انطلقت اليوم الاثنين قمة الكويت للحوكمة البيئية والمجتمعية برعاية وزير النفط طارق الرومي تحت شعار (تعزيز حلول الطاقة النظيفة من أجل منطقة خليجية مستدامة) وتعنى بتوحيد كل الجهود في الجهات الحكومية وقطاعات الصناعة والمؤسسات الأكاديمية والقطاع المالي ومنظمات المجتمع المدني لتسريع التحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة بدول (التعاون).
وقال نائب العضو المنتدب للاستدامة في مؤسسة البترول الكويتية عبدالله العيار في كلمة له نيابة عن الوزير الرومي إن هذه القمة التي تستمر يومين "ليست مجرد فعالية بل رسالة واضحة مفادها بأن أصحاب قرار والقادة مستعدون لاتخاذ خطوات جريئة نحو مستقبل يوازن بين أمن الطاقة وحماية البيئة.
وأوضح العيار أن الاستدامة في مؤسسة البترول الكويتية جزء أصيل من رؤية ورسالة المؤسسة مؤكدا الالتزام بمواصلة عملياتها التجارية بشكل مستدام وصديق للبيئة.
وأكد أن التزام مؤسسة البترول الكويتية بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات راسخ باستراتيجيتها وعملياتها ومتوافقا مع رؤية الكويت 2035 مبينا أن قوة استراتيجية المؤسسة تكمن في إدراكها للمسؤولية المزدوجة التي تحملها كمورد عالمي موثوق للطاقة وفي الوقت ذاته سعيها بتسريع الخطوات نحو العمل المناخي.
وأشار إلى أن المؤسسة أكملت عمليات تدقيق أخلاقي داخلي حيث بدأت تدقيقات خارجية على مستوى الشركات التابعة لتعزيز الامتثال والنزاهة مبينا أن تقارير (إي اس جي) الخاصة بالمؤسسة باتت معتمدة وفق معايير (جي ار اي) وسيتم اصدار تقريرين للعام (2023 - 2024) و(2024 - 2025) قريبا.
وذكر أن المؤسسة ستعمل على تطوير مشاريع الهيدروجين على المدى البعيد وتطبيق حلول احتجاز الكربون ومتابعة مبادرات المؤسسة في الجوانب الاجتماعية والحوكمة وتعزيز تقارير (إي اس جي) لتتوافق مع أفضل الممارسات العالمية مبينا أن الاستدامة جزء لا يتجزأ من عمليات المؤسسة وأنها عازمة على قيادة التحول الطاقي بمسؤولية وشفافية.
وأكد التزام مؤسسة البترول بتوسيع جهود خفض الانبعاثات بما في ذلك تعزيز كفاءة الطاقة والحد من حرق الغاز في الأصول داخل الكويت وخارجها والتحول الرقمي لرفع كفاءة العمليات عبر سلسلة القيمة بالإضافة إلى دمج الطاقة المتجددة والتقنيات منخفضة الكربون.
بدوره أكد الأمين العام للمنظمة العربية للطاقة (أوابك سابقا) جمال اللوغاني في كلمة مماثلة أن النفط والغاز سيبقيان الملاذ الأمن الأكثر استخداما بين كافة أنواع الطاقة الأخرى لعقود عديدة قادمة مبينا أن هذا التحول يجب أن يكون عادلا وسلسا وتدريجيا.
وقال اللوغاني إن التقديرات تشير إلى أن الطلب العالمي على الطاقة سيصل إلى 378 مليون برميل مكافئ نفط في اليوم في عام 2050 في حين حصة الطاقة المتجددة (طاقة شمسية وطاقة رياح) 14 في المئة مبينا أنه في المقابل ستشكل حصة النفط والغاز نحو 54 في المئة من مزيج الطاقة.
وأضاف أن الاستثمار في قطاع النفط والغاز لا يزال ضروريا جدا تحت مظلة مستدامة تراعي حماية البيئة لافتا إلى أن هذه الاستثمارات سوف تسهم في ضمان استقرار أسعار الطاقة وأن توجيه جزء منها نحو تطوير تقنيات جديدة في مجال الإنتاج والتكرير سيساعد على زيادة الإنتاجية وخفض التكاليف.
وأوضح أن صناعة النفط والغاز في العالم تواجه تحديات متنامية بدأت مطلع القرن الـ21 وازدادت حدتها بعد التوقيع على اتفاقية باريس لتغير المناخ التي تطالب بالتحول إلى الطاقة الخالية من الكربون بحلول عام 2050.
وأفاد بأن الوقود الأحفوري النظيف يلعب دورا حيويا في الجهود العالمية لمعالجة تغير المناخ إذ ستبقى هناك حاجة إلى النفط والغاز لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.
وبين أن العديد من دول مجلس التعاون التي أعلنت عن التزامها بالحياد الكربوني بحلول عام 2050 تقدم نموذجا مثاليا للعالم في إمكانية تحقيق الالتزام بمتطلبات حماية البيئة والتحول إلى الطاقة المنخفضة الكربون جنبا إلى جنب مع المحافظة على استقرار أسواق الطاقة واستمرار إمدادها بمنتجات بترولية نظيفة وصديقة للبيئة.
وذكر أن الرسالة التي تحملها هذه المبادرات والمشاريع إلى العالم في أن الدول المصدرة للنفط والغاز وعلى رأسها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية هي جزء من الحل في نهج التحول نحو الطاقة النظيفة مبينا أنها لن تكون سببا في مشكلة تغير المناخ وستبقى في موقع الريادة في الجهود الرامية إلى حماية البيئة مع المحافظة على إمداد أسواق الطاقة بالمنتجات البترولية النظيفة.
وقال اللوغاني إن استغلال تقنيات احتجاز واستخدام وتخزين الكربون (سي سي يو اس) في عمليات إنتاج واستهلاك الوقود الاحفوري مع التحكم في انبعاثاته سيعزز إمكانية وصول العالم إلى الحياد الصفري المنشود في عام 2050 مبينا أن هذه المصادر ستكون جزءا من الحل نحو التحول لمصادر طاقة أكثر ديمومة بشكل يأخذ في الاعتبار الظروف والأولويات الوطنية لكل دولة.
وأكد أنه لا يمكن التخلي عن مليارات البشر الذين يعتمدون على الوقود الأحفوري لتلبية احتياجاتهم اليومية من الطاقة وأنه يجب الأخذ بالسيناريوهات المختلفة لصافي الانبعاثات الصفرية في الاعتبار موضحا أن الأمر عندما يتعلق بالانبعاثات فمن الضروري اعتماد مصطلح (التخفيض التدريجي) وليس (التخلص التدريجي) كنهج أكثر قابلية للتطبيق من الناحية العملية.
من جهته قال رئيس اللجنة التنظيمية العليا لقمة الكويت للحوكمة البيئية والمجتمعية (إي اس جي) يوسف شموه في كلمة له إن انعقاد هذه القمة يأتي تجسيدا وانسجاما مع رؤية دولة الكويت والتزامها الراسخ بتعزيز مسار التحول نحو التنمية المستدامة ودعم الجهود الوطنية والإقليمية الرامية إلى مواجهة تحديات التغير المناخي والانتقال نحو اقتصاد أخضر يقوم على المبادئ البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وذكر شموه أن القمة تسعى أن تكون منصة متكاملة تجمع الخبراء والمساهمين بالقطاع والمهتمين بقطاع الحوكمة البيئية والمجتمعية مع صناع القرار وذلك للإسهام الفاعل بدعم مسيرة الاستدامة في الكويت والمنطقة عبر عدة مرتكزات وهي المساهمة في تعزيز رؤية الكويت 2035 لتحقيق اقتصاد متنوع ومستدام انطلاقا من توجيهات ودعم حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه.
وأضاف أن من المرتكزات أيضا إبراز الدور الريادي للكويت في مواجهة التغير المناخي وخفض الانبعاثات الكربونية ومناقشة فرص وتحديات التحول الأخضر في القطاعات التنموية الرئيسة وتوطيد التعاون بين القطاعين العام والخاص لتطبيق معايير (إي اس جي) وتحقيق الأهداف الوطنية للتنمية المستدامة.
وأشار إلى دعم تبادل الخبرات وأفضل الممارسات الإقليمية والعالمية في مجال الحوكمة البيئية والمجتمعية والمؤسسية وإطلاق مبادرات خليجية مشتركة تعزز التكامل الإقليمي في مجالات الاستدامة والمناخ والطاقة النظيفة.
وأضح أن "هناك جلسة ختامية لصناع القرار والتي ستناقش التحديات والحلول وسبل التعاون بشأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص للتوفيق والتعاون لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المقررة أمميا والمشمولة في رؤية الكويت 2035 تمهيدا لرفع توصيات القمة لمقام حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وإلى سمو ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح حفظهما الله ورعاهما وإلى مجلس الوزراء".
وتمثل القمة التي تتكون من عدة جلسات بتنظيم من شركة (إي اس جي) للحلول منصة استراتيجية لتبادل الرؤى والخبرات وتعزيز الحوار البناء حول قضايا لحوكمة البيئية والمجتمعية (إي اس جي) في القطاعات التنموية الحيوية وتكتسب أهميتها من سجامها مع رؤية الكويت 2035 والتي تسعى إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على مبادئ الاستدامة البيئية والاجتماعية.
كما تعد فرصة فريدة تجمع نخبة من صناع القرار والخبراء والمؤسسات من القطاعين العام والخاص لبحث حلول واقعية للتحديات البيئية والمناخية وتعزيز أطر التعاون الإقليمي والدولي نحو مستقبل أكثر خضرة واستدامة لمنطقة الخليج.