصرفي الدائن ثاني أكبر الموظفين للعمالة المواطنة والأول مهنية واحتراف والذي لازال يعاني من اضطراب التعامل مع المسحوبة جنسياتهم، ما يعني أن قواعد التعامل قد اختلت على المرتبطين بالمستثمر بشكل مباشر وغير مباشر.
 
 
بيئة الاستثمار الطاردة، وحتى قبل تعميم الهيئة العامة للصناعة الأخير، تسببت في فشل الاقتصاد الكويتي في إغراء الاستثمار الأجنبي المباشر، ولعل الأهم، أدت إلى طرد الاستثمار المحلي المباشر. وتشير أرقام السنوات الخمس الأخيرة 2020 – 2024، إلى أن الكويت استقبلت استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 4.3 مليار دولار أمريكي، مقابل 139.6 مليار دولار أمريكي للإمارات، 95.2 مليار دولار أمريكي للسعودية، 29.6 مليار دولار أمريكي لعمان و14.5 مليار دولار أمريكي للبحرين. ولعل الأهم هو أن الكويت طردت استثمارات محلية مباشرة في نفس السنوات بحدود 58.7 مليار دولار أمريكي، أي بعجز بين الداخل والخارج بحدود 54.4 مليار دولار أمريكي. 
 
 
وفي الكويت، تحتكر الدولة نحو 90 % من الأراضي غير المستغلة، ذلك أدى إلى ارتفاع بمستوى أسعارها إلى ما هو خارج قدرة معظم المستثمرين على الإنتاج السلعي والخدمي المنافس لو قام بشراء أرض المشروع ما يجعل مصير معظم المشروعات خاضع لقرار حكومي، وهو وضع محبط لمستقبل نمو الاقتصاد المحلي الساعي – نظرياً – إلى الفكاك التدريجي من اعتماده الطاغي والخطر على النفط. وتعميم من هذا النوع، يخالف كل المستهدفات المعلنة لتنويع مصادر الدخل، ويفترض في الهيئة العامة للصناعة أن تشرح حيثيات تعميمها لعل فيها ما يقنع، ولا أحد ضد التنظيم إلى الأفضل، وإن وجدت الحيثيات المبررة للتعميم، فلابد من القطع بالمدى الزمني القصير للانتهاء من مواءمة الأوضاع.