- "الانتماء الوطني" يضمن توجيه سلوك الأفراد وقراراتهم لخدمة بلادهم
- اعتراف غربي: هويتنا الحضارية تعيش حالة اعتلال بعد إباحة "المثلية"

 
طالب عدد كبير من الأدباء والكتّاب والمثقفين ورجال التربية والتعليم والإعلام بتكثيف التعاون لتعزيز "الهويةالثقافية" في الدول العربية،لدورها في دعم الانتماء الوطني، وتعظيم الجهود المبذولة في خدمه الأوطان، وحمايه مصالحها العليا في جميع المجالات.
وأرجعواأهمية "الهوية" في حياة الأفراد والمجتمعات، إلى أنهاتبني إحساسًا قويًّا بالانتماء الوطني، وتضمن توجّه سلوك الأفراد وقراراتهم لخدمة أمتهم وأوطانهم.
وحذروا ـ خلال مشاركتهم في ندوة نظمتها "إثنينيةالذييب" الثقافية بالرياض حول "تزاحم الهويات" ـ من تأثير العولمة على الهويات الثقافية،وأكدوا ضرورة العمل على تحقيق التوازن بين الحفاظ على الهوية الثقافية والانفتاح على الثقافات الأخرى.كما حذروا من التأثيرات الخارجية على الهوية الثقافية، واستمرار محاولة "الهيمنة الكلية" للعالم الغربي الذي يريد أن يفرض قيمه على مختلف الدول.
أشاروا إلى اعتراف بعض مفكري الغرب بأن "الهوية الحضارية" عندهم بدأت تعيش حالة من الاعتلال؛ لأن برلمانات أوروبية بدأت تُشرِّع مخالفات خطيرة تهددالكيان الحضاري، مثل: المثلية.
وتساءل الدكتورعبد الله بن عويقل السُلميالأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز، رئيس النادي الأدبي بجدة: هل "الهوية" صناعة أم أنها تولد مع البشر والمجتمعات؟ وهل نريد أن نجعلها سياجًا واقيًا،وحصنًا مانعًا لاقتحام الآخر، أم هي حالة تميزنا عن غيرنا حتى لو تداخلنا معهم، أو تشاركنا، أو تثاقفنا؟
أكد أن الهوية صناعة، ما عدا فترة ميلاد الإنسان، بما تشتمل عليه من ظهور نوعه،  ذكرًا أو أُنثى، وكذلك تسميته، وجنسيته؛ فلا إرادة له فيها، ثم يبدأ تشكيل ذاته؛ وفق المقتضيات المجتمعية، والمؤثرات المحيطة به؛ فتتشكل هويته، ومحركاتها الثقافية.
مواجهة آثار العولمة
أضاف أن "الهوية" ليست ثابتة، أو محددة سلفًا، وإنما هي عملية مستمرة من البناء والتغيير، تتشكل وتتطور طوال الحياة تحت تأثير عوامل مهمة، أبرزها: الثقافة، والتربية، والتجارب الحياتية،مشيرًا إلىأهمية "الهوية" في حياة الأفراد والمجتمعات، حيثتشكل إحساسًا قويًّا بالانتماء، وتوجه سلوك الأفراد وقراراتهم. لخدمة أوطانهم، وحماية مصالحها العليا.
ولفت إلى تأثير العولمة على الهويات الثقافية،فمع تزايد التواصل، تواجه الهويات تحديات جديدة.كما أن العولمة أسهمتفي إيجاد تبادل ثقافي أكبر، ومن ثم ينبغي العمل على تحقيق التوازن بين الحفاظ على الهوية الثقافية والانفتاح على الثقافات الأخرى.
ودعا إلىالتعاون في الحفاظ على "الهوية الثقافية" في هذا العالم المتغير المتعدد الثقافات، موضحًا أن الهوية في أساسها مكوِّن فردي يتشكل من خلاله مجموعة تشكل مجتمعًا، تتكوّن له خصائص وسمات تجعله مختلفًا عن غيره، ويستطيع بها أن يُقدم نفسه للآخر.
حماية الهوية الثقافية
وأبرزالدكتور السلمي الفرق بين "الهوية الفردية" التي تميز كل شخص عن الآخر، و"الهوية الجماعية" التي تجمع الأفراد ضمن مجموعة معينة، مشيرًا إلى أنالهوية الثقافية تشمل سمات شخصية مميزة، تجعل الفرد معروفًا ومميزًا.
وأكدضرورة الحفاظ على الموروث الثقافي في مواجهة التحديات المعاصرة، مشيرًا إلى أهمية دور الدول في حماية الهوية الثقافية بوضع القوانين واللوائح التي تحافظ على الموروث الثقافي. واعتبرالمظهر الخارجي، مثل الملبس، مؤشرا على الهوية الثقافية.وحذّر من أن هناك تحديات تواجه الحفاظ على الهوية الثقافية، أبرزها: التأثيرات الثقافية الخارجية، والتغيرات السلوكية.
نفخر بهويتنا العربية
ولفت إلى أن بعض مفكري الغرب يرون أنه لم يعد عندهم ما يسمى "الهوية الثقافية" التي تحوّلت إلى "الهوية الحضارية" وبدأت تعيش حالة من الاعتلال؛ لأن بعض برلمانات أوروبا بدأت تُشرِّع مخالفات خطيرة مهددة للكيان الحضاري، مثل: المثلية.
وقال: نحن كغيرنا نفخر بهويتنا العربية والإسلامية، مشيرًا إلى أن أمام الدول العربية مجموعة من التحديات لهويتنا الثقافية؛ تتنوع بين تحديات خارجية، وأخرى داخلية، وثالثة تحديات عابرة، ولا بد من التفاعل معها، والبحث عن ذاتنا في مواجهتها. 
وتتمثل التحديات الخارجية في محاولة "الهيمنة الكلية" للعالم الغربي الذي يريد أن يفرض قيمه على مختلف دول العالم، سواء على المستوى الأخلاقي، أو السلوكي التعاملي، أو المستوى الثقافي المعرفي، أو الرياضي، أو غيره.
محاولة "السيطرة الافتراضية"
وهناك تحدٍ آخر عابر للقارات هو محاولة "السيطرة الافتراضية" على حياة الناس، ولا نعرف هل هذا بسبب الأفراد أو بسبب الآخر؛ فالإنسان في كثير من المجتمعات ـ على سبيل المثال ـ يبدأ يومه بالجوال، وآخر ما يودع به نهاره الجوال أيضًا، وأخشى أن يجعلناهذا في عالمنا العربي ننزاح كليًا عن ثقافتنا وهويتنا، ويُشكِّل لنا ثقافة أخرى.
وحصر الدكتور السلمي التحدي الداخلي للهويات في أمرين: الأول: التنوع الثقافي الذي تعيشه الدول؛ وتساءل: كيف نهرب من هذا التنوع الثقافي لهوياتنا التي تشكل تضاريس مختلفة داخلنا؟ كيف يمكن أن نحوله إلى فرصة للتقارب والتعاون والتماسكوالوحدة؟ 
وقال: من التحديات أيضا ما تشهده عدة دول من التجاذبات بين المفكرين والأدباء والمثقفين والمهتمين بهذا الشأن، والقائمين على منابر التوجيه المجتمعي، حول الأصالة والمعاصرة، أو التراث والأخذ بمعطيات الحضارة الحديثة، الأمر الذي أحدث حالة من التوتر بينهم. ويُفترض ألا يكون تراثنا كابحًا لنا أو معيقًا عن التعاطي مع العالم اللحظي أو الحضارة اللحظية.
حماية التراث الثقافي
وشدد على أن الهوية الثقافية ليست مكونًا واحدًا، بل تتكون من عدة عناصر، مثل: اللغة، والتاريخ، والقيم، والعادات، والتقاليد.وأكد أهمية اللغة في تحديد الهوية، ولفت إلى أنها مشتركة بين العديد من الدول العربية، ودعا إلى أهمية الحفاظ على التراث الثقافي العربي كعنصر أساسي في بناء الهوية، وتعزيز دور الإعلام والفن في نشر القيم والتقاليد الثقافية.
كما شدد على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي، وضرورة التكيف مع التغيرات العالمية، وتجنب التطرف في التمسك بالتراث أو الانفتاح على الثقافات الأخرى.
ونصح الدكتور السُلمي في سبيل الوفاء بهذه الغاية المهمة بعدة أمور، تشمل:توحيد الخطاب الثقافي، وتجنب الخلافات حول الهوية، وذلك من خلال منابر التوجيه والإعلام، وتوظيفها لصياغة ثقافة حقيقية يدعمها ويفاخر بها ويلتزمها الجميع،وإنشاء مراكز للدراسات الثقافية تساعد في فهم التوجهات الثقافية، وتحديد نقاط القوة والضعف، وقراءة الإيقاع الثقافي للمجتمعات، وهل هو يعيش حالة انتشار أو حالة انحسار؟. وكذلك تعزيز دور المتاحف التي ترصد الواقع التاريخي، وترسم للأجيالالمتتالية حالة وعي يقينية بالماضي والحاضر، وضرورة الحفاظ على التراث الثقافي من خلال المتاحف والمسلسلات التاريخية، بالإضافة إلى تجاوز التنوع الثقافي كأحد التحديات، وإيجاد هوية ثقافية جامعة.