يعتبر كتاب «عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات » للقزويني، الذي كتب في القرن 13م، من أشهر الكتب في التراث العربي، وأغناها بالصور، وتركز هذه الموسوعة على المخلوقات في العالم، خصوصا (العجائب)، أو ما هو من عالم الخرافة، من حيوان ونبات وإنسان يفترض وجوده في العالم. وقد انشغل المصورون المسلمون برسم تلك المخلوقات في أعمالهم بين القرنين 13م و19م.
ومن خلال مخطوطات القزويني، يمكننا التعرف على الطريقة التي تصور بها الرسامون في ذلك العصر المخلوقات المألوفة كالقط مثلا، أو تلك الغريبة مثل وحيد القرن. ويعبر النص الذي كتبه القزويني عن الطريقة التي صنف بها المثقف المسلم المخلوقات، أو كيف أخفق أحيانا في تصنيفها، وتشهد الرسوم التوضيحية على تنوع عوالم الخيال عند الفنانين.
نبذة عن الكتاب
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات كتاب من تأليف العالم والجغرافي العربي أبو عبد الله بن زكريا القزويني. يتناول هذا الكتاب وصف السماء وما فيها من كواكب وأبراج وحركاتها وما ينتج عن ذلك من فصول السنة، وتكلم عن الأرض وتضاريسها، والهواء وما فيه من رياح وأنواعها، والماء والبحار، والجزر، وأحيائها وتكلم عن النبات والحيوان التي تسكن اليابس ورتبهم أبجدياً. و يلاحظ القارئ البراعة في العرض، ودقة الملاحظة، والاستنتاج السليم، والكتاب به أربع مقدمات، ثم قسمه إلى مقالات كل مقالة بها عدة فصول. وخالف القزويني من تقدمه من علماء العرب في عدم ذكر الأشعار التي تصف النبات أو الحيوان بكثرة فكانت دراساته علمية بحتة وليست أدبية.
ومن المُرجح أن كتاب عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، قد كُتِب في العقد السادس من القرن الثالث عشر، وهو يُعد أشهر كتاب إسلامي يتناول الكوزموغرافيا. تشير النُسَخ المتعددة للمخطوطة أن العمل ظَلّ لقرون من أشهر الكُتُب في العالم الإسلامي. تحتوي هذه المخطوطة على رسومات تخطيطية عديدة للكواكب وأكثر من 400 منمنمة ولوحة. وقد انتهى العمل فيها عام 1280، أي قبل وفاة المؤلف بثلاثة أعوام، وهي تُعد أقدم شاهد نصي معروف على العمل الأصلي.
يتناول الجزء الأول العالم السماوي، بينما يُصَوّر الجزء الثاني العالم الأرضي. ويقوم علم الكوزموغرافيا على مذهب وحدانية الله ووحدة الوجود باعتباره أحد المخلوقات الإلهية. تستحق صُور الملائكة الانتباه بشكل خاص، فهي تبدو خفيفة الحركة ومفعمة بالحيوية على غير العادة. وقد جعل الاستخدام المتميز للألوان في المخطوطة الملائكةَ تبدو كمخلوقات مشرقة شبه شفافة.
قسم كتاب “عجائب المخلوقات والحيوانات وغرائب الموجودات” إلى مقدمة تحوي تصنيفاً عاماً لجميع الموجودات وفق النمط اليوناني، وعلى الأخص أرسطو، ثم قسمين يعالجان الكلام عن العالمين العلوي والسفلي كل على حدة، ويتناول القسم الأول الذي يبحث في العالم العلوي الكلام عن الأجرام السماوية: الشمس والقمر والنجوم، وسكان هذا العالم أي الملائكة، وكذلك التوقيتات والتقاويم العربية والسريانية وما يرتبط بها من أعياد ومناسبات . أما القسم الثاني فخصصه لذكر الأرض وظواهرها، حيث يرد فيه الكلام عن العناصر الأربعة: النار والهواء والماء والتراب، ويصف فيه تقسيم الأرض إلى سبعة أقاليم، مع بيان أسباب الزلازل وتكوين الجبال ونشأة الانهار والمنابع والعيون، ويلي ذلك عرض لممالك الطبيعة الثلاث: المعدنية والنباتية والحيوانية، وتبدأ المملكة الأخيرة بالحديث عن الإنسان وخصائصه الأخلاقية وتشريحه وتركيبه العضوي ومميزات الشعوب المختلفة وحديث عن المخلوقات الأخرى من الجن والغيلان والعنقاء . . الخ .
وفي الكتاب حس العالم المتطلع إلى المستقبل، فالأرض كروية وليست شكلاً مربعاً أو اسطوانياً أو مسطحاً كما كان سائداً في عصره، تدور حول محورها من الغرب إلى الشرق، والمخلوقات عليها منجذبون إليها بقوة الجذب، وقوة الدوران معاً، وليست ثابتة في مركز الكون كما قال بطليموس، ومعظم اليابس في الأرض يقع في نصفها الشمالي، وأن صورة السماء بنجومها وكواكبها تختلف في النصف الشمالي عن الجنوبي، وأن القمر يدور حول الأرض، وأن هذه الأخيرة مع عدة كواكب أخرى تدور حول الشمس، فتنشأ نتيجة لذلك الفصول الأربعة، وأن الشمس تدور حول نفسها وحول مركز المجرة .
وفي الكتاب كذلك حديث عن ما في اعماق الأرض من طبقات وأبخرة وغازات ومعادن وفلزات . . . ولماذا تتغير طبيعة الأرض كل عدة آلاف من السنوات، هو حديث الجيولوجي، ويحيط بكل ذلك الحكايات الشعبية مع حس ديني قوي يعتمد على محاولة الاجتهاد مع الآيات القرانية الكريمة وأسلوب مترع بالصور والأخيلة الأدبية، وفي الكتاب كذلك روح المؤرخ المهموم الذي يريد تلخيص معارف عصره لحفظها في زمن اتسم باللحظات التاريخية المريرة والتقلبات التي ربما بدت لها مهددة للحضارة العربية الإسلامية نفسها .
نتشر الكتاب بسرعة صاروخية في أرجاء العالم الإسلامي، وذلك قبل سنوات قليلة من دخول المغول البربري إلى بغداد وهجرة القزويني إلى الشام ثم مصر، واستقبله علماء عصره بالقبول وعقدت حلقات قراءة جماعية له، وكان من أوائل الكتب التي طبعت في الغرب في ألمانيا، وطبع في مصر في القرن التاسع عشر على هامش كتاب “حياة الحيوان الكبرى للدميري”، وهناك مخطوطات منه في ميونيخ وواشنطن ودار الكتب الأهلية في باريس، وكتب عنه مؤرخ العلم الشهير جورج سارتون في كتابه “المدخل إلى تاريخ العلوم عند العرب”، وكراتشكوفسكي في “تاريخ الأدب الجغرافي العربي”، وتشارلس لابل في “مبادىء علم الجغرافيا”، وشاخت في “تراث الإسلام”، وايتنهاوزن في “التصوير العربي”، وتناول الكتاب من الباحثين العرب كل من: أحمد عيسى وعبد الحليم منتصر، وتوفيق الطويل ومقبول أحمد . .الخ .
التأثير الأكبر للكتاب نجده لدى القاص والروائي الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس الذي ألف كتابه “المخلوقات الوهمية” ليتناص فيه مع كتاب القزويني . يمتلىء عمل بورخيس باقتباسات من القزويني يضعها بين مزدوجين، كما أن مقدمة بورخيس تبدأ بفقرة مطولة من القزويني، ويبدو بورخيس مفتونا بالقزويني سائرا على دربه، ففي مقدمته الخاصة وبعد أن يحكي عن تأثير حديقة الحيوان في نفس الطفل، ينتقل إلى حديقة حيوان الأساطير تلك التي صاغها وأبدع فيها الكثيرون وفي مقدمتهم القزويني .
إن ولع بورخيس بالذات بالقزويني لا يحسب لتأثير هذا الأخير الممتد إلى القرن العشرين وإلى الأدب اللاتيني بقدر ما يؤشر إلى لقاء كاتبين حلما بمؤلف يضم معارف العالم بأسرها، فصل بينهما ما يقرب من سبعة قرون ووحدتهما الرغبة في لانهائية المعرفة .
نبذة عن الكاتب
أبو عبد الله زكريا بن محمد بن محمود القزوينى، عالم مسلم عربي قزويني المولد حجازي الأصل. يرتفع نسبه إلى الإمام انس بن مالك عالم المدينة. ولد في عام 605 وتوفى عام 682 هجري.
رحل في شبابه إلى دمشق ثم ذهب إلى العراق واستقر بها وتولى القضاء وكان ذلك في خلافة المستعصم العباسي واستمر في منصبه حتى سقطت بغداد في يد المغول، الف الكثير من الكتب في مجالات الجغرافيا والتاريخ الطبيعي وله نظريات في علم الرصد الجوى، كما شغف بالنبات والحيوان والطبيعة والفلك والجيولوجيا.
مدرسته
كان كثير التأمل في خلق الله، موصياٌ بذلك مسترشدا بالقرآن الذي حثنا على النظر في مصنوعات وبدائع خلقه وليس التحديق والنظر فقط بل التفكير في حكمتها وتصاريفها، ليزداد الإنسان يقيناً، ويقر بإن التأمل أساسهُ خبرة بالعلوم والرياضيات بعد تهذيب الاخلاق والنفس، لتنفتح البصيرة ويري الإنسان العجائب التي لا يستطيع تفسيرها.
مؤلفاته
1 ـ عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات:
يتناول هذا الكتاب وصف السماء وما فيها من كواكب وأبراج وحركاتها وما ينتج عن ذلك من فصول السنة، وتكلم عن الأرض وتضاريسها، والهواء وما فيه من رياح وأنواعها، والماء والبحار، والجزر ،وأحيائها وتكلم عن النبات والحيوان التي تسكن اليابس ورتبهم أبجدياً. و يلاحظ القارئ البراعة في العرض، ودقة الملاحظة، والأستنتاج السليم، والكتاب به أربع مقدمات، ثم قسمه إلى مقالات كل مقالة بها عدة فصول. وخالف القزوينى من تقدمه من علماء العرب في عدم ذكر الأشعار التي تصف النبات أو الحيوان بكثرة فكانت دراساته علمية بحتة وليست أدبية.
2. آثار البلاد وأخبار العباد.
و هو كتاب في التـاريخ به ثلاث مقدمات
الأولى عن الحاجة إلى بناء المدن والقرى.
الثانية عن خواص البلاد وتنقسم إلى تأثير البلاد في السكان وتأثير البلاد في النبات والحيوان.
الثالثة عن أقاليم الأرض. و به أخبار الأمم الماضية وتراجم الأولياء والعلماء والسلاطين والأدباء وغيرهم.
3 ـ مف&<740;د العلوم و مب&<740;د الهموم
هو ثالث كتاب للعالم المسلم زكريا بن محمد بن محمود القزوينى فقق، يصف القزوينى هذا الكتاب:{عمري من كان له هذا الكتاب لايضيق صدره أبداً، ويعرف به قواعد الشرع، وقانون الممالك، ونصرة المذهب، ورد الخصم، وتذكرة الآخرة، وقاعدة العدل، وعافية الأمور، ونذير العدو، إلى غير ذلك. وأنفقت فيه شطراً من صالح عمري، وسميته:(مفيد العلوم ومبيد الهموم). ورتبته على اثنين وثلاثين كتاباً.
3. خطط مصر.
4. الإرشاد في أخبار قزوين.
المصادر
1 - صفحة كتاب عربي علم العالم على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك
2 - موقع المعرفة
3 - موقع ويكيبيديا
4 - جريدة الخليج الاماراتية تقرير عن القزويني يوم 11 ابريل 2015