تعد فوضى السلاح في الأراضي الفلسطينية أحد أبرز التحديات التي تواجه السلطة الوطنية الفلسطينية في سعيها لتحقيق الأمن والاستقرار. تزايدت الدعوات الشعبية لدعم جهود السلطة لمواجهة الجماعات المسلحة وإعادة هيبة القانون، لا سيما في ظل تأثير هذه الفوضى على النسيج الاجتماعي وسير النضال الوطني ضد الاحتلال الإسرائيلي.
مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية وضع ورقة تقدير موقف عن الوضع الراهن، موضحا إن مدينة جنين قد شهدت مؤخرًا اشتباكات بين عناصر من أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ومقاومين مسلحين، وذلك عقب قيام الأجهزة الأمنية بإزالة عبوات ناسفة زرعتها المقاومة للتصدي لاقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي. أثارت هذه الحوادث نقاشًا واسعًا حول توازن دور السلطة بين مكافحة الفوضى المسلحة ومواصلة التصدي للاحتلال.
وقالت الورقة إن الاشتباكات الأخيرة ليست حادثة معزولة؛ فقد زادت العمليات الأمنية للسلطة في الأشهر الماضية، من تفكيك العبوات الناسفة إلى ملاحقة المسلحين، في محاولة لاستعادة السيطرة على مناطق تشهد توترات أمنية متزايدة. على الرغم من الانتقادات، يرى العديد أن هذه الإجراءات ضرورة لبناء دولة فلسطينية قائمة على القانون وليس على فوضى السلاح.
وتطرقت الورقة إلى أهداف السلطة الفلسطينية حاليا والتي تنحصر في:
1.    إعادة هيبة القانون: تسعى السلطة لتعزيز سيادة القانون وضمان ألا تكون هناك قوة تفوق قوة المؤسسات الرسمية. هذه الخطوة تُعتبر أساسية لبناء دولة ذات سيادة ومسؤولة.
2.    تعزيز الأمن الداخلي: يهدف العمل ضد الجماعات المسلحة إلى تقليل الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن الفوضى الأمنية.
3.    الحفاظ على الشرعية الدولية: يساهم التزام السلطة بسيادة القانون في تعزيز صورتها أمام المجتمع الدولي، مما يدعم جهودها السياسية والدبلوماسية.
4.    مواجهة الاحتلال بفعالية أكبر: رغم الانتقادات، تؤكد السلطة أن السيطرة على الوضع الداخلي ستُمكّنها من التركيز بشكل أكثر فعالية على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ضمن إستراتيجيات سياسية وميدانية.
وعن التحديات التي تواجهها السلطة قالت الورقة إن أبرزها هو :
•    ردود فعل شعبية متباينة: تعتبر بعض الفئات أن مواجهة الجماعات المسلحة قد تؤثر على المقاومة ضد الاحتلال، بينما ترى أخرى أن هذه الجماعات تُضعف الجبهة الداخلية.
•    ضغط الاحتلال: يزيد الاحتلال الإسرائيلي من تعقيد الموقف الأمني من خلال عملياته المستمرة، مما يضعف قدرة السلطة على إدارة الأوضاع.
•    التأثير الاقتصادي: تؤثر الفوضى الأمنية على الاستثمارات والنمو الاقتصادي في المناطق الفلسطينية.
الأصوات الشعبية: تتعالى أصوات المواطنين الداعمة لتطبيق القانون ومواجهة فوضى السلاح، خصوصًا مع تزايد الحوادث الأمنية التي تهدد حياتهم اليومية. يرى هؤلاء أن ترك الأمور للجماعات المسلحة سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع وتهديد الأمن المجتمعي، ويطالبون السلطة بالمزيد من الأنشطة لإعادة السيطرة وتعزيز الاستقرار.
وخرجت الورقة بعدد من التوصيات لتفعيل هذه المنظومة ، وعلى رأسها :
1.    تعزيز الحوار المجتمعي: ينبغي على السلطة فتح قنوات حوار مع جميع الأطراف لتوضيح أهدافها واستراتيجياتها، وإشراك المجتمع في دعم جهودها.
2.    تعزيز العمل الاستخباراتي: التركيز على العمليات النوعية التي تقلل من المواجهة المباشرة وتحد من الأضرار الجانبية.
3.    دعم دولي: استثمار العلاقات مع المجتمع الدولي للحصول على دعم مالي ولوجستي لتعزيز قدرات الأجهزة الأمنية.
4.    التركيز الإعلامي: تحسين الرسائل الإعلامية لشرح خطوات السلطة وطمأنة الجمهور حول نواياها في الحفاظ على التوازن بين الأمن والمقاومة.
وفي الخاتمة قالت الورقة إنه وفي ظل التحديات المتزايدة، تمثل جهود السلطة الوطنية الفلسطينية في مواجهة فوضى السلاح خطوة ضرورية لإعادة الاستقرار وبناء الدولة. على المجتمع الفلسطيني أن يدرك أهمية دعم هذه الجهود لضمان مستقبل أفضل، حيث لا يمكن لأي مجتمع تحقيق تطلعاته الوطنية دون نظام قانوني راسخ وأمن داخلي مستدام.