عدنان عبد العزيز أحمد البحر
يقول د. عبد المحسن الجـارالله الخـرافـي: في منطقة القبلة بالكويت القديمة ولد عدنان البحر في 21/12/1955م، وكان هذا الميلاد إعلاناً بظهور أحد الشخصيات الاقتصادية البارزة في منطقة الخليج العربي، فنشأ مصرفياً حتى النخاع والداً، وجداً، فوالده هو أحد مؤسسي عدة شركات وبنوك كلها علامات بارزة في الاقتصاد الكويتي حتى الآن، وأخوال والده كلهم اقتصاديون، سبقوا من بدأوا معهم حتى كانوا الرواد. أما والدته فهي مريم سيد علي الرفاعي، ابنة رائد من رواد التقدم والعلم في الكويت، الذي كان عضواً في مجلس المعارف لعدة سنوات، ويعود إليه - وإلى بقية أعضاء مجالس المعارف معه - الفضل في الكثير مما نشهده من نهضة الكويت الحديثة. بين أحضان هذه الأسرة تربى عدنان وترعرع، حتى صار فارساً لا يشق له غبار في مجال الاقتصاد الإسلامي.
نسبه وعائلته
ينتسب عدنان البحر إلى عائلة شهيرة متعددة الفروع حتى صار لها من اسمها نصيب، فأصبحت كالبحر كثرة في عدد رواده، وكالبحر كثرة في خيراته؛ إذ تعود أصولها إلى مدينة الداخلة، بإقليم نجد في المملكة العربية السعودية، وتمتد جذورها إلى بحر بن سوادة ابن عمرو بن الأزد، تلك القبيلة العربية العريقة وأصلها في اليمن.
تعليمه
كانت رحلة تعليم عدنان البحر متفردة كحياته سواء بسواء، بدأها في الكويت، وأنهاها بسويسرا، في بداية تعليمه التحق بمدرسة ابتدائية في الكويت، وتركها في الصف الثاني الابتدائي، ثم سافر إلى لبنان، والتحق بمدرسة داخلية من الابتدائية إلى الثانوية، وبين جنبات مدرسة (برومانه هاي سكول) قضى سنوات الطفولة والمراهقة حتى عام 1972م.
بعدها التحق بالجامعة الأمريكية في سويسرا عام 1973م حيث درس في كلية إدارة الأعمال والاقتصاد، ومع نهاية سبتمبر من عام 1977م، ألقى رحاله في الكويت، ليبدأ مرحلة جديدة في حياته. وحصل على الدبلوم العام لمعهد الدراسات المصرفية في الكويت وذلك في العام الدراسي 77/1978م، عندما كان موظفاً في بنك برقان.
وأتم دورة التغيير في الإدارة والقيادة من جامعة هارفارد، ودورات في برنامج إدارة الاستثمار الدولي من معهد الإدارة الدولي في جنيف، وذلك في أعوام 1984م، 1985م، 1986م، وحصل على دورة في الإدارة الإستراتيجية من المركز المصرفي الدولي. وحصل على برنامج الإدارة للرواد، من المركز الأوربي للإدارة بإيطاليا.
أعماله قبل بيت التمويل
لم يكن الحصول على عمل في مجال البنوك صعباً لرجل يتولى والده مجلس إدارة البنك التجاري، ولكن أبت على عدنان البحر نفسه أن ينسب صعوده في العمل لمنصب والده في البنك، فبدأ العمل في بنك حديث الافتتاح وقتها ألا وهو بنك برقان، فدهش زملاؤه!! كيف يعمل في بنك صغير ووالده رئيس مجلس إدارة بنك آخر أكبر وأقدم، وهنا كانت عصامية عدنان البحر لإثبات ذاته، فبدأ كمتدرب عادي في القاعة المصرفية، ولما أحس القائمون على العمل بجديته انتقل للعمل في مجال دقيق يحتاج لكفاءة ومهارة شهد الجميع بوجودهما لدى عدنان البحر.
وبعد عامين في القاعة المصرفية، انتقل عدنان للعمل في الدائرة الدولية عام 1979م لمدة عام ونصف العام. كما كان عضواً بمجلس إدارة شركة الكويت للتأمين، وعندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية المشهورة بحرب الخليج الأولى عام 1980م كان دور عدنان البحر قد حان للانضمام لصفوف الخدمة العسكرية الإلزامية التي من المعتاد أن تكون تسعة أشهر، وبسبب هذه الحرب امتدت لسنة كاملة، وقتها فكر عدنان في خوض تجربة جديدة، فإلى تفاصيلها.
الوظائف التي عمل بها في «بيتك»
عندما انتظم عدنان البحر في صفوف بيت التمويل الكويتي وعين في إدارة الائتمان المحلي لم يجد إدارة للتمويل الدولي التي كان يعمل بها في بنك برقان، والبنوك المراسلة لبيت التمويل لا إدارة لها، بل كان يتولاها مدير إدارة الاعتمادات. وأمام هذا الوضع أراد عدنان البحر أن يفيد هذه المؤسسة الواعدة بتجربته في ( بنك برقان)، فأشار على الإدارة بأن يتولى تنظيم العلاقة بين بيت التمويل وهذه البنوك الخارجية وإدارة ملفاتها، ومع تنامي العمل اقترح إنشاء إدارة للعلاقات الخارجية تقوم بهذا الدور، وكان المرشح الأساسي للقيام بإدارتها هو عدنان البحر، فكان مديرها وفي الوقت نفسه هو الموظف الوحيد بهذه الإدارة الجديدة!
وبمرور الوقت لاحظ عدنان البحر أن لدى بيت التمويل الذي ينمو بسرعة - سيولة مالية كبرى تحتاج لاستثمارها، فاقترح منتجاً جديداً هو عمليات المرابحة الدولية، وكان ذلك عام 83 - 1984م ، وعرض الأمر على اللجنة الشرعية لإبداء الرأي حول هذا المنتج الجديد، وفعلاً تم اعتماد منتج المرابحة الدولية في عام 1985م كأول منتج على مستوى البنوك الإسلامية، وبدأت أولى العمليات بخمسة ملايين دولار.
وفي عام 1985م ترك إدارة العلاقات الخارجية، وانتقل للعمل بإدارة الاستثمار الدولي التي كانت محدودة النشاط، وذلك بتوصية من إدارة بيتك، فوسع أنشطتها، وزاد من مواردها بمنتج المرابحة الدولية، وغيره من الأنشطة، وأصبح مساعداً للمدير العام، وتولى حامد البدر إدارة العلاقات الخارجية.
وفي عام 1986م صار مدير عام بيت التمويل الكويتي.
تجربة عدنان البحر مع شركة المستثمر الدولي
بدأت شركة المستثمر الدولي ببيع خدمات مالية خاصة تتعدى عمليات الودائع وحسابات التوفير. ووقت افتتاح المستثمر الدولي كان هناك وقف الترخيص للشركات الاستثمارية من قبل البنك المركزي، ولكن لأنها ذات توجه إسلامي سُمح لها بمزاولة نشاطها، وبعد التحرير توسعت الشركة بمساهمة وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والهيئة العامة لشؤون القصر، ومستثمرين آخرين، منهم شركة الراجحي بنسبة 12%. وكانت أولى العمليات الكبرى شراء 6 أو 7 طائرات للخطوط الجوية الكويتية بمبلغ 17 مليون دولار.
ثم توالت العمليات بعد ذلك، وبدأت الشركة في تمويل مشاريع وشركات بدلاً من الخدمات المالية الخاصة، ثم اتجهت إلى تجارة المحافظ والصناديق كأول مرة في سوق الكويت للأسهم، وصنعت شركة المستثمر الدولي محافظ عقارية وتمويل وشراء الشركات، وإدارة محافظ استثمارية لأكثر من طرف، حتى ازدحم السوق بهذا النوع من الاستثمار.
سارعت شركة المستثمر الدولي في استثمار من نوع جديد، حيث قامت بشراء شركات خدمات مالية في المنطقة، فتعاقدت على شراء سبعة بنوك مملوكة للشيخ صالح كامل بثلاثين مليون دولار، نصف هذه القيمة كأسهم، ورغم أن هذه الصفقة لم تكتمل إلا أنها كانت تجربة ثرية بالخبرات. وتدير شركة المستثمر الدولي شركات متخصصة في الخدمات المالية غير المصرفية في مناطق متفرقة على مستوى العالم في باكستان والهند وماليزيا وتركيا، وشمال إفريقيا، وتقوم هذه الشركات بتمويل الأفراد وتأجير السيارات على مستوى المنطقة. ودخلت أنشطة المستثمر الدولي في شركات تتولى خدمات البنوك الاستثمارية، وذلك عبر شركة منفصلة تابعة للمستثمر الدولي.
وتظهر إحصائيات المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، أن أصول شركة المستثمر الدولي قد نمت بمعدل فاق 30 % في عام 2005م، كما أنها حققت عائداً على حقوق مساهميها تجاوز 23 %، وبهــامـش ربح فاق 61 % في العام نفسه.
آمال يتمنى تحقيقها
يقول عدنان البحر - مقرراً حقيقة: “سوف تحصد المؤسسات الاقتصادية الإسلامية الحصة الأكبر من سوق المال في المنطقة وهذا آت لا محالة، والقضية قضية وقت لأنها استطاعت كسب ثقة العملاء وأصحاب رؤوس الأموال، فإذا كانت حصتها المالية في الوقت الحالي 30 -40% في أسواق المال في فترة وجيزة، فتحقيق الباقي سهل يسير إن شاء الله».
كلمة تشجيع
يؤكد عدنان البحر من خلال تجربته أن التزام الإنسان بمبادئه وقيمه أمر أساسي لا ينبغي له أن يفرط فيه، وعلى كل شاب أن يبحث عن مجال عمل يحبه ويبذل به أقصى جهده، لأنه إذا عمل في مجال لا يحبه فقد لا ينجح، والتوفيق في النهاية من الله تعالى.
ويضيف البحر: “استقرت في قلبي فكرة الاقتصاد الإسلامي متمثلة في بيت التمويل الكويتي، وكان عملي فيه يعتبر تضحية بمستقبلي، إذ كان مؤسسة صغيرة مجهولة المستقبل بالنسبة لي».
لكنه عمل به، وأقدم على ذلك موقناً بالنتيجة، فحقق في النهاية هذا النجاح الكبير والمستمر بفضل الله تعالى. ويرى أن العمل المالي الإسلامي سوف يملك الصناعة المالية بنسبة تزيد على 50 %.
قصة لا تنسى
يقول عدنان البحر: “عملت مع العم أبو مجبل أحمد بزيع الياسين أستاذي في الخلق والدين والتجربة، وقد رعاني رعاية جيدة هو وأبو ناصر وفيصل الخترش، وكانت أغلب سفرياتي مع أبي مجبل، وعندما سافروا للتعاقد مع “سيتي بنك” ذهبوا إلى بورصة نيويورك ليروا العمل فيها، وكان أبو مجبل يرتدي الزي الوطني “الغترة والعقال والبشت”، فكان جمهور المتعاملين ينظرون إليه من خلف الزجاج ويقولون متعجبين: “شيخ خليجي كبير، جاء ليعقد الصفقات في نيويورك”. وهو لا ينسى أبداً هذا الموقف.
إنجازات البحر في بيت التمويل
1 - إنشاء إدارة العلاقات الخارجية وإدارتها.
2 - ابتكار منتج المرابحة الدولية، حتى صارت أيام أزمة المناخ (1986) المورد الرئيس لبيت التمويل بعد كساد سوق العقار المحلي بسبب هذه الأزمة الكبرى.
3 - إدخال التنظيم الإستراتيجي ونظام الكمبيوتر للمؤسسات، وبدأ نشاط بيع العقارات بالأجل، وتمويل السكن الخاص، فسبق البنوك الأخرى بهذه المنتجات، وذلك بعد أن أصبح مديراً عاماً عام 1986م.
4 - إنشاء “بيتك” في التوسع الدولي بافتتاح بيت التمويل التركي عام 1989م.
5 - استحداث محافظ وصناديق استثمارية كمنتجات جديدة في فترة إدارته لبيت التمويل.
6 - تطوير شعار بيت التمويل بإضافة كلمتي “الأمان” و”الاطمئنان”، فصار: “بيتك.. الأمان والاطمئنان».