أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، بأن الذكاء الاصطناعي يواصل تأثيره العميق على قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة ويساهم في تغيير المشهد التكنولوجي بصورة جذرية، حيث ارتفعت البطالة بين العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات إلى 6 بالمئة في أغسطس، مقارنة بـ5.6 بالمئة في يوليو.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الارتفاع يعكس التحول نحو الأتمتة والذكاء الاصطناعي، الذي يؤثر بشكل كبير على وظائف خدمات تكنولوجيا المعلومات ومراكز البيانات.
ووفقاً للصحيفة، فإن هناك دلائل على أن الأتمتة، وخاصة في خدمات تكنولوجيا المعلومات وعمليات مراكز البيانات، تتسارع بشكل متزايد. وقد أشار إريك جونسون، كبير مسؤولي المعلومات في شركة "pagerduty"، إلى أن الأتمتة أصبحت أمرا حيويا في صناعة التكنولوجيا، موضحا أن التحدي الحالي هو مدى قدرة العمال الذين فقدوا وظائفهم على الانتقال إلى أدوار ذات قيمة أعلى.
ونقلت وول ستريت جورنال عن شركة الاستشارات جانكو أسوشيتس، أن عدد العاطلين عن العمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات بلغ 148 ألف شخص في أغسطس، بزيادة عن 145 ألفا في يوليو. وأظهرت بيانات من وزارة العمل الأمريكية أن معدل البطالة في هذا القطاع كان أعلى من المعدل الوطني للبطالة في سبعة من الأشهر الثمانية الماضية.
في المقابل، انخفض المعدل الوطني للبطالة إلى 4.2 بالمئة في أغسطس، مع إضافة 142 ألف وظيفة جديدة إلى الاقتصاد الأمريكي. وأوضح فيكتور جانولايتيس، الرئيس التنفيذي لشركة جانكو أسوشيتس، أن البطالة في مجال تكنولوجيا المعلومات وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ "انفجار فقاعة الإنترنت" في أوائل العقد الأول من الألفية الثالثة.
ومصطلح "انفجار فقاعة الإنترنت" يستخدم للإشارة إلى انهيار مفاجئ وسريع في سوق التكنولوجيا والإنترنت، حيث كانت هناك فقاعة اقتصادية امتدت في الفترة ما بين 1995 و2000. وفي تلك الفترة، نمت أسواق البورصة في الدول الصناعية بشكل ملحوظ في الصناعات المتعلقة بالإنترنت.
إلا أن جانولايتيس أشار إلى أن تخفيض الوظائف في مجال تكنولوجيا المعلومات لا يزال يتركز في الأدوار التكنولوجية التقليدية مثل إدارة الأنظمة الخلفية للشركات.
من جانبه أفاد ستيف وات، كبير مسؤولي المعلومات في شركة هايلاند سوفت وير، بأن الأدوار الأكثر طلبا حاليا هي تلك التي تتطلب خبرة في مجال الأمن، الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وفقا للصحيفة.
كما أشار فيكرام نافدي، مدير تكنولوجيا المعلومات في بنك ويبستر، إلى أن الشركات تبحث عن متخصصين في إعداد البيانات لاستخدامها مع نماذج الذكاء الاصطناعي وتصميم أدوات للذكاء الاصطناعي.
وأضافت الصحيفة أن العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات الذين تم تسريحهم يواجهون صعوبة في التكيف، بسبب الفجوة بين المهارات التي يمتلكونها والتوقعات المرتفعة للأجور.
وأشار نك بانكر، الخبير الاقتصادي في موقع انديد، إلى أن الوظائف في تطوير البرمجيات ودعم تكنولوجيا المعلومات انخفضت بنسبة 30 بالمئة مقارنة بما كانت عليه قبل جائحة كورونا ، وبيانات الأجور تظهر أن النمو في الأجور في القطاعات ذات الدخل المرتفع مثل التكنولوجيا قد تباطأ.
وقال بانكر: إذا كنت تبحث عن عمل في هذا المجال، فستجد فرصا أقل مما كانت عليه قبل كوفيد، وبالتأكيد ستجد فرصا أقل بكثير مما كانت عليه في أواخر عام 2021 عندما كان سوق العمل في أوجه.
كما لفتت الصحيفة إلى أن شركات تكنولوجيا كبرى مثل سيسكو سيستمز تخطط لخفض عدد موظفيها بنسبة 7 بالمئة أو حوالي 6000 موظف، وإنتل لصناعة الرقائق ستسرح 15 ألف موظف هذا العام وتوقف توزيع الأرباح كجزء من جهود خفض التكاليف، وشركة إنتويت تخطط لتسريح حوالي 1800 موظف استعدادا لحملة توظيف في إطار تحولها نحو الذكاء الاصطناعي. مما يعكس التوجه نحو الأتمتة والذكاء الاصطناعي.
بالإضافة إلى ذلك، تقوم شركات أخرى مثل جنرال موتورز بتقليص عدد الموظفين بأكثر من ألف موظف على مستوى العالم في قسم البرمجيات والخدمات.
وفي ضوء هذه التغيرات، رأت وول ستريت جورنال أن هذه التخفيضات لا تهدف فقط إلى مساعدة شركات التكنولوجيا الكبرى إلى التحول نحو الذكاء الاصطناعي التوليدي فحسب، بل إنها أيضاً جزء من التركيز المستمر على الكفاءة والربحية، ويسعى بعض العاملين في مجال التكنولوجيا إلى تعزيز مهاراتهم في الذكاء الاصطناعي من خلال الدورات التدريبية وتحديث سيرهم الذاتية لزيادة فرصهم في سوق العمل.