كشفت نماذج الأجهزة المعروضة بالمتحف القومي للحضارة المصرية، أن المصريين القدامى أول من اخترع الأجهزة التعويضية، والأطراف الصناعية، وأجرى العمليات الجراحة لتقويم الأسنان وكسور العظام.  ففي القاعة الرئيسية للمتحف يُعرض أول طرف صناعي عرفته البشرية صنع من الخشب لسيدة مصرية من عصر الانتقال الثالث عام “915 - 710” قبل الميلاد بُترت إصبع قدمها الأكبر نتيجة إصابتها بانسداد في الشرايين، ويتكون الطرف الصناعي من ثلاثة أجزاء من الخشب تُجمع فيما بينها بأشرطة جلدية، ونُحتت بزوايا تماثل الزوايا التشريحية للقدم، والفواصل بين أجزائه تقوم بدور المفصلات الطبيعية واستخدم في ارتدائها شريط من الكتان.  وأكد المؤرخ اليوناني الشهير “هيرودوت”، أن الأطباء في مصر القديمة اختص كل منهم بفرع من فروعه العديدة، وكانوا يتبعون في علاجهم طرقاً وقوانين يعاقب عليها من يخالفها، وكان علم الطب معهوداً لأطباء اختصاصيين يعرفون باسم “سنو”، وبالعربية “الصائن”.
 وذكر هيرودوت أسماء بعض الأطباء المشهورين في تلك العصور، ومنهم الطبيب “سخمتنا عنخ” في عهد الملك سحوري وطبيب الأسنان “حسي رع”، في عهد الملك زوسر “2668 – 2649” قبل الميلاد، الذي عثر في مقبرته عام 1866م، على بعض البرديات الطبية تتضمن نصوصاً أشهرها نص عرف ببردية “إدوين سميث” نسبة لاسم التاجر الذي اشتراها في عام 1862، حيث تصف 48 حالة مرضية من إصابات وكسور وجروح وعلاج أسنان وأورام.
 أما بالنسبة لمجال الأسنان فسجلت الشواهد بالمتحف القومي للحضارة المصرية عمليات تقويم أسنان وعلاج لالتهابات وتركيب جسور للأسنان المفقودة وتثبيتها باستخدام أسلاك من الفضة والذهب، مع استخدام الفرشاة المصنعة من أغصان الأشجار العطرية لتنظيف الأسنان، كما ظهرت أدوات جراحية كان يستخدمها الطبيب في جراحة الأسنان تتشابه مع بعض الأدوات الطبية المستخدمة حالياً.
 وتصور البرديات الطبية والنقوش المختلفة على جدران المعابد الفرعونية طرق علاج العظام المكسورة، بتثبيتها بجبائر ملفوفة بالكتان مصنوعة من القصب أو الخشب، مع استخدام المباضع والملاقط والمقصات وغيرها من الأدوات التي لا تزال مستخدمة بعد تطويرها حتى اليوم.  وفي دراسة حديثة نشرت في مجلة frontiers in medicine، كشف باحثون عن أدلة تشير إلى أن المصريين القدماء ربما حاولوا منذ أكثر من 4000 عام علاج السرطان من خلال التدخلات الجراحية، حيث ركزت الدراسة التي قادها فريق دولي من الباحثين، على جمجمتين يعود تاريخهما إلى مصر القديمة، وأظهرت الجمجمة الأولى التي تعود لرجل يتراوح عمره بين 30 و 35 عاماً، أدلة على وجود ورم أولي كبير وأكثر من 30 آفة أصغر، وكشف التحليل المجهري عن علامات قطع حول الجمجمتين، مما يشير إلى محاولات للتدخل الجراحي.