حسن الخاتمة هو أن يُوفق العبد قبل موته للابتعاد عما يغضب الرب سبحانه، والتوبة من الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات وأعمال الخير، ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة.
ومما يدل على هذا المعنى ما صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا أراد الله بعبده خيراً استعمله) قالوا كيف يستعمله؟ قال (يوفقه لعمل صالح قبل موته) رواه الإمام أحمد ، والترمذي، وصححه الألباني في “السلسلة الصحيحة
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ) قِيلَ وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ (يَفْتَحُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ) رواه أحمد وصححه الألباني في “السلسلة الصحيحة
ولحسن الخاتمة علامات، منها ما يعرفه العبد المحتضر عند احتضاره، ومنها ما يظهر للناس.
تسع عشرة علامة على حسن الخاتمة
جمع الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه ( أحكام الجنائز) هذه العلامات من القرآن والسنة الصحيحة ، فوجدها تسع عشرة علامة، هذا ما ذكره في ملخص كتابه ، إن الشارع الحكيم قد جعل علامات بينات يستدل بها على حسن الخاتمة – كتبها الله تعالى لنا بفضله ومنته – فأيما امرئ مات بإحداها كانت بشارة له ويا لها من بشارة :
الأولى :
نطقه بالشهادة عند الموت وفيه أحاديث مذكورة في الأصل، منها قوله: صلى الله عليه وسلم : ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ) .
الثانية :
الموت برشح الجبين لحديث بريدة بن الخصيب رضي الله عنه : ( أنه كان بخراسان فعاد أخا له وهو مريض فوجده بالموت وإذا هو يعرق جبينه فقال : الله أكبر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( موت المؤمن بعرق الجبين ) .
الثالثة:
الموت ليلة الجمعة أو نهارها لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلم يموت الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر ) ( الحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح ).
الرابعة:
الاستشهاد في ساحة القتال قال الله تعالى : “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ،فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ
وقال صلى الله عليه وسلم ( للشهيد عند الله ست خصال :” يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويحلى حلية الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه )
الخامسة :
الموت غازيا في سبيل الله لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما تعدون الشهيد فيكم ؟ ) قالوا : يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال ( إن شهداء أمتي إذا لقليل ) . قالوا فمن هم يا رسول الله قال ( من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد والغريق شهيد ) .
السادسة :
الموت بالطاعون وفيه أحاديث ،منها قوله صلى الله عليه وسلم : ( الطاعون شهادة لكل مسلم ) .
السابعة :
الموت بداء البطن لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم : ( ومن مات في البطن فهو شهيد ) .
الثامنة والتاسعة :
الموت بالغرق والهدم لقوله صلى الله عليه وسلم ( الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله ) .
العاشرة :
موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها لحديث عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد عبد الله بن رواحة قال فما تحوز له عن فراشه فقال أتدري من شهداء أمتي ؟ قالوا قتل المسلم شهادة قال ( إن شهداء أمتي إذا لقليل قتل المسلم شهادة والطاعون شهادة والمرأة يقتلها ولدها جمعاء شهادة يجرها ولدها بسرره إلى الجنة ) .
الحادية عشرة والثانية عشرة :
الموت بالحرق وذات الجنب وفيه أحاديث أشهرها عن جابر بن عتيك مرفوعا ( الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله المطعون شهيد والغرق شهيد وصاحب ذات الجنب شهيد والمبطون شهيد والحرق شهيد والذي يموت تحت الهدم شهيد والمرأة تموت بجمع شهيدة )
الثالثة عشرة :
الموت بداء السل . لقوله صلى الله عليه وسلم ( القتل في سبيل الله شهادة والنفساء شهادة ،والحرق شهادة والغرق شهادة، والسل شهادة ،والبطن شهادة ).
الرابعة عشرة :
الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد غصبه وفيه أحاديث منها ( من قتل دون ماله ( وفي رواية من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد ) .
الخامسة عشرة والسادسة عشر :
الموت في سبيل الدفاع عن الدين والنفس لقوله صلى الله عليه وسلم ( من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ) .
السابعة عشرة :
الموت مرابطا في سبيل الله فيه حديثان أحدهما ( رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ،وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان ) .
الثامنة عشرة :
الموت على عمل صالح لقوله صلى الله عليه وسلم ( من قال لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة ومن صام يوما ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة ) .
التاسعة عشرة :
من قتله الإمام الجائر لأنه قام إليه فنصحه لقوله صلى الله عليه وسلم ( سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله ) أخرجه الحاكم وصححه والخطيب .
أسباب حسن الخاتمة
من أعظمها أن يلزم الإنسان طاعة الله وتقواه، وراس ذلك وأساسه تحقيق التوحيد، والحذر من ارتكاب المحرمات، والمبادرة إلى التوبة مما تلطخ به المرء منها، وأعظم ذلك الشرك كبيره وصغيره
ومنها أن يلح المرء في دعاء الله تعالى أن يتوفاه على الإيمان والتقوى.
ومنها أن يعمل الإنسان جهده وطاقته في إصلاح ظاهره وباطنه، وأن تكون نيته وقصده متوجهة لتحقيق ذلك، فقد جرت سنة الكريم سبحانه أن يوفق طالب الحق إليه، وان يثبته عليهن وأن يختم له به.
أدعية لحسن الخاتمة
ثبتت أدعية مأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يخص حسن الخاتمة، وذلك فيما يأتي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي).
(سمِعْت رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدعو اللهمَّ أحسِنْ عاقِبتَنا في الأمورِ كلِّها وأجِرْنا مِن خِزي الدُّنيا وعذابِ الآخرةِ وفي روايةٍ وقال مَن كان ذلك دعاءَه مات قَبلَ أن يُصيبَه البلاءُ).
(اللهمَّ توفَّنا مسلمين وأحيِنا مسلمينَ وألحقنا بالصالحينَ غيرَ خزايا ولا مفتونينَ).
كما إنّ من أسباب حسن الخاتمة؛ التقرّب من الله وطاعته والقيام بالأعمال الصالحة التي ترضيه، وفيما يأتي أدعية متنوعة لحسن الخاتمة:
· لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، رب إني كلي ذنوب وأنت العفو الغفور.
· لا إله إلا أنت سبحانك إنى تبت إليك وإنى من المسلمين، فتب علىّ إنك أنت التواب الرحيم.
· لا إله إلا الله واستغفر الله لذنبى وللمؤمنين والمؤمنات.
· رب اغفر لي ولأمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مغفرة عامة، وارحمنى وارحم أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رحمة عامة. يا أرحم الراحمين، يا ارحم الراحمين، يا أرحم الراحمين برحمتك نستغيث فأغثنا، وابدل سيئاتنا حسنات وأقرر عين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأمته.
· رب أنت ولىّ فى الدنيا والاّخرة توفنى مسلما والحقنى بالصالحين. اللهم ارزقني حسن الخاتمة يا كريم.
· اللهم إنا نسألك زيادة في الدين وبركة في العمر وصحة في الجسد وسعة في الرزق، وتوبة قبل الموت وشهادة عند الموت، ومغفرة بعد الموت وعفواً عند الحساب وأماناً من العذاب، ونصيباً من الجنة، واللهم لا تحرمنا النظر إلى وجهك الكريم.
· اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين واشفي مرضانا ومرضى المسلمين.
· اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
• اللهم ارزقني قبل الموت توبةً، وعند الموت شهادة وبعد الموت جنة.
· اللهم ارزقني الموت وأنا ساجد لك يا أرحم الراحمين.
· اللهم ثبتني عند سؤال الملكين.
· اللهم اجعل قبري روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار.
· اللهم إني أعوذ بك من فتن الدنيا.
· اللهم قوّي إيماننا، ووحد كلمتنا، وانصرنا على أعدائك أعداء الدين.
· اللهم شتت شملهم واجعل الدائرة عليهم.
· اللهم انصر إخواننا المسلمين في كل مكان.
· اللهم ارحم آبائنا وأمهاتنا، واغفر لهم وتجاوز عن سيئاتهم وأدخلهم فسيح جناتك.
· اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وتقبّل منّا.
· اللهم تقبّل منا دعاءنا، وارحمنا برحمتك، وتوفّنا مع الصالحين الأبرار، واجمعنا مع الصالحين والصّديقين وحسن أولئك رفيقاً.