قالت صحيفة وول ستريت جورنال اليوم الخميس، إن قادة إسرائيل يعتبرون أن الفرصة سانحة لأن تصبح إسرائيل قوة إقليمية لأول مرة في تاريخها.
تقول الصحيفة الأميركية أنه منذ هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023، وجهت إسرائيل سلسلة من الضربات المدمرة لأخطر خصومها الإقليميين، فقد أعاقت حماس في غزة، وألحقت أضراراً بالغة بحزب الله في لبنان، وصدت وابلاً من الصواريخ من طهران بينما وجهت ضرباتها الخاصة إلى إيران.
وأضافت لقد أضرت العمليات العسكرية الإسرائيلية ـ وخاصة إدارتها للحرب في غزة، حيث تقول السلطات المحلية إن أكثر من أربعين ألف فلسطيني استشهدوا ـ بمكانة إسرائيل الدولية. فقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
لكن زعماء إسرائيل يقولون إن المكاسب العسكرية تستحق التضحية بالأضرار التي قد تلحق بسمعتهم، ويجادلون بأن الموقف الاستراتيجي الأقوى الذي تتمتع به البلاد يفتح الباب أمام مكاسب دبلوماسية في المستقبل.
وقال للصحيفة أفنير جولوف، المدير الأول السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، والذي يشغل الآن منصب نائب رئيس منظمة «مايند إسرائيل» التي تقدم المشورة للحكومات بشأن الأمن القومي: «للمرة الأولى في تاريخ الصهيونية، هناك فرصة لإسرائيل لتصبح قوة إقليمية».
وتقول وول ستريت جورنال أن تحقيق هذا الهدف لن يكون بالمهمة السهلة، وخاصة في ظل مشاعر العداء التي انتابت الرأي العام في مختلف أنحاء العالم العربي تجاه إسرائيل بسبب حرب غزة، ولكن مع تركيز أنظار العالم على الأهوال الناجمة عن حطام نظام الأسد، واحتمال التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فقد تكون إسرائيل في وضع يسمح لها بإصلاح صورتها الدولية ومكانتها الدبلوماسية.
ويدفع مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون باتجاه اتخاذ خطوات عدوانية لبناء تحالف إسرائيلي أميركي وعربي معتدل ويهدف إلى الحد من نفوذ إيران.
وقال جولوف إن إعادة انتخاب دونالد ترامب، الذي واجه إيران في ولايته الأولى وسيعود إلى الرئاسة الشهر المقبل، أثارت الآمال في مثل هذا التحالف.
وقال داني دانون، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، إن حرب غزة أطلقت سلسلة من الأحداث التي ساعدت في إرساء الأساس، فقد أضعفت إسرائيل إيران من خلال شل قدرات حلفائها العسكريين، حماس في غزة وحزب الله في لبنان. وأدت هذه النجاحات إلى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وهو حليف رئيسي لطهران. كما دمرت إسرائيل الدفاعات الجوية الإيرانية في جولتين من الغارات الجوية المتبادلة، مما جعل طهران عُرضة للخطر في أي مواجهة مستقبلية.
وقال دانون «نتوقع أن يؤدي تصميمنا وقوتنا التي أظهرناها خلال العام الماضي إلى مزيد من الاستقرار الإقليمي».
وقال جولوف إن الإسرائيليين يعارضون بشكل ساحق إقامة دولة فلسطينية الآن، ولكن إسرائيل قد تقدم للفلسطينيين خريطة طريق واضحة للحكم الذاتي في غزة والضفة الغربية.
ويقول المحللون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيواجه صعوبة بالغة في تمرير مثل هذه التدابير في ظل ائتلافه الحالي، وذلك لأنه يعتمد على أحزاب اليمين المتطرف التي تريد تشديد السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية بدلاً من تخفيفها. وقد أكد نتنياهو نفسه منذ بدء الحرب الحالية أنه سيعارض إقامة دولة فلسطينية.
لكن لا يتفق الجميع على أن الإنجازات العسكرية التي حققتها إسرائيل جعلت إسرائيل أو المنطقة أكثر أمناً، وهناك مخاطر من أن تكون التضحية التي نجمت عن هذه الحرب باهظة الثمن بالنسبة لإسرائيل.
وقال حسين إيبش، زميل مقيم بارز في معهد دول الخليج العربية، وهو مركز أبحاث في واشنطن، إن الدمار الذي تم بثه على نطاق واسع في قطاع غزة وارتفاع عدد الضحايا هناك زرع بذور الصراعات المستقبلية بين إسرائيل وجيرانها.
وأضاف إيبش أن الانتصارات العسكرية الإسرائيلية خلقت وضعاً ستحتاج فيه إسرائيل إلى المزيد من الجنود لحراسة حدودها مع لبنان وسوريا وقطاع غزة، وكذلك في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل جزئيا.
وقال «إنها محاطة حقاً بأعداء مريرين لديهم اليوم أسباب أكثر بكثير ليكونوا أعداء مريرين مقارنة بما كان عليه الحال في السابع من أكتوبر».
وقال ويليام ويشلر، المدير الأول لبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث في واشنطن، إن الاجتماع مع القادة الإسرائيليين أصبح من المحرمات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وفي العديد من البلدان النامية، مما يعوق التعاون المستقبلي.