أكثر من 100 خبير في مجالات التربية والتعليم والإعلام والقانون وجهوا نصيحة مهمة لكل أسرة: عوّدُوا أبناءكم على القراءة في الصّغر يصبحوا "مبدعين" في الكِبر. أكدوا أنه يجب على الأسرة والمدرسة والمجتمع التعاون لإيجاد بيئة داعمة للقراءة، وتقديم كتب جاذبة تُلبي احتياجات الأطفال والناشئة، وتُثير اهتماماتهم. وأشاروا إلى ضرورة توجيه الأطفال لاستخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي، لتعزيز حبهم للقراءة.
شددوا على أهمية اختيار الكتب المناسبة لليافعين؛ لتنمية مهاراتهم، ومساعدتهم على النمو والتطور. ولفتوا إلى أن القراءة عنصر أساسي في تنمية مهارات اليافعين وإثراء خيالهم. وأوضحوا خلال مشاركتهم في ندوة "تشجيع الأطفال واليافعين على القراءة" التي نظمتها "ديوانية الذييب" الثقافية ـ أن أدب الأطفال جزء مهم من المشهد الثقافي، شهد تطورًا ملحوظًا خلال العقود الماضية، وبرز عدد من الكتّاب الموهوبين الذين قدموا أعمالًا مميزة ساهمت في تنمية قدرات الأطفال وتوسيع آفاقهم.
كاتب الأطفال أحمد طابعجي، المستشار بقسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز، أوضح أن أبرز دوافع القراءة عند الأطفال واليافعين تعلم أشياء جديدة، وتوسيع آفاقهم، كما تُعدّ القراءة مصدرًا للترفيه والتسلية، وتوفر القصة للطفل شعورًا بالصداقة من خلال الشخصيات الخيالية، ويقرأ بعض الأطفال للتفاخر بمعرفتهم وإنجازاتهم أمام الآخرين.

أهمية القراءة للطفل
وحول أهمية القراءة للطفل، أكد أنها تُثري مخزونه المعرفي، وتُوسع مداركه، وتُحفز خياله، وتُساعده على ابتكار أفكار جديدة. كما تُساعد على تنمية مهارات اللغة العربية لدى الطفل، وتُساهم في بناء شخصيته، وتكوين قيمه ومبادئه.
وحدّد خمسة مجالات لأدب الأطفال واليافعين يمكن من خلالها تشجيعهم على القراءة، أولها: "القصة" التي تُعد الأكثر شيوعًا، وتتنوع بين القصص الواقعية والخيالية والعلمية، وثانيها: "الشعر" الذي يُقدم للأطفال في أشكال متنوعة، مثل: الأغاني والقصائد القصيرة. وثالثها: "القصص المصورة" التي تُعد من الوسائل الفعّالة لجذب انتباه الأطفال، وتجمع بين المتعة البصرية، والفائدة المعرفية. ورابعها: "المسرح" الذي يُقدم للأطفال رسائل تربوية وقيمية بأسلوب ممتع وجذاب من خلال مسرحياته. أما المجال الخامس فهو "الأدب الرقمي" فمع التطور التكنولوجي، ظهرت أشكال جديدة من أدب الأطفال، مثل: الكتب الإلكترونية والتطبيقات التفاعلية
.
مزايا "القصص المصورة"
ولفت إلى استحواذ "القصص المصورة" على اهتمامات اليافعين، مؤكدا أن دراسات حديثة توصلت إلى أن "القصص المصورة" تأتي في مقدمة اهتمامات الأطفال اليافعين، سواء من حيث القراءة، أو الشراء، أو الاستعارة من المكتبات، وأرجعت الدراسات ذلك إلى دمجها بين السرد المُبسط، والرسومات الجذابة؛ مما يُتيح تجربة قرائية ممتعة وتفاعلية.
وأشارت الدراسات إلى تراجع اهتمام اليافعين بالكتب السردية التي تعتمد على النص فقط، دون وجود رسومات توضيحية. وأرجعت الدراسات ذلك إلى تأثير العصر الرقمي وسرعة التغيير، مما أدى إلى قلة قدرة الأطفال على التركيز لفترات طويلة مع النصوص المكتوبة فقط.

معوقات أمام القراءة
وحذر من عدد من المعوقات التي تعرقل انتشار القراءة بين الأطفال واليافعين، وأبرزها: نقص الكتب الجاذبة التي تُلبي احتياجات الأطفال واليافعين، وتُثير اهتماماتهم، وانشغال الآباء والأمهات عن تشجيع أطفالهم على القراءة، وتوفير بيئة مناسبة لها، وكذلك فك الارتباط بين المدرسة والبيت، وغياب التنسيق بين جهودهما في تعزيز ثقافة القراءة لدى الأطفال، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الكتب الذي قد يُشكل عائقًا أمام حصول بعض الأطفال عليها.
ومن تلك المعوقات أيضا: "الإجبار على القراءة" الذي قد يُنفّر الطفل من الكتب، و"قلة الوعي بأهمية القراءة" حيث يفتقر بعض الآباء إلى الوعي بأهمية القراءة، ودورهم في تشجيعها، وكذلك "ندرة الكتب المخصصة لليافعين" فالمكتبات العربية تعاني من نقص في الكتب الموجهة لليافعين التي تناسب اهتماماتهم، بالإضافة إلى "التنافس مع وسائل الترفيه الأخرى" ذلك أن القراءة تُواجه منافسة قوية من وسائل الترفيه الإلكترونية، مثل: الألعاب والتلفزيون.

الفئات العمرية للأطفال
وأشار إلى أن دور النشر تُصدر الكتب مُصنّفة حسب الفئات العمرية؛ لضمان ملاءمة المحتوى لاحتياجات وقدرات الأطفال واليافعين، وتشمل الفئة العمرية من 3 سنوات إلى 5 سنوات، فتقدم لها كتبًا بصور كبيرة وكلمات قليلة، تهدف إلى المتعة وتكوين ألفة مع الكتاب، والفئة العمرية من 5 إلى 8 سنوات، حيث تقدم لها قصص بصور مع كلمات أكثر، وتتضمن قيمًا، مثل: الصداقة، والنظافة، وكذلك الفئة العمرية من 6 إلى 8 سنوات، وتُقدم لها قصص تُقدم حلولًا لمآزق يواجهها الطفل في هذه المرحلة، والفئة العمرية من 9 إلى 12 سنة، وتقدم لها قصص، وسير ذاتية لشخصيات ناجحة تُناسب اهتمامات اليافعين.

برامج وزارات الثقافة
وينصح بالاستفادة من الفرص الموجودة حاليًا لتشجيع الأطفال واليافعين على القراءة، وفي مقدمتها: برامج وزارات الثقافة بجميع هيئاتها؛ لأن ثقافة الطفل أحد مرتكزات الهيئات الثقافية. وكذلك المسابقات المدرسية المعنية بتعزيز المهارات الثقافية، وتخصيص أوقات للقراءة بعيدة عن أوقات اللعب، واختيار الكتب المناسبة لقدرات الطفل اللغوية والمهارية، وتنويعها، لتناسب مختلف الأذواق والاحتياجات، وتشمل: "الكتب السردية" التي تعتمد على سرد القصص مع حوارات قليلة، و"الكتب الحوارية" المناسبة للفئات العمرية الأصغر، و"الكتب الصامتة" التي تعتمد على الصور فقط، وتُشجع على التفاعل العائلي، و"الكتب الهزلية" التي تُقدم محتوى مضحكًا وجذابًا، و"الروايات القصيرة" التي تُقدم مغامرات وخيالًا علميًا مُناسبًا لليافعين.
كما ينصح بتوفير مكان هادئ ومريح للقراءة مع توفر إضاءة جيدة، ومراعاة اهتمامات الطفل ومستوى نضجه عند اختيار الكتب، وقراءة القصص مع الطفل، ومناقشتها معه؛ لتشجيعه على القراءة، وربط القراءة بالأنشطة الممتعة مثل زيارة المكتبة أو حضور فعاليات روائية، والثناء على الطفل عند قراءته وتشجيعه على الاستمرار.