- من رواد النهضة المصرية والعربية الأوائل ومن رموز التنوير والفكر والإصلاح الاجتماعي في مصر منذ مطلع القرن العشرين
- أسهم بقلمه ولسانه على مدى أربعين سنة من حياته فى العديد من نواحي الحياة الفكرية والأدبية والثقافية والاجتماعية في مصر 
- شارك مع مصطفى كامل ومحمد فريد في جهادهما وكفاحهما لخدمة القضية المصرية من خلال المؤتمرات الوطنية التي كان الحزب الوطني يعقدها فى أوروبا
- من شهرته طلب منه المفكر المصري العملاق الراحل عباس العقاد أن يساعده في إيجاد فرصة عمل .. ورغم ذلك لم يحظ بعد مماته بالشهرة التي تليق به 

 
 
لكل أمة من أمم الارض علماء في شتى المجالات الدينية والدنيوية ويكونون محل تقدير واحترام تلك الامم لدورهم في بناء مجتمعاتهم دينيا وفكريا وثقافيا .. والامة الاسلامية مثل باقي الامم لها علماء مسلمون ارسوا دعائم العلوم الدينية والدنيوية وكانوا منارات هداية ليس للعرب والمسلمينن فقط بل للعالم اجمع ، وساهموا في بناء حضار اسلامية في بغداد والقاهرة و دمشق والقيروان والاندلس تلك الحضارة علمت العالم اجمع وقت ان كان ظلام االجهل يلف اوروبا في القرون الوسطى.
 
ومن الغريب ان هناك من بين المسلمين في هذا الزمان من ارتفع صوته بإهانة الصحابة رضوان الله عليهم وبتحقير كل علماء الاسلام من صدر الاسلام وحتى الان بحجة واهية وهي تجديد الخطاب الديني والتنوير وغيرها من المسميات البراقة التي يراد بها باطل وهو تحقير العلماء .. وبينما تفتخر الامم الاخرى برموزها وعلمائها يريد منا البعض ان نتبرأ من فقهاء الامة الاسلامية الذين اجتهدوا في وضع قواعد العلوم الفقهية والشرعية .!! وعلينا ان ندرك ذلك المخطط الخبيث ..  فما يحدث من هجوم على أئمة المذاهب الفقهية الاربعة وغيرها من المذاهب وعموم علماء الدين الاسلامي من هنا او هناك هدفه إلقاء التراب على كل شيء جميل وعظيم في تاريخنا الإسلامي خاصة الفقهاء والعلماء الذين خدموا الدين الاسلامي  وأسسوا قواعد العلوم الشرعية على مر السنين .. واجتهدوا في استنباط الأحكام الشرعية ... وان كانوا قد اختلفوا في عدد من القضايا  وأسس كل واحد منهم مذهبا فقهيا مستقلا إلا ان اختلافهم كان رحمة بالامة .
 
وما يدعو للأسف الشديد بأن الكثير من العلماء العباقرة العرب والمسلمين الذين قدموا للبشرية عصارة أفكارهم وساهموا مساهمة فعالة في تطور الحضارة الإنسانية أن تبقى أسماؤهم وأعمالهم مغيبة من ضمير أبناء هذه الأمة وأجيالها وصار بعضهم يسخرون من ماضي أجدادهم الذين سادوا العالم بالعلم في وقت كان العالم غارقاً بالجهل والظلام رغم ان الإنجازات والإسهامات الهائلة للمسلمين التي شملت جميع فنون العلوم والمعرفة ما كانت لتكون لولا هذا الدين العظيم دين الإسلام .
 
وامام هذه الهجمة الشرسة علينا جميعا ان نفتخر بأجدادنا أئمة المذاهب الفقهية وان نفتخر بعلماء وفقهاء الامة الاسلامية عبر العصور فهؤلاء هم فخرنا وعزنا ودليل نهضتنا الاسلامية قديما وعلى خطاهم نسير لاحياء الامة من جديد .. فمن المسلمات شرعاً وعقلاً أن علماء الأمة الإسلامية هم خيارها عند الله تعالى ، لما عرفوا من الحق كما قال تعالى : ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ). [المجادلة/11] من أجل ذلك كله كان العلماء قديماً وحديثاً محط أنظار الأمة الإسلامية ، الذين يؤمل فيهم ما لا يؤمل في غيرهم من النصح للأمة ورعايتها وحمايتها وتفوقها . والعلماء هم الذين تعلموا العلم وأتقنوه وعقلوه ، وعملوا به وعلموه ، العدول الذين استقاموا لله تعالى بالدين والمروءة الذين يخشونه ولا يخشون أحداً سواه . و عالم الشريعة هو الذي يبين شريعة الله وأحكامها ويدعو الناس إليها, والعلماء هم أمناء الله على خلقه،‏ وهذا شرف للعلماء عظيم، ومحل لهم في الدين خطير؛ لحفظهم الشريعة من تحريف المبطلين، وتأويل الجاهلين، والرجوع والتعويل في أمر الدين عليهم، فقد أوجب الحق سبحانه سؤالهم عند الجهل، فقال تعالى: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ». (سورة النحل: 43).
 
والمتأمل في أعماق التاريخ الاسلامي والغائص في لُجَتِه؛ ليخرج منه بالعجب العجاب ، فأنت كلما نقبت وقلَّبت في صفحات التاريخ؛ وجدت الكثير والكثير من الفوائد والعبر، والتي قل من عرفها واستفاد منها، فعنصر الشخصية وتأثيرها في البناء الفكري والثقافي للأمم والشعوب؛ كان أمرًا متواترًا عبر التاريخ الإنساني عامة ، ولك أن تتأمل ذلك في شتى المجالات العلمية والاجتماعية والدينية . وقام عدد من العلماء المسلمين بإسهامات عديدة في العلم في مختلف المجالات على فترات متعاقبة من الزمن، كل على حسب اهتماماته سواء كانت علمية تطبيقية أو دينية أو لغوية أو فلسفية أو اجتماعية. فقد قدم ابن سينا كتاب القانون في الطب الذي أضحى مرجعاً أساسياً في الطب لفترات طويلة، كما أن ابن خلدون هو أول من تكلم عن علم العمران، ويعتبر بذلك مؤسس علم الاجتماع الحديث. أما ابن الهيثم فيعتبر المؤسس الأول لعلم المناظر ومن رواد المنهج العلمي. كما عرض الخوارزمي في كتابه (حساب الجبر والمقابلة) أول حل منهجي للمعادلات الخطية والتربيعية، ويعتبر مؤسس علم الجبر. كما برز الإدريسي في الجغرافيا ورسم الخرائط، وقد برز غيرهم الكثير اللذين تمت ترجمة مؤلفاتهم إلى اللاتينية واللغات الأجنبية الأخرى. وقد كان هنالك من هم رعاة للعلم والعلماء من الخلفاء منهم هارون الرشيدوأبو العباس عبد الله المأمون واللذي يعد نفسه عالماً والمعتصم بالله والمتوكل على الله والحاكم بأمر الله، وغيرهم من اللذين عملوا على دعم العلماء في علومهم. 
 
و «الوسط» تنشر على حلقات خلال شهر رمضان المبارك سير مجموعة من علماء الاسلام في مختلف العلوم الدينية والدنيوية من فقهاء ومفسيون محدثين مؤرخين وعلماء في مختلف المجالات قديما وحديثا ،  لابراز دورهم في بناء النهضة الاسلامية قديما فضلا عن تناول سير علماء مسلمون في العصر الحديث ساهموا في يقظة المجتمعات الاسلامية وتقوية الايمان بدين الله في مشارق الارض ومغاربها ، وسنذكر معلومات عن تلك الشخصيات وحياتهم و إنجازاتهم و أدوارهم المهمة منها ما قد نكون سمعنا عنها ومنها ما قد نكون لا نعلم شيئا عنها ليكون هؤلاء العلماء قدوة للاجيال الحالية لصناعة مستقبل مشرق لامتنا العربية والاسلامية .
  

محمد لطفي جمعة (1304 هـ / 18 يناير 1886م - 1373 هـ / 15 يونيه 1953م) 

من رواد النهضة المصرية والعربية الأوائل ، ومن رموز التنوير والفكر والإصلاح الاجتماعي فى مصر منذ مطلع القرن العشرين. وأسهم بقلمه ولسانه على مدى أربعين سنة من حياته فى العديد من نواحي الحياة الفكرية والأدبية والثقافية والاجتماعية فى مصر ، وله أكثر من أربعين كتاباً فى مختلف ألوان المعرفة ، فضلاً عن جهاده وكفاحه مع مصطفى كامل ومحمد فريد فى خدمة القضية المصرية من خلال المؤتمرات الوطنية التى كان الحزب الوطنى يعقدها فى أوربا، ومن شهرته طلب منه المفكر المصري العملاق الراحل عباس العقاد أن يساعده في إيجاد فرصة عمل .. ورغم ذلك لم يحظ بعد مماته بالشهرة التي تليق بمكانته العملية والأدبية والسياسية التي كان يتمتع بها في حياته.
 
هو المفكر الموسوعي الراحل ( محمد لطفي جمعة) .. الكاتب والمترجم والروائي والمحامي والناشط السياسي المصري وهو ابن الشريف جمعة أبي الخير شرف الدين الاسكندري الحسيني والسيدة خديجة محمود السنباطي , عمل بالمحاماه وأصبح من كبار محاميي عصره  كما كان من كبار الكتاب والخطباء والمترجمين. كان عضواً  بالمجمع العلمي العربي بدمشق وكان يجيد الفرنسية والإنجليزية كما كان له إلمام بلغات أخرى كالإيطالية واللاتينية والهيروغليفية. ولد بحي كوم الدكة الإسكندرية في 12 ربيع الثاني سنة 1303 هـ الموافق 18 من يناير سنة 1886م من اسرة من الطبقة الوسطى والده الشيخ جمعة ابو الخير شرف الدين وينتهي نسبة إلى الامام على بن أبي طالب وقضى حياته في  صحبة الشيخ حسنين الحصافي في دمنهور ، وقامت بإرضاع محمد لطفي جمعة السيدة ملوك بنت عيد والدة الموسيقار والملحن المصري المعروف الشيخ سيد درويش فأصبح بذلك أخاً لسيد درويش في الرضاعة. 

نشأته  وتعليمه

بدأ لطفي جمعة تعليمه في السنة الخامسة من عمره في مكتب لحفظ القرآن وتجويده ثم انتقلت أسرته إلى مدينة طنطا حيث التحق بمدرسة الأقباط بها ثم انتقل إلى المدرسة الأميرية من عام 1896م إلى عام 1900م ونال منها على الشهادة الابتدائية ثم انتقل إلى القاهرة وانتقل إلى المدرسة الخديوية الثانوية بالقاهرة  ، وكان من أساتذته في هذه المدرسة الشيخ طنطاوي جوهري الذي تعلم جمعة منه الدين والتصوف والفلسفة ، وفي سنة 1903 غادر لطفي جمعة المدرسة الخديوية دون الحصول على شهادتها الثانوية بسبب اضطهاد الإنجليز له  لوطنيته وسافر الى الكلية الأمريكية ببيروت لدراسة الفلسفة لنصيحة المرحوم الأستاذ الشيخ محمد عبده الذي كتب له كتب توصية إلى اصدقائه وانسابه .  ثم عاد إلى مصر لينال إجازة مدرسة المعلمين في عام 1904م. وحصل على شهادة البكالوريا في عام 1907م والتحق بمدرسة الحقوق الخديوية في عام 1908 إلا أنه فصل منها اثر القائه خطبة في الذكرى الأربعين لوفاه مصطفى كامل أغضبت إدارة المدرسة وطلبت منه على اثرها الانسحاب من صفوفها فسافر إلى فرنسا والتحق بجامعة ليون في أبريل من عام 1908م (لعهد عميدها ادوارد لامبير الحقوقي الفرنسي الشهير وأستاذ القانون المقارن والذي كان يشغل قبل ذلك منصب عميد مدرسة الحقوق الخديوية حتى عام 1906) وأحرز إجازة الحقوق في سنة 1910م. ثم إجتاز امتحان المعادلة في عام 1912 وقيد بجداول المحامين ثم سافر إلى فرنسا ثانيةً للحصول على الدكتوراه من كلية الحقوق بليون في نهاية عام 1912 وعاد إلى القاهرة ليبدأ العمل بالمحاماة.

عمله بالصحافة 

عمل محمد لطفي جمعة‎ بالتدريس في فترتين من حياته، الأولى فور حصوله على إجازة مدرسة المعلمين (1904-1907) والفترة الثانية من عمله بالتدريس كانت بتدريس القانون في الجامعة المصرية في عام 1917م . وبعد ان ترك جمعة مهنة التدريس اتجه للعمل بالصحافة في العام 1905  بعد ان دعاه «عبد الفتاح بيهم « للاشتغال بالصحافة وكان «بيهم»  يعمل مترجما في جريد الظاهر لصاحبها محمد ابو شادي المحامي ، وفي سنة 1905 قدم على مصر محمد كرد على والسيد عبد القادر المغربي فاشترك لطفي جمعة معهما في تحرير جريدة الظاهر. واستمرت علاقة جمعة بالصحافة 3 سنوات .  وفي يناير سنة 1906 ألقى لطفي جمعة خطاباً في حفل عيد جلوس الخديوي عباس حلمي الثاني انتقد فيه سياسة الوفاق بعد اتفاق انجلترا وفرنسا سنة 1904 وطعن في استسلام القصر للاستعمار وانصراف الجالس على العرش إلى تنمية ثروته دون الاكتراث بشئون الأمة ، فغضب علية أمير البلاد وأوغر إلى صاحب جريدة  الظاهر باضطهاده وفصله من عمله وفي سنة 1906 حدثت فاجعة  دنشواى فحمل لطفي جمعة في صفحات جريدة الظاهر على السياسة الاستعمارية حملة شعواء واصبحت الجريدة في مقدمة الصحف الوطنية لاتزاحمها إلا جريدة اللواء التي أنشأها المرحوم مصطفى كامل منذ سنة 1900 . وفي سنة 1906 عمل لطفي جمعة مع مصطفى كامل في تحرير جريدة اللواء وكان أجره جنيه واحد لكل مقال ، وعندما أنشأ مصطفى كامل جريدة « إيجبشيان ستاندارد Egyptian Standard  “ عينة محرراَ لها مع تشارلز رودي ووليام مالوني الإنجليزيين .  وفي مارس سنة 1908 ألقى لطفي جمعة خطبة في ذكرى الأربعين لوفاة المرحوم مصطفى كامل  فاضطهدته إدارة مدرسة الحقوق وطلبت منه الانسحاب من صفوفها .  واثناء وجود لطفي جمعة في أوروبا أنشأ جريدتين للدفاع عن القضية المصرية الأولى « صوت الشعب « بالعربية بمدينة جينيف ، والثانية جريدة « مصر «  بالانجليزية في جينيف و فلورنسا وليون ولندن ،وهي نفسها الجريدة التي استكمل إصدارها بعد ذلك المستر بلنت والاستاذ إدوارد براون سنة 1912 ثم حزب الوفد المصري بعد ذلك.

كفاحه الوطني في أوروبا 

في إبريل سنة 1908 سافر لطفي جمعة لطلب  العلم في أوربا والتحق بكلية الحقوق بجامعة ليون بفرنسا وفي سنة 1909 شارك لطفي جمعة بجهده وماله في أعباء مؤتمر الحزب الوطني الأول الذي انعقد في جينيف وسافر إلى لندن ودعا أعضاء البرلمان الانجليزي  الذين حضروا المؤتمر ومنهم كير هاردي زعيم حزب العمال وفي سنة 1909 أيضاً تم اختيار لطفي جمعة عضوا في مجمع الخالدين بنيويورك في الولايات المتحدة الامريكية وفي سنة 1910 قام لطفي جمعة بأعباء المؤتمر الثاني للحزب الوطني الذي انعقد في بروكسل مع المرحوم محمد فريد .  

محامي قضية السادات 

فور عودته من فرنسا في عام 1912 بادر لطفي جمعة بإدراج اسمه في جداول المشتغلين بالمحاماه وأسس مكتباً بالقاهرة وفي عام 1915 تم قبوله للترافع أمام محكمة الاستئناف العليا ثم تم تقييد اسمه بجداول المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض في عام 1935. وكان لطفي جمعة كمحام ‎ «ملء السمع والبصر” في حياته واشتهر بتفضيله القضايا الجنائية على القضايا المدنية وقد ترافع لطفي جمعة في مجموعة من أشهر القضايا السياسية والشعبية التي عرفها المجتمع المصري آن ذاك ومنها قضية مقتل السردار لي ستاك وقضية القنابل في عام 1932 وقضية مقتل أمين عثمان مترافعاً بين آخرين عن أحمد وسيم خالد ومحمد أنور السادات .

إنتاجه الفكري

استمر لطفي جمعة طوال اكثر من 40 عاما  في كتابة المقالات والدراسات في شتى المجالات في معظم الدوريات مثل المقتبس، البيان، الأهرام، البلاغ، البلاغ الاسبوعي،المساء، مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، السياسة،الرابطة العربية، الأدب والفن بلندن، الكتاب، الزمان، وغيرها. وكان له عامود باسم «لعل وعسى» في البلاغ طوال حياته, فكتب آلاف المقالات في هذه الدوريات في الفترة من 1904 وحتى اواخر 1948 تاريخ بداية مرضه. وفي مقالاته نادى لطفي جمعة بمجانية التعليم عندما قال في جريدة البلاغ‏ في مايو سنة‏ 1930: «هل يخطر ببال أحد في مصر أن ينادي بوجوب مجانية التعليم الثانوي أو العالي‏»,‏ ونبه في روايته عائدة التي نشرت في حلقات بالبلاغ‏ في 1933 الي قانون الأحوال الشخصية وتعزيز حياة الأسرة الإسلامية بعدم انفراد الزوج بالطلاق‏,‏ وفصل هذا في مقال له بمجلة الرابطة العربية‏ عام 1938 بوجوب التشريع لتقييد تعدد الزوجات‏,‏ وأشار في البلاغ‏ عام 1933 الي أهمية إقامة نصب تذكاري للجندي المجهول‏,‏ وطالب في الأهرام سنة ‏1923‏ بتخصيص قضاة للقضاء الجنائي وغيرهم للقضاء المدني‏,‏ كما نادي سنة‏ 1934‏ في البلاغ بتزيين قاعات محاكمنا بالميزان رمز القضاء المدني والسيف رمز القضاء الجنائي دلالة علي العدل‏,‏ الي جانب الآيات القرآنية بدلا من عبارة العدل أساس الملك‏,‏‏ كما أنه أول من نادي بإنشاء نقابة للمسرحيين‏ في عام 1916 ‏ودعا علي صفحات المقطم في‏ 1916 إلي إنشاء وزارة للفنون الجميلة,‏ وطالب علي صفحات البلاغ بإنشاء متحف اجتماعي علي غرار المتاحف الاجتماعية في أوروبا‏.‏

مؤلفاته 

لمحمد لطفي جمعة العديد من المؤلفات المطبوعة الى جانب مؤلفات مخطوطة لم يتم نشرها حتى الان ، ومن ابرز مؤلفاته المطبوعة : ثورة الإسلام وبطل الأنبياء أبو القاسم محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم ) - نظرات عصرية فى القرآن الكريم – كيف السبيل لإحياء الشرق والإسلام – حياة الشرق دوله وشعوبه وماضيه وحاضره –  تاريخ فلاسفة الإسلام –  الشهاب الراصد ( الرد على طه حسين وكتابه فى الشعر الجاهلى ) .

موقفه من المستشرقين

كان لطفى جمعة غيوراً على الإسلام ، فكان دائم التتبع لما يصدر من كتب عن الإسلام والمسلمين ، وبخاصة ما يصدره المستشرقون ، فإن وجد فيه ما يسئ إلى الإسلام جرد قلمه للرد عليه وإدحاض ما فيه من باطل وافتراء ، وإن وجد خيراً سلط الضوء عليه واحتفى به وأذاعه بين القراء والمثقفين ، ويؤكد جمعة أن مقاصد علماء المشرقيات هى القضاء على حرية الشرق ، فهم يغرمون باللغة العربية والإسلام ليس حباً بنا ولا إعجاباً بديننا ولكن وراء ذلك مقاصد سياسية ، واستشهد جمعة على ذلك بالمستشرق ( إدوارد بالمر ) الذى صادق العرب وآخاهم ثم طعن فى القرآن والنبى محمد صلى الله عليه وسلم فى مقدمته لكتابه هارون الرشيد عام 1882م واتهم لطفى جمعة المستشرقين بالتجسس لأوطانهم ، ويقول إن كل مستشرق مسيحى أوروبى لابد أن يكون جاسوساً لوطنه ، يستغل الثقة التى توجد فى قلوبنا فى كل شخص يتحدث أمامنا عن الله ورسوله فنخدع به ، ولا نعيب هؤلاء المستشرقين ولكن العيب فينا .ثم ذكر جمعة بعض المستشرقين والأجانب الذين تجسسوا على العرب والمسلمين تحت ستار السياحة والبحث العلمى من أمثال : المستشرق الفرنسى لويس ماسينيون الذى كان على صلة قوية بمحمد لطفى جمعة منذ عام 1940م وأكد أن أسباب صلة ماسينيون بالشرق هى كتابة تقارير إلى وزارة الخارجية الفرنسية ، ويرى أن ماسينيون استغل الكتابة عن ( الحلاج ) لخدمة سياسة الاستعمار الفرنسى فى الشرق ، ثم ذكر لطفى جمعة أسماء عدد من الرحالين الأوروبيين الجواسيس تحت ستار السياحة فمهدوا لغزو الاستعمار لبلاد المسلمين من أمثال : ماركو بولو الإيطالى وكنجليك والليدى ستانهوب وروزيتا فوربس وجرتروديل وفراياستارك من الإنجليز ، إضافة إلى لورنس العرب .

أسباب عدم شهرته 

من خلال دراستنا لحياة محمد لطفي جمعة يمكننا ان نجد ان أسباب عدم شهرة محمد لطفي جمعة برغم مكانته العلمية والسياسية وريادته  ترجع الى : عدم اهتمام جمعة نفسه في حياته بنشر مؤلفاته المخطوطة في كتب مطبوعة  واهتمامه بالمقالات الصحفية التي ينساها القراء بسرعة وعدم اهتمام جمعة بان يكون له تلاميذ مثلما كان يفعل “العقاد” إضافة إلى ان حملاته العنيفة ضد طه حسين ومنصور فهمي وعبد العزيز فهمي واحمد لطفي السيد دفاعاً عن الإسلام واللغة العربية  أدت إلى تجاهل الدوائر المعادية للإسلام والمسيطرة على دوائر صنع القرار في مصر للطفي جمعة لإطفاء بريقه وقد نجحوا في ذلك نوعاً ما . 

العقاد يطلب المساعدة
 من لطفي جمعة 

قصة الرسالة التي تلقاها محمد لطفي جمعة من المفكر عباس محمود العقاد الذي كان في بدايات حياته تؤكد مكانة جمعة في  اوائل القرن العشرين وبدايات النهضة المصرية و انه كان من رموز تلك المرحلة بدليل ان «العقاد « لجأ اليه طلبا للمساعدة . وعن ذلك كتب الكاتب المصري الراحل أنيس منصور مقالا تحت عنوان « عار علينا ألا يجد العقاد طعاماً! “ .

وفاته 

توفي محمد لطفي جمعة في 15 يونيو 1953  عن 67 عاما جاهد خلالها في سبيل الله والعلم والوطن والانسانية.

المراجع

 د. محمد لطفى جمعه – قراءة فى فكره الإسلامى ( كاتب من جيل العمالقة ) د/ إبراهيم عوض / محمد لطفى جمعه فى موكب الحياة والأدب – أحمد حسين الطماوى / محمد لطفى جمعه – تاليف رابح لطفى جمعه  / المفكر الموسوعي محمد لطفي جمعة حياته وآراؤه الإصلاحية ومعاركه الفكرية، تأليف ربيع ابراهيم سكر ، مكتبة الآداب بالقاهرة 2014 .