- تماضر الخالد: مشروع الاستكشاف البحري يعزز موقع الكويت كمصدر موثوق للطاقة عالمياً
- اكتشافات «النوخذة» و«الجليعة» لم تكن وليدة اللحظة بل ثمرة عقود من العمل والبحث

 
نظّمت وزارة النفط أمس حلقة نقاشية بعنوان الفرص والتحديات في استكشاف وإنتاج النفط البحري (حقل جليعة البحري)، بمشاركة عددٍ من ممثلي شركة نفط الكويت هم: إيمان الشهري كبير جيولوجيين، والمهندس عبد الله العسعوسي مهندس حفر وإصلاح الآبار، عبد الله الكندري كبير جيولوجيين، والمهندس فهد القاضي كبير مهندسي حفر، والمهندس محمد عبد الغفور كبير مهندسي صيانة بحرية، وحضرها موظفو الشؤون الفنية والاقتصادية وموظفي مؤسسة البترول الكويتية، والضيوف من الهيئة العامة للبيئة ومنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، ووزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، والطلبة والطالبات من جامعة الكويت (كلية الهندسة والبترول)، والإعلاميين.
وفي مستهل الحلقة، رحبت مديرة العلاقات العامة والإعلام البترولي في وزارة النفط، الشيخة تماضر خالد الأحمد الجابر الصباح، بالحضور، مؤكدة أن مشروع الاستكشاف البحري يُمثل إحدى الركائز الاستراتيجية لدولة الكويت في المرحلة المقبلة، وقالت إن وزارة النفط تدعم هذا المشروع بشكل كامل، وتحرص على تيسير كافة الإجراءات أمام شركة نفط الكويت لتتمكن من المضي قدماً في أعمال الحفر والإنتاج البحري، لما له من أثر كبير في زيادة الاحتياطيات النفطية وتعزيز موقع الكويت كمصدر موثوق للطاقة عالمياً.
وأضافت الشيخة تماضر الخالد أن وزارة النفط تنظر إلى مشروع الحفر البحري باعتباره خطوة وطنية رائدة تواكب متطلبات استراتيجية الكويت النفطية لعام 2040، حيث يفتح المجال أمام تطبيق أحدث التقنيات المتطورة في مجالات الحفر والإنتاج البحري، إلى جانب تطوير القدرات الوطنية وصقل خبرات الكوادر الشابة، بما يساهم في خلق فرص عمل جديدة ونوعية لأبناء الكويت.
وأشارت إلى أن الاكتشافات البحرية الأخيرة في حقلي النوخذة والجليعة، لم تكن وليدة اللحظة بل ثمرة عقود طويلة من العمل والبحث، مشددة على أن ما تحقق حتى الآن يضع الأساس لانطلاقة جديدة في مجال الاستكشاف البحري، ولفتت إلى أن وزارة النفط، بالتعاون مع شركة نفط الكويت، ستواصل العمل على استثمار هذه الفرص، مع الالتزام التام بأعلى معايير السلامة وحماية البيئة البحرية.
واختتمت الشيخة تماضر خالد الأحمد الجابر الصباح كلمتها بالتأكيد على أن وزارة النفط ستظل الداعم الأول لمسيرة الاستكشاف البحري، انطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية في تأمين مستقبل الطاقة للكويت، وضمان استدامة مواردها للأجيال القادمة.
أهمية الاستكشاف البحري
من جانبهم استعرض ممثلو شركة نفط الكويت أهمية المشروع الاستكشافي البحري حيث قالوا إنه يعتبر مشروع وطني غرضه المساهمة في زيادة احتياطيات دولة الكويت من الموارد الهيدروكربونية، ويعمل على تعزيز مكانة دولة الكويت كأحد المنتجين الموثوقين على مستوى العالم، ويضمن استمرارية وجود موارد هيدروكربونية جديدة لتلبية احتياجات السوق العالمي، فضلاً عن انضمام دولة الكويت إلى اللاعبين الإقليميين الرائدين كمشغل بحري بارز وفق المعايير الدولية، ويعمل على تطوير مهارات فنية جديدة في الاستكشاف والحفر والإنتاج البحري، ويخلق فرص عمل جديدة ومتنوعة للمواهب الوطنية ويساهم في تطبيق التقنيات المبتكرة في جميع التخصصات البحرية بما في ذلك الرقمنة، والتعليم الآلي، والذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات وتفسيرها.
وأكدوا أن المنطقة البحرية لم تكن غائبة عن خطط الدولة النفطية، إذ ظلت على مدى ستة عقود كاملة تحت مجهر الاستكشافات حتى تحقق الحلم البحري الكويتي، وأوضحوا أن الجهود الأولى انطلقت في ستينيات القرن الماضي، حين قامت شركة «شل» بأول مسح بحري عام 1961، أعقبه حفر أول بئرين استكشافيين بحريين عن طريق شركة شل، تبعها في عام 1963 قيام شركة نفط الكويت بحفر أول بئر بحري بالقرب من جزيرة فيلكا، وكذلك تم حفر آبار استكشافية أخرى، وأيضا آبار حقل مدينة في جون الكويت.  
اكتشاف النوخذة والجليعة
وقد أثمرت هذه الجهود عن حدثين بارزين في تاريخ الكويت النفطي، أولهما إعلان اكتشاف حقل النوخذة البحري في يوليو 2024، وثانيهما اكتشاف حقل الجليعة البحري في يناير 2025، ليكتمل بذلك حلم ظل تحت مجهر الاستكشافات لعقود طويلة.
وذكروا اكتشاف حقل الجليعة البحري، الذي يُعد ثاني الحقول البحرية الخالصة لدولة الكويت، عزز من مكانة الكويت على خارطة الإنتاج النفطي العالمي، حيث يحتوي الحقل على كميات تجارية كبيرة من الموارد الهيدروكربونية، ويغطي الحقل مساحة 74 كيلومتراً مربعاً، وتقدر احتياطاته بنحو 800 مليون برميل من النفط متوسط الكثافة، الخالي من غاز كبريتيد الهيدروجين وبنسبة منخفضة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
وقالوا ان عملية الحفر في بئر جليعة -2 قد وصلت في شهر سبتمبر وبدأ الحفر في ديسمبر 2023، وكان الهدف من هذا الحفر هو إثبات وتأكيد وجود الهيدروكربونات وإنتاجيتها من التكوينات الجيولوجية المختلفة في العصر الطباشيري، وتُعد طبقة الزبير من طبقات العصر الطباشيري المنتجة للنفط في حقول شمال الكويت مثل حقل الصابرية والروضتين، حيث تقع طبقة الزبير بين طبقة رطاوي في الأسفل وطبقة شعيبة في الأعلى، ويتكون خزان الزبير من الصخور الرسوبية مثل حبيبات الرمل والطفل، فيما تُصنَّف البيئة الترسيبية لطبقة الزبير بأنها دلتا، ويتميز هذا الخزان بمسامية عالية ونفاذية جيدة. 
وذكروا أن المرحلة الأولى من خطة استكشاف المنطقة البحرية في الكويت تشمل إجراء تقييم استكشافي شامل للمناطق البحرية، وبناء على الدراسة تم اختيار مواقع الآبار الستة التي جرى البدء في حفرها، وتتكون المرحلة الأولى من خطة الحفر الاستكشافي حفر 6 آبار استكشافية، بواقع ثلاث آبار لاستكشاف طبقات العصر الطباشيري وهي: نوخذه 1، جليعة 2، جزه 1، وثلاث آبار أخرى لاستكشاف طبقات العصر الجوراسي وهي: نوخذه 2، جليعة 3، رقوة 3.
الإنتاج المحتمل
وكشفوا أن مجموعة الاستكشاف في شركة نفط الكويت تواصل جهودها في استكشاف الموارد البحرية، مع التزامها بتحقيق إنتاج محتمل يبلغ 150 ألف برميل من النفط يومياً و150 مليون قدم مكعب قياسي يومياً، بما يدعم شركة نفط الكويت في تحقيق أهداف استراتيجيتها لعام 2040، وتُشكل مبادرات الاستكشاف البحري نسبة 25 % من هدف الإمكانيات النفطية المتبقية لعام 2040.
وقالوا إن ما تحقق حتى الآن من استكشاف المنطقة البحرية الكويتية يمثل لبنات صغيرة تحقق النجاح الكبير، حيث تم إثبات النظام البترولي وتحقيق كميات تجارية في حقل النوخذة  البحري وحقل الجليعة البحري، وذلك من خلال اكتشاف جديد للمواد الهيدروكربونية، ويتطلب هذا الإنجاز القيام بمسح زلزالي ثلاثي الأبعاد ضمن المرحلة التقييمية، بهدف الحصول على فهم أعمق لإمكانيات الاستكشاف البحري وتقييم الاحتياطيات المحتملة من المواد الهيدروكربونية.
وأضافوا أنه قد تم تحديد 18 بئراً استكشافياً في المنطقة البحرية وجون الكويت، وسيكون للمسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد دور محوري في هذه المرحلة، كما تُعد الآبار الجوراسية نوخذة-2 وجليعة-3 مهمين للغاية، نظراً لمرورهما على أكبر المكامن الطباشيرية المكتشفة حتى الآن، إضافةً إلى إمكانية إجراء اختبار الإنتاجية أثناء عمليات حفرهما.
مواصفات منصة الحفر
وحول مواصفات منصة الحفر البحري، قالوا إن المنصة تتميز بمواصفات تقنية متقدمة، حيث يبلغ ارتفاعها 102 متر وعرضها 80 متراً، فيما يصل وزنها إلى نحو3.9 مليون باوند موزعة على ثلاثة أقدام، وتعمل المنصة في أعماق بحرية تتراوح بين9  إلى 122 متراً، وتحتوي على مرافق سكنية مكونة من سبعة أدوار تتسع لنحو 150 شخصا، كما يصل أقصى عمق للحفر باستخدامها إلى 9,000  متر، وتبلغ سعة تخزين سوائل الحفر فيها نحو 6,500  برميل.
وتتوافق المنصة مع معايير المكتب الأمريكي للشحن، ما يجعلها مؤهلة لأداء العمليات البحرية وفق أعلى مواصفات السلامة والجودة العالمية.
وعن عمليات الحفر في حقل الجليعة والتحديات قالوا أن التحديات تتمثل في عدم وجود مرجع أو بيانات لآبار سابقة يمكن الاستعانة بها في وضع خطة دقيقة لتفادي المخاطر قبل وقوعها، الأمر الذي استدعى إعداد خطة شاملة لحفر الآبار مع أخذ الاحتياطات اللازمة لأسوأ الحالات، وخلال حفر أول بئرين في المشروع، وهما النوخذة والجليعة، تبين أن الضغط الناتج عن الطبقات الجيولوجية ودرجات الحرارة أعلى من التوقعات، مما تطلب وضع خطة خاصة لتوفير معدات قادرة على تحمل هذه الظروف المعقدة في الآبار المستقبلية.
ويُعد موقع حقل الجليعة من أقرب المواقع البحرية في المشروع إلى الشاطئ، وهو ما يفرض اتخاذ إجراءات خاصة، من بينها إجراء تدريبات وفحوصات دورية لتفادي أي تسريبات خلال العمليات أو بعدها، وتأمين منطقة الحفر من رواد البحر لمسافة تصل إلى 500 متر، كما يتم نقل نواتج الحفر من التربة وسوائل الحفر إلى محطات معالجة متخصصة تابعة لشركة نفط الكويت، فضلاً عن عزل وتأمين البئر في قاع البحر لتجنب الحوادث وضمان عدم عرقلة حركة الملاحة البحرية.
الفرص المستقبلية
وحول الفرص المستقبلية والتحديات الفنية قالوا ان شركة نفط الكويت تقوم على دراسة أفضل الخيارات المتاحة للإنتاج المبكر من الآبار البحرية المكتشفة، ومن ثم تنفيذ البنية التحتية الملائمة وإقامة مرافق الإنتاج، ويتم حالياً البحث عن طريقة إنجاز المرحلة الثانية من مشروع الاستكشاف البحري في مياه الكويت ومنطقة جون الكويت، ويحتوي مشروع الاستكشاف البحري المرحلة الثانية في منطقة مياه الكويت ومنطقة جون الكويت على مجموع 17 بئر.