قال تقرير الشال الأسبوعي الصادر حول «أداء الاقتصاد الكويتي – تقرير ديسمبر الجاري لصندوق النقد الدولي»: الاقتصاد الكويتي متغير تابع بشكل شبه كامل لحركة سوق النفط، ذلك كان ملخص تقرير بعثة صندوق النقد الدولي في اختتام مشاوراتها في الكويت، في سنة الارتفاع الكبير في أسعار النفط في عام 2022 بسبب استثنائي هو الحرب الروسية الأوكرانية، حقق الاقتصاد الكويتي نمواً بحدود 5.9 %، ولم يتعافى بعدها مع بدء تراخي أسعار وإنتاج النفط. في عام 2023 حقق نمواً حقيقياً سالباً بنحو -3.6 %، وكان الوحيد ضمن دول مجلس التعاون الخليجي الذي حقق نمواً سالباً أيضاً بحدود -2.8% في عام 2024. وبعد فشل «أوبك+» باستعادة فاقد الإنتاج في أكتوبر الفائت، وتأجيل استعادته في يناير القادم متزامناً مع هبوط أسعار النفط، غير الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد الكويتي في عام 2025 من 3.3% في تقريره لشهر أكتوبر الفائت، إلى 2.6% في تقرير ديسمبر الجاري. لا حجم الإنفاق العام الضخم، ولا المشروعات الكبرى تحت التنفيذ ساهمت في تعويض الاقتصاد عن ضعف سوق النفط، ولا حديث عن ما خلقته تلك المشروعات من فرص عمل مواطنة مستدامة، ولا يوجد ما يوحي بأن لدى الإدارة العامة في البلد اهتمام بحقيقة ما سطره التقرير، فالبلد مهمومة بقضايا هامشية.
لا جديد في التقرير، فهو نسخة مكررة من تقارير لنفس المصدر أو غيره من المختصين صدرت قبل عقود من الزمن، ولا يبدو أن تقارير المستقبل سوف تختلف عن محتوى تقارير الحاضر، فكلها تقدم نفس التشخيص وتكرر نفس النصح. الاقتصاد لم يتقدم خطوة واحدة في مسار تنويع مصادر الدخل، والميزانية العامة، ونحو 90 % منها إنفاق جاري، وممولة بنحو 90 % من إيرادات النفط المتوقع لها الهبوط، غير مستدامة ولابد من إعادة هيكلتها، ولابد من البحث عن مصادر بديلة لتمويلها. الإختلاف ما بين تقرير وآخر، هو قياس أثر المتغيرات الخارجية التي لا تأثير للإدارة العامة المحلية عليها، وأهمها سوق النفط، على الاقتصاد والمالية العامة ومعهما سوق العمل، أما السياسات المؤثرة على المستوى الداخلي، فهي إما ثابتة، أي لا رغبة أو لا قدرة لها على التعامل مع متغيرات الاقتصاد، أو عكسية.
الإضاءات القليلة في التقرير، منها أن القطاع غير النفطي انتقل من نمو سالب بحدود -1% في عام 2023 إلى موجب بحدود 2% في عام 2024 رغم انكماش الاقتصاد الكلي، ومتوقع له نمو بحدود 2.1% في عام 2025، ومنها انخفاض معدلات التضخم الأساسي المتوقع لها الهبوط أيضاً من 3% في عام 2024 إلى 2.4% في عام 2025. وعلى صعيد آخر، أو إضاءة أخرى، إشادة بمهنية السلطة النقدية – بنك الكويت المركزي – وإشادة بالوضع المليء والسليم للقطاع المصرفي المحلي، ويحبطه استمرار سريان قانون ضمان الودائع، وتلك الإضاءات مشروط استمرارها بسلامة البيئة العامة الحاضنة، أو بيئة الاقتصاد الكلي. ويكرر التقرير ما ذكره كل من سبقه، بأن الضمان لشراء بعض الوقت في الحالات الاقتصادية والمالية الصعبة هو المصدات المالية التي ادخرتها الكويت من زمن رواج سوق النفط.
، وكان آخر فائض حققته الكويت في عشر سنوات في السنة المالية 2022/2023، وبسبب ظرف استثنائي لن يتكرر.
وبينما الوقت يمضي بما يعمق مشكلات الاقتصاد المحلي الهيكلية ويجعل مواجهتها أعلى كلفة وأقل فرص نجاح، لا نشاهد سوى عناوين براقة لإنجازات غائبة، ولا نملك سوى الأمل بالوعي بأولوية القضايا التي يطرحها كل من كتب في وضع الاقتصاد الكويتي.