- قام بانقلاب أبيض على يوسف فوبو.. وأسس نظاما استبداديا يحكمه الحزب الأوحد 
- فرض ملابس شعبية مغايرة للزي الغربي وطالب الشعب باختيار أسماء أفريقية
- في عام 1969 قام بقمع دموي لمظاهرة طلابية وألقى بجثث الطلبة في مقابر جماعية

 سيطر على السلطة بعد وصوله بانقلاب أبيض إلى الحكم، اتخذ من الديكتاتورية منهجا لإدارة شؤون بلاده، بمباركة أميركية وغربية، فتحول إلى طاغية فاسد وظل يصول ويجول في ميادين الخداع وإرهاب الشعب الذي ارتكب بحقه العديد من الانتهاكات.
تغاضت أمريكا وفرنسا وبلجيكا عن فظائعه من أجل الذهب والنحاس وظلت مناجم البلاد مشروعة الأبواب أمام كبار الفاسدين والقوى الغربية، فيما كان شعب زائير يعاني الويلات بسبب سياساته القمعية وغلق الأفق السياسي، والفشل الاقتصادي.
 
 
 
هو موبوتو سيسي سيكو الذي اشتهر بلقب «نمر زائير» الذي ولد في 14 أكتوبر 1930  وتوفي عام 1997، ثاني رئيس لجمهورية الكونغو الديمقراطية من 1965 إلى 1997، غير اسم الدولة إلى زائير في 1971 حتى 1997، كان يسمى بفهد كنشاسا، وظلت زائير ترزح تحت حكم موبوتو لمدة 32 عاما وهو ينعم بتأييد أمريكي- غربي واسع.
بداية النهاية
فيما كانت تتزايد الانتقادات الدولية لسياسة موبوتو الداخلية والخارجية، اجتاحت البلاد حالة من الفوضى بسبب فشل السياسية الاقتصادية التي كان لها الأثر على الحياة اليومية لشعب زائير.
وتعرض حكم موبوتو إلى معارضة مسلحة مستمرة، ولكنه نجح في القضاء عليها بفضل الدعم الأميركي والغربي الهائل والذي تجاوز حدود القواعد العسكرية الأطلسية والمعونات العسكرية والتدريب إلى تدخل مباشر لصالحه. 
وفي عام 1977 دخلت قوات مغربية لمواجهة انتفاضة مسلحة نقلتها طائرات ترانسال فرنسية وأرسلت مصر طيارين وخبراء. 
وفي عام 1978 أرسلت فرنسا وبلجيكا قوات برية لمواجهة متمردي كتانغا، وفي عام 1979 أرسلت بلجيكا 250 مظليا لمساعدة قوات موبوتو، وفي عام 1980 وقعت زائير اتفاقية تعاون عسكري وفني مع مصر شملت تبادل الخبرات وتدريب العسكريين.
ودخل موبوتو حرب جديدة في رواندا الدولة المجاورة لزائير في يونيو 1997، الأمر الذي جعل موبوتو يحارب في عدة جبهات خلافا للمعارضة المسلحة.
وشكلت المعارضة المسلحة تحالف القوات الديمقراطية من أجل تحرير الكونغو – زائير، واستطاعت التكتل والاستعداد جيدا لدخول كنشاسا والاطاحة بنظام موبوتو.
وبالفعل استطاعت المعارضة التي يقودها لوران كابيلا دخول العاصمة كنشاسا، وتمت تنحية موبوتو عن السلطة، وهرب موبوتو لاحقا إلى توغو ثم توجه إلى منفاه بالمغرب.
توفي موبوتو في 7 سبتمبر 1997 متأثرا بمرض السرطان ودفن في مقبرة مسيحية في العاصمة المغربية الرباط، وفي 2007 أوصى المجلس التشريعي في جمهورية الكونغو الديمقراطية باستعادة رفات موبوتو سيسيسيكو ودفنها في ضريح في الكونغو.
 
 
 
 
نشأة موبوتو
ولد موبوتو في شمال غرب الكونغو في مدينة ليسالا ايام الاحتلال البلجيكي بعد عدة أشهر من ولادة الملك بودوان الأول ملك بلجيكا.
أبوه ألبريك اغبيماني كان يعمل طباخا عند حاكم ليسالا، مات والده وهو لا يزال بعمر ثمان سنين ثم رباه جده وعمه، وأكمل دراسته في مدرسة كاثوليكية. 
وفي سن العشرين انضم إلى جيش الاستعمار البلجيكي، حيث الضباط البيض يسيطرون على الجنود السود، في عمر 25 تزوج من ماري يتيني، ثم نقل إلى مركز قيادة جيش الاستعمار البلجيكي في ليبودفي في 1953. بعد رحلته العصيبة في الجيش قرر ترك العمل به والبحث عن وظيفة أخرى حتى أصبح صحفيا لجريدة “L>Avenir” اللبرالية في ليبودفي في 1957 تحت إشراف الصحفي أنطوني بولامبا الذي قدمه إلى باترس لومومبا. 
سافر لأول مرة إلى أوروبا عام 1958 لتغطية مؤتمر EXPO في بروكسل حيث بقي لبعض الوقت ليتابع التدريب على الصحافة، في نفس الوقت كان في بروكسل سياسيون كونغوليين يفاوضون من اجل استقلال بلادهم.
 في يوليو 1960 بعد استقلال الكونغو أصبح وزير الدولة في حكومة باتريس لومومبا، واستفاد من الخلافات بين السياسيين وحيث انه الوحيد فقط من اتباع لومومبا الذي لديه خبرة عسكرية عينه لومومبا رئيس اركان الجيش الكونغولي. 
 
 
 
 
وتحت التأثير القوي لسفير بلجيكا في الكونغو انذاك، تم اعتقال الرئيس باتريس لومومبا في 1960، كان لدى لومومبا شعبيه كبيره في البلاد لكن كانت مشاكله كثيرة مع بلجيكا فيما كانت هذه بداية العلاقة بين البلجيكيين وموبوتو. 
تم تشكيل حكومة مؤقتة، بعد ذلك اتهم موبوتو لومومبا أمام كاميرات التلفزيون بأنه متعاطف بل مؤيد للشيوعية، كان موبوتو يريد بذلك التأييد والدعم من الولايات المتحدة. 
حاول لومومبا الهرب من معتقله لكن تم القبض عليه في الطريق، امر موبوتو بسجن لومومبا، ثم ارسله إلى كاتانغا جنوب البلاد حيث سيقتل هناك، قام أنصار لومومبا بحرب ضد موبوتو، وسرعان ما احتلوا ثلثي الكونغو.
ومع دعم الولايات المتحدة غير المحدود، استطاع موبوتو استعادة كل الأقاليم المحتلة، وهذا « الانتصار » لم يكن ليكون ممكنا بدون الدعم الغربي. 
وضع موبوتو قواته على جبهتين: الخارجية من اجل الحرب الباردة وداخلية لدعم الاستقرار. وكان يعزز قوته ونفوذه بالقبض على النشطاء السياسيين والقمع للمواطنين الكونغوليين.
 
 
انقلاب ابيض
في 24 نوفمبر 1965 قام موبوتو بانقلاب ابيض على الرئيس يوسف كاسا فوبو أول رئيس للبلاد بعد الاستقلال، كان ذلك بعد أزمة سياسية شديدة بين الرئيس كاسا فوبو وحكومة الجنوب برئاسة موسى شومبي. 
هذا الانقلاب رحب به الجميع بما فيهم كاسا فوبو شومبي، وكذلك رحبت النقابات ودعمت القوة الجديدة وكذلك كانت المنظمات الطلابية، سكان البلاد من الكونغوليين والأجانب رحبوا فورا.  دوليا كانت بلجيكا والولايات المتحدة هم أول من اعترف بالرئيس الجديد، فقط الصين والاتحاد السوفيتي أبدو الممانعة، باعتباره جنديا سابقا في الجيش البلجيكي ابدى موبوتو التعاون مع الإدارة البلجيكية. 
كان موبوتو يدرك جيدا أن لومومبا لديه شعبية واسعة عند الشعب الكونغولي واعتبر بطلا وطنيا وأول شهيد للاستقلال.
وفي عام 1966 تم تأميم الشركات البلجيكية في عام 1966، وأصبحت الكونغو مع موبوتو حصان طروادة للأمريكان ضد المد الشيوعي في أفريقيا وخاصة في جنوب أفريقيا. 
رحب موبوتو بالمعارضين من أنغولا في المنفى وساعدهم في نضالهم لأجل الاستقلال عن البرتغال، لكنه في نفس الوقت كان ضد حركة MPLA الشيوعية. وكان الدعم الأمريكي للمقاتلين الأنغوليين من حركتي FLNA و UNITA تمر عبر الكونغو.
في 1969 قام بقمع دموي لمظاهرة طلابية، وألقى بجثث الطلبة القتلى في مقابر جماعية و12 طالبا حكموا بالإعدام، أغلقت الجامعة عاما وقام بتجنيد 2000 طالب في الجيش، وقال في التلفزيون الوطني « تعلموا أن تطيعوا وأن تغلقوا أفواهكم. »
 أسس موبوتو في البلاد نظاما استبداديا يحكمه الحزب الأوحد حزب الثورة الشعبية ورقى نفسه إلى رتبة المارشال في 1982. 
وكانت إحدى أمنياته كانت أن تعود الدولة لثقافتها العميقة ولجذورها التاريخية، فاخترع مفهوم الزائيرية ويقصد به إنهاء الاستعمار الثقافي. 
في 1971 السنة التي يطلقون عليها اسم “سنة الثلاث Z” أعاد تسمية كلا من الدولة والنهر والعملة تحت اسم زائير. 
في نفس السنة فرض ملابس شعبية لخلق نموذج شعبي مغاير للزي الغربي وسماه « الabacost » أي اللباس المتواضع، وطالب الشعب باختيار أسماء أفريقية مناسبة ومحلية وأن تكون الأسماء غير مسيحية. 
وأطلق موبوتو على نفسه لقبا طويلا باللغة المحلية «موبوتو المجاهد الذي سينتصر ثم ينتصر ودون أن يستطيع شخص إيقافه»، وفرض موبوتو أيضا الlingala اللغة الدارجة في غرب البلاد وأمر بتدريسها في المدارس والحديث بها شعبيا.
فخلال الاعوام التي ابتدأت بأزمة زائير الاقتصادية عام1975 وحتي رحيل موبوتو إلي منفاه تلقت زائير9.3 مليار دولار من المساعدات الاجنبية وكان يصل إلي هذا البلد331 مليون دولار سنويا في الفترة ما بين75 وحتي عام84 ليرتفع هذا المعدل إلي542 مليونا في العام بين عامي85 و94 وكان الشطر الاعظم من هذا التدفق الغزير من الاموال من نصيب سيسيكو حيث يصب في حساباته الخاصة في بروكسل وفرانكفورت وجنيف ولندن وغيرها.