على الرغم من قصر فترة حكمه، إلا أنه استطاع أن يتصدر قائمة الطغاة الذين أذاقوا شعوبهم الويلات، جرائمه وممارسته الوحشية تعد من أشد صفحات الديكتاتورية الدموية هو بول بوت الذي قاد الحركة الشيوعية الماوية والتي عرفت بالخمير الحمر، حيث ارتكبت جرائم ضد الإنسانية بعد فرض الاشتراكية الزراعية، وإجبار سكان المناطق الحضرية على الانتقال إلى الريف للعمل في المزارع الجماعية و مشاريع العمل.
ارتكبت حركة الخمير الحمر جرائم لا حصر لها بدءا من العمل القسري، وسوء التغذية، والرعاية الطبية السيئة و الإعدامات، ووفاة ما يقرب من 25 في المئة من سكان كمبوديا بسبب جرائمه خلال فترة حكم بول وت.
تولى بول بوت منصب رئيس وزراء كمبوديا لفترة ثلاث سنوات من 1976-1979 إلا أنه كان الحاكم الفعلي لكمبوديا منذ منتصف العام 1975، بعد حرب أهلية استمرت 5 سنوات نجحت قوات الخمير الحمر التي تعتنق الأفكار الشيوعية المتطرفة في اسقاط حكم الجنرال لون نول الموالي للولايات المتحدة. وبعد سيطرة الخمير الحمر على العاصمة الكمبودية بنوم بنه في 17 أبريل العام 1975، فتحت أبواب الجحيم على الشعب الكمبودي المنهك بالفقر وبفساد الزمرة الحاكمة.
 
 
 
 
 
بداية النهاية
 
مع تصاعد حدة الخلافات بين الجارتين كمبوديا وجارتها فيتنام بسبب سنوات من الصراع على الحدود وتدفق اللاجئين الفارين من الموت في كمبوديا، انهارت العلاقات بين البلدين في عام 1978، وأمر بول بوت قواته بشن هجوم وقائي على فيتنام وقامت القوات الكمبودية بغزو فيتنام، بل وعبرت الحدود، ووارتكبت سلسلة انتهاكات ونهبت القرى إلا أنه استطاعت القوات الفيتنامية صد قوات بول بوت وقامت بملاحقتها حتى استولت على مدينة بنوم بنه في 7 يناير1979. وقامت بتعيين حكومة موالية لها. ومع تراجع قوات الخمير الحمر الي غرب البلاد، قامت بالسيطرة على المناطق القريبة من الحدود التايلندية، وتلقت دعم عسكري بشكل غير رسمي على يد عناصر من الجيش التايلاندى، وكانت تتلقى التمويل من تهريب الماس والأخشاب. 
وعلى الرغم تقهقر قوات الخمير الحمر واحتلال بنوم بنه، احتفظت حكومة الخمير الحمر المخلوعة بمقعد كمبوديا في الأمم المتحدة، وكان يمثلها أحد قيادت الخمير الحمر وصديق قديم لبول بوت وأبقي على مقعد تحت اسم ‘كمبوتشيا الديمقراطية’ حتى عام 1982، وبعد ذلك ‘حكومة كمبوتشيا الديمقراطية الائتلافية’ حتى عام 1993.
انتصار القوات الفيتنامية المدعومة من الاتحاد السوفياتي، تسبب في غضب الصين الشعبية التي اقدمت على شن هجوم انتقادمي على فيتنام الشمالية، ولكنها سرعان ما تراجعت بعد إعلانها النصر.
وخلال الثمانينات، قدمت الولايات المتحدة الدعم العسكري للقوات الكمبودية المتمردة مثل المجموعات الملكية والجمهورية ولكن الخمير الحمر، بقيادة بول بوت التي كانت لا تزال أقوى الفصائل المتمرده الثلاث، وتتلقى مساعدات عسكرية واسعة من الصين ومن الاستخبارات العسكرية التايلاندية، وبحلول عام 1980 كانت المناطق الشرقية والوسطى من كمبوديا تحت سيطرة فيتنام وحلفائها من كمبوديا، في حين أن الجزء الغربي من البلاد كان لا يزال يشكل الساحة الرئيسة للمعارك طوال الثمانينات، وتم زرع الملايين من الألغام الأرضية في مناطق الريف. 
ورغم أن بول بوت تخلى عن قيادة الخمير الحمر إلى خيو سامبان في عام 1985، ظل هو القوة الدافعة للخمير الحمر المتمرد، وفي عام 1991، قامت جميع الفصائل السياسية الكمبودية بتوقيع معاهدة سلام تدعو إلى نزع السلاح وإجراء انتخابات عامة في عام 1992، بيد أن الخمير الحمر استأنفوا القتال، ورفضو نتائج الانتخابات. 
ولقد كان هناك هروب جماعي في عام 1996، فقد هرب حوالي نصف الجنود. وفي عام 1997 أدى القتال إلى محاكمة بول بوت والسجن على يد جماعة الخمير الحمر. 
توفي بول بوت في عام 1998 بينما كان تحت الإقامة الجبرية من قبل فصيل من الخمير الحمر يسمى “تاموك”، ومنذ وفاته استمرت الشائعات التي تم تسميمه.
واستسلم خيو سامبان في ديسمبر، وفي 29 ديسمبر 1998 أعتذر بقية زعماء الخمير الحمر عن المآسي التي أرتكبوها في فترة السبعينات والإبادة الجماعية، وفي عام 1999، تم أسر جميع من تبقى من حركة الخمير الحمر وانتهى وجودهم بشكل نهائي، إلا أن آثار جرائمهم لا تزال شاهدة على الوحشية والجنون.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جرائم الخمير الحمر
 
عقب استيلاء حركة الخمير الحمر بقيادة بول بوت على السلطة عام 1975 قرروا تفريغ المدن الرئيسية في كمبوديا وإجبار سكانها على الانتقال إلى  المناطق الزراعية عبر مسيرات إجبارية للعمل في مشاريع زراعية، وتم اغتيال المثقفين والمهنيين تحت شعار الانتقام الطبقي.
كما قامت الحركة بقيادة بول بوت بالاستغناء عن الأدوية التي تصنع في الغرب تحت شعار مناهضة الامبرايالية العالمية وهو ما أدى إلى موت مئات الآلاف نتيجة المجاعة وانتشار الأوبئة والأمراض وتوقف كافة أشكال العلاج. 
وأجبر نظام الخمير الحمر الكمبوديين على العمل في مزارع جماعية بأدوات بدائية لمدة تمتد من 12 – 14 ساعة يوميا، وبنظام تغذية قاس،  كما تم حرق منازل السكان حتى لا يجدوا مكانا يلجؤون إليه، وامر بول بوت بحظر الصيد ليتفرغ المواطنون للزراعة والكدح كما تك إلغاء التعامل بالنقود، وحظر التعليم وتحويل المدارس والجامعات إلى سجون، وحظر تام على ممارسة الشعائر الدينية، وحظر اللغات الأجنبية والقضاء على مسؤولي وعسكريي النظام السابق وتصفيتهم جسديا.
كما تعرضت جميع الأديان في كمبوديا للحظر تحت طائلة الموت. وتم تدمير المعابد البوذية والكنائس وجميع مساجد كمبوديا وعددها 180 مسجدا خلال حكمه اقتيد الملايين من أبناء الشعب الكمبودي إلى معسكرات الاعتقال حيث تمت إبادتهم وقتلهم، وكانت هناك متاحف كبيرة من جماجم الكمبوديين الذين قتلهم نظام بول بوت. وقد تم التخلص من هذا المجرم بانقلاب عسكري وبينما استمرت جرائم بول بوت القائد الكمبودي الذي قاد الشيوعيين الماويين بعد انقلابه على الحكم وتحول إلى مجرم وسفاح, قدر عدد الذين قتلوا في «الإبادة الجماعية» ما بين مليون وثلاثة ملايين شخص، في حين فر مئات الآلاف إلى تايلاندا المجاورة ولم تكن جريمة الإبادة، التي شهدتها كمبوديا تحت حكم «الخمير الحمر» نتيجة مجريات صراع سياسي أو عسكري، بل كانت مخططا معداً سلفاً، وشرعت في تنفيذ مخططها الأيديولوجي الماركسي، بعد اسقاط نظام المارشال لون نول، الذي سبق أن أطاح بحكم الأمير نوردوم سيهانوك وكانت الأعمال الإجرامية التي اقدم عليها بول بوت مصدرها نظرية شيوعية ترى أن المناطق الريفية وحدها هي التي يتحقق فيها الفردوس المنشود، وأن الفلاحين هم المنوط بهم إنجازه، ولذلك عليهم أن يفلحوا الأرض منذ شروق الشمس حتى غروبها، وكانت تلك النظرية ترى أنه من لا يقدر على هذا العمل اليومي الشاق يتعين اغتياله.
وكان بول بوت الذي فرض نظام الرعب والقتل الجماعي، يمارس جرائمه من وراء ستار كثيف، فالأوامر كانت تصدر باسم ما أطلقوا عليه «المنظمة»، ولم يفصح عن أنه الرجل الأول إلا في سبتمبر 1977 عندما ألقى لأول مرة خطابا جماهيريا زعم فيه أنه خلص البلاد من ألفي عام من اليأس.
ويؤكد محضر اتهام ضد 4 قياديين سابقين في نظام بول بوت كانت تحاكمهم المحكمة الدولية أن المسلمين كانوا يستهدفون ويقتلون بشكل منهجي وخلال حقبة الاستهداف حاول الناس إيجاد مكان للصلاة خلسة بشتى الوسائل، أحيانا أثناء قيادتهم العربات وأحيانا في الأدغال، إلا أن الأكثر بشاعة كان الاختفاء القسري حيث قتل كثيرون لم يعرف مصيرهم ولا أحد يعرف على وجه الدقة كم كان عدد المسلمين، الذين راحوا ضحايا هذه الجريمة، لكن مركز التوثيق يقدر عدد القتلى بما بين 100ألف و500 ألف من أصل 700 ألف مسلم.
 
 
 
 
 
ودخل الإسلام إلى كمبوديا في القرن التاسع عشر عن طريق جماعات من الجاويين والهنود والتجار العرب، وانتشر بين جماعات تشام أيام ازدهار مملكتهم في القسم الجنوبي من الهند الصينية وعرفت بمملكة تشامبيا.
كما أنتشر الإسلام بين الجماعات الجاوية التي تنتمي إلى العناصر الأندونسية، وتتحدث الجماعات المسلمة لغة الخمير، وينتشر المسلمون في كمبوديا في 14 ولاية، وتركيزهم في منطقة كامبونج - تشام في القسم الجنوبي من البلاد، وهناك جماعات مسلمة تنتمي إلى العناصر الجاوية تنتشر في المناطق الساحلية، وقد تحسنت أوضاع المسلمين بعودة الملكية بعد تعرضهم إلى الاضطهاد في ظل حكومة الخمير الحمر تحت قيادة بول بوت.