في ظل الوضع الراهن في الأراضي الفلسطينية، تتزايد التحديات التي تواجه السلطة الوطنية الفلسطينية، خاصة في الضفة الغربية. مع تصاعد الممارسات الإسرائيلية والمراوغات السياسية من قبل الحكومة الإسرائيلية الحالية، فضلا عن التحديات المتعلقة بما يمكن وصفه بالتحديات الأمنية في التعاطي مع الفصائل المسلحة المتعددة الآن.
ومع كل هذا يبرز السؤال حول مدى ضرورة وجود سلطة فلسطينية قوية قادرة على مواجهة هذه التحديات. إن دعم السلطة الفلسطينية اليوم لم يعد مجرد خيار، بل ضرورة حتمية لتحقيق الاستقرار والحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية.
مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن وضع ورقة تقدير موقف ، وهي الورقة التي ناقشت أهمية دعم السلطة الفلسطينية حاليا سواء إقليميا او عالميا.
في البداية تتطرق الورقة إلى السياق الراهن ، حيث تشهد الضفة الغربية تصعيدًا إسرائيليًا غير مسبوق يتمثل في التوسع الاستيطاني، والاعتداءات المتكررة على القرى الفلسطينية، وغياب أي جهود ملموسة لتحريك عملية السلام. الحكومة الإسرائيلية الحالية، بقيادة توجهات يمينية متطرفة، تظهر استعدادًا أقل للتفاوض وتسوية القضايا العالقة، بل تتبنى سياسات تهدف إلى تقويض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة. في هذا الإطار، تواجه السلطة الفلسطينية تحديات مزدوجة؛ فمن جهة، تصعيد الاحتلال ومن جهة أخرى ضعف الدعم الإقليمي والدولي.
وعن أهمية وجود سلطة فلسطينية قوية تقول الورقة ، أن وجود سلطة قوية سيؤدي إلى :
1. حفظ النظام والأمن الداخلي: في ظل غياب سلطة قوية، تصبح الضفة الغربية عرضة للفوضى وانعدام الأمن، مما يؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي. السلطة الوطنية الفلسطينية هي الجهة الوحيدة القادرة على فرض القانون والنظام في المناطق التي تديرها.
2. التصدي للممارسات الإسرائيلية: تحتاج القضية الفلسطينية إلى جهة شرعية قادرة على التصدي للممارسات الإسرائيلية على الصعيدين المحلي والدولي. السلطة تمثل الإطار الشرعي الوحيد المعترف به دوليًا والقادر على تقديم القضية الفلسطينية أمام المحافل الدولية.
3. تعزيز الوحدة الوطنية: إن وجود سلطة قوية في الضفة يعزز من فرص تحقيق الوحدة الوطنية، خاصة في ظل الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة. السلطة يمكن أن تكون الجسر الذي يعيد اللحمة الوطنية.
4. الحفاظ على الحقوق الفلسطينية: في ظل غياب سلطة قادرة وفاعلة، يصبح المواطن الفلسطيني عرضة للضياع السياسي، كما أن الفراغ السياسي يفتح المجال أمام أطراف أخرى لفرض أجندات تتعارض مع المصالح الفلسطينية.
مراوغات الحكومة الإسرائيلية وتأثيرها الحكومة الإسرائيلية الحالية تستغل الوضع الفلسطيني الداخلي، وخاصة الانقسام، لتعزيز سياساتها الاستيطانية والتهرب من أي التزامات تجاه عملية السلام. من خلال خلق واقع جديد على الأرض، تسعى إسرائيل إلى تقويض فكرة حل الدولتين. ومن أبرز مظاهر هذه المراوغات:
• التوسع الاستيطاني: تسارع الحكومة الإسرائيلية في بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي، مما يقلل من فرص إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا.
• إضعاف السلطة الفلسطينية: تعمل إسرائيل على تقليص صلاحيات السلطة من خلال الحصار المالي والسياسي، مما يضعف قدرتها على تقديم الخدمات للمواطنين.
• الترويج لحلول بديلة: تسعى بعض الأطراف الإسرائيلية إلى الترويج لفكرة "السلام الاقتصادي" كبديل للحلول السياسية، مما يفرغ القضية الفلسطينية من مضمونها الوطني.
دعوة لدعم السلطة الفلسطينية في ظل هذه التحديات، يصبح دعم السلطة الفلسطينية ضرورة ملحة على عدة مستويات:
1. الدعم الداخلي: يجب على القوى الفلسطينية أن تدرك أهمية وجود سلطة وطنية قوية والعمل على تعزيز شرعيتها من خلال الحوار الوطني وإنهاء الانقسام. إن وحدتنا الوطنية هي السبيل الوحيد لمواجهة التحديات.
2. الدعم العربي والإقليمي: على الدول العربية والمجتمع الإقليمي تقديم دعم سياسي واقتصادي ملموس للسلطة الفلسطينية. إن استقرار فلسطين هو جزء من استقرار المنطقة.
3. الدعم الدولي: يجب على المجتمع الدولي، وخاصة الدول الأوروبية والولايات المتحدة، أن تدرك أن إضعاف السلطة الفلسطينية سيؤدي إلى تدهور الأوضاع في المنطقة. دعم السلطة هو استثمار في السلام والاستقرار.
وفي النهاية خرجت الورقة بعدد من التوصيات وكانت كالتالي:
• تعزيز الدعم المالي والسياسي للسلطة الفلسطينية من قبل المجتمع الدولي.
• تشجيع الفصائل الفلسطينية على تحقيق المصالحة الوطنية والعمل معًا لتعزيز مكانة السلطة.
• الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف ممارساتها الهادفة إلى تقويض السلطة الفلسطينية.
• إطلاق حملات توعوية محلية ودولية حول أهمية وجود سلطة فلسطينية قوية كركيزة لتحقيق السلام.
وفي الخاتمة تقول الورقة إن وجود سلطة وطنية فلسطينية قوية في الضفة الغربية ليس فقط ضرورة وطنية بل شرط أساسي لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. في ظل الممارسات الإسرائيلية الحالية، يجب أن تتكاتف الجهود لدعم السلطة وتعزيز دورها كحامية للحقوق الوطنية الفلسطينية. الوقت قد حان لاتخاذ خطوات جدية لتمكين السلطة الفلسطينية من أداء دورها بشكل فعال، فذلك ليس فقط في مصلحة الفلسطينيين، بل أيضًا في مصلحة الأمن الإقليمي والدولي.