في ورقة بحثية صدرت يوم الجمعة الثامن من نوفمبر 2024 ، تناول مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في العاصمة البريطانية الوضع الدقيق أمنيا في فلسطين على أثر التطورات الأمنية الحاصلة بالمنطقة بداية من تواصل الحرب الإسرائيلية على غزة ثم انتخاب ترامب والتصعيد في الضفة الغربية تحديدا محافظات الشمال.
الورقة قالت ان عدد من هذه المناطق تشهد حصارا سياسيا واقتصاديا ساهم في التوترات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، مما يجعل الوضع يشبه إلى حد كبير الأوضاع التي سادت في قطاع غزة قبل أحداث السابع من أكتوبر، وقد اعتمدت الورقة في هذا الاستنتاج الأخير على تقارير محلية ودولية نشرت قبيل عملية طوفان الأقصى ، ومقارنتها بما يتم تداوله الآن عبر الكثير من المنصات الفلسطينية أيضا. اهم عامل هو الاحتلال والتصعيد العسكري ، فضلا عن شعبية حماس والجهاد ، وهي أمور واضحة خاصة مع التنوع الفكري الذي تتسم وتتميز به الفصائل الفلسطينية في عموم الوطن .
تسلط الورقة الضوء على العوامل الرئيسية التي أسهمت في تصعيد الأوضاع، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الصعبة وتنامي التوترات الاجتماعية والأمنية. كما تناقش الورقة دور المقاومة أيضا المتزايد في الضفة الغربية، وتؤكد على التحديات التي تواجه السلطة الفلسطينية في محاولاتها للحفاظ على الاستقرار.
وتُظهر الورقة أن الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية،حيث تشهد تدهوراً ملحوظاً. ارتفعت معدلات البطالة وتراجعت الفرص الاقتصادية، مما أدى إلى شعور بالإحباط لدى العديد من المواطنين. كما أن هناك نقصاً في البنية التحتية والخدمات الأساسية في بعض المناطق، مما يزيد من معاناة السكان ويعمق الفجوة الاجتماعية. هذه الظروف الصعبة تجعل البيئة خصبة لاستغلال العديد من الشباب الذين لا يجدون عمل، مما يدفع البعض منهم إلى قلقة الأوضاع الأمنية المتفجرة في المنطقة.
وتنتقل الورقة للحديث عن تصاعد دور الفصائل ، متخذة من حركتي الجهاد الإسلامي وحماس في الضفة الغربية نموذجا ، وتشير الورقة إلى إن حركة حماس تستفيد من الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة لتعزيز وجودها في الضفة الغربية. من خلال استغلال الإحباط الشعبي، فتعمل الحركة على توجيه هذا الإحباط ليس فقط ضد الاحتلال وانما ضد السلطة الفلسطينية أيضا.
وعلى الرغم من أن الحركة تروج لأجندتها السياسية من خلال حملات إعلامية تحث على مقاومة الاحتلال وتحدي السلطة، فإن هذا النشاط قد يؤدي إلى تصاعد التوترات الأمنية، بما في ذلك احتمال حدوث مواجهات بين مؤيدي حماس والأجهزة الأمنية الفلسطينية. إلا أن هذا الدور المتزايد لحركة حماس لا يعكس بالضرورة أن الحركة هي المسؤولة الوحيدة عن تفاقم الأوضاع، بل هو نتيجة لتركيبة معقدة من العوامل الداخلية والخارجية، لكن أساسها استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
جهود السلطة الفلسطينية في منع انفجار الوضع
ورغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، تبذل السلطة الفلسطينية جهوداً حثيثة للحفاظ على الاستقرار ومنع تفاقم الوضع. في هذا السياق، تسعى السلطة لتحسين الظروف الاقتصادية عبر التنسيق مع المنظمات الدولية والدول المانحة للحصول على الدعم المالي، وذلك بهدف تنفيذ مشاريع تنموية تساهم في خلق فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة. تشمل هذه المشاريع بناء المدارس والمستشفيات وتحسين الخدمات العامة التي تعد من أولويات السلطة.
من جهة أخرى، تبذل السلطة الفلسطينية جهوداً لتقوية التواصل مع المجتمع المحلي، على الرغم من الاستهداف من قبل إسرائيل لكنها تحاول إنقاذ الاقتصاد المتدهور في ظل الحصار المالي من قبل إسرائيل وشح توفير فرص عمل لجيش الخريجين والاف العمال الذين طردتهم اسرائيل منذ هجوم حماس في أكتوبر الماضي. فضلاً عن محاولات ضبط الشارع في الضفة الغربية التي تتعرض لهجوم عسكري اسرائيلي غير مسبوق وتقليل تأثير التحريض الإعلامي، خاصة من قبل حركة حماس.
التحديات التي تواجه السلطة الفلسطينية
على الرغم من هذه الجهود، تواجه السلطة الفلسطينية العديد من التحديات التي تعيق تحقيق الاستقرار الشامل في الضفة الغربية. من أبرز هذه التحديات مصادرة اسرائيل أموال الضرائب التي تشكل 64% من موازنة الحكومة وكذلك تراجع الدعم المالي الدولي، حيث أصبحت الدول المانحة أقل استعداداً لتقديم المساعدات، لأسباب سياسية واقتصادية. كما أن الوضع الأمني المتفجر ، مما يزيد من صعوبة ضبط الأوضاع في بعض المناطق. علاوة على ذلك، يواجه التنسيق الأمني مع إسرائيل انتقادات شديدة من مختلف فئات المجتمع الفلسطيني، مما يزيد من الضغط على السلطة.
الاستنتاجات والتوصيات
خلصت الورقة إلى أن الوضع في الضفة الغربية يقترب من نقطة حرجة، حيث تتفاقم التوترات الأمنية والاقتصادية بشكل قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع إذا لم يتم التعامل مع هذه التحديات بجدية أكبر. ومن أجل تجنب مزيد من التصعيد، توصي الورقة بضرورة تقديم دعم مالي وسياسي أكبر للسلطة الفلسطينية لتمكينها من تنفيذ مشاريع تنموية تهدف إلى تحسين الحياة الاقتصادية للمواطنين. كما تؤكد الورقة على أهمية إيجاد حلول سياسية تعمل على تعزيز الأمن والاستقرار، وصولا إلى إقامة دولة فلسطينية تنهي الصراع .
تشدد الورقة أيضاً في نهايتها على ضرورة تقليل التحريض الإعلامي وتعزيز المصالحة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية المختلفة لضمان وحدة الصف الوطني وتجنب الانزلاق إلى الفوضى. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المجتمع الدولي والمجتمع الفلسطيني العمل بشكل جاد لمنع تدهور الوضع في الضفة الغربية إلى ما وصلت إليه الأمور في قطاع غزة، حيث يُعد الاستقرار السياسي والاقتصادي السبيل الوحيد لمنع التصعيد المستقبلي.
قطر تطلب من قيادات حماس مغادرة الدوحة: العراق الوجهة التالية؟
في تطور مفاجئ، طلبت قطر من قيادات حركة حماس مغادرة أراضيها، مما يعكس تغيرًا كبيرًا في الموقف القطري تجاه الحركة. ووفقًا للتقارير، فإن العراق قد يكون الوجهة المحتملة للمكتب السياسي لحماس بعد هذا القرار.
لكن انتقال حماس إلى العراق يطرح تحديات جديدة؛ فوجودها هناك من شأنه أن يزيد من الأعباء الأمنية عليها، خصوصًا في ظل الظروف غير المستقرة والوضع الأمني المعقد في العراق. هذا التحول يأتي في وقت تجد فيه حماس نفسها أمام ضغوط متزايدة من الدول العربية التي لم تعد راغبة في استضافتها، مما يجعل مستقبل الحركة في المنطقة أكثر صعوبة وغموضًا.