تشهد الساحة السياسية السورية تطورات كبيرة مع صعود القيادة الجديدة بقيادة أحمد الشرع. وتأتي هذه التحولات في ظل تقارير عن ارتفاع مستوى التنسيق بين حركة حماس والإدارة السورية، مما يعكس تحولاً في العلاقة بين الطرفين بعد سنوات من التوتر. يعيد هذا التقارب المحتمل طرح تساؤلات حول مستقبل الفصائل الفلسطينية في سوريا وتأثير هذه التطورات على موازين القوى الإقليمية.
في هذا الصدد وضع مركز رصد للدراسات السياسية في العاصمة البريطانية لندن ورقة تقدير موقف عن العلاقات السورية-الفلسطينية في ظل الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، وهي الورقة التي تناولت مستقبل العلاقات بين الطرفين .
في البداية تشير الورقة إلى السياق العام للتطورات ، وهو السياق النابع من التحولات السياسية في سوريا ، وعن هذا تقول الورقة إنه ومع تولي أحمد الشرع قيادة سوريا، بدأت تتضح ملامح سياسة جديدة أكثر براغماتية، تتمثل في إعادة هيكلة العلاقات الإقليمية والدولية، بما في ذلك العلاقة مع الفصائل الفلسطينية.
1.    وضع حماس في سوريا:
لطالما كانت العلاقة بين حماس وسوريا متوترة منذ بداية الأزمة السورية في 2011، حيث اتخذت قيادة حماس موقفاً داعماً للثورة السورية. إلا أن التصريحات الأخيرة لخالد مشعل، التي هنأ فيها الشعب السوري على التغييرات السياسية، تُظهر تحولاً ملحوظاً في نهج الحركة.
وناقشت الورقة في محورها الثاني دوافع التقارب بين حماس والإدارة السورية ، وكانت كالتالي:
1.    دوافع سورية:
o    استعادة الحضور الإقليمي: يبدو أن الإدارة الجديدة في دمشق تسعى لإعادة ترتيب تحالفاتها مع الفصائل الفلسطينية كجزء من استراتيجيتها لاستعادة دورها المؤثر في القضية الفلسطينية.
o    تصفية الحسابات مع النظام السابق: قد يكون هذا التقارب جزءاً من سياسة فصل الفصائل الفلسطينية عن الإرث السياسي للنظام السابق.
2.    دوافع حماس:
o    تعزيز التحالفات الإقليمية: تأتي هذه الخطوة في ظل الحاجة إلى دعم إقليمي أوسع، خاصة مع تغيّر مواقف عدد من الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية.
o    مخاوف من العزلة: قد تسعى حماس لضمان وجودها في سوريا عبر استثناء مكاتبها من قرارات الإغلاق التي تطال الفصائل الفلسطينية الأخرى.
وعن تداعيات التقارب على الأطراف المختلفة ، قالت الورقة ما يلي:
1.    الفصائل الفلسطينية الأخرى:
o    قد يؤدي هذا التقارب إلى خلق فجوة بين حماس وبقية الفصائل الفلسطينية، خاصة تلك التي كانت محسوبة على النظام السوري السابق.
o    من المتوقع أن تواجه حركة الجهاد الإسلامي تحدياً في الحفاظ على وجودها في دمشق إذا لم تحذُ حذو حماس في تعزيز علاقاتها مع الإدارة الجديدة.
2.    موقف السلطة الفلسطينية:
o    قد ترى السلطة الفلسطينية هذا التقارب كمحاولة لتقويض دورها في تمثيل الفلسطينيين على الساحة الدولية.
o    من الممكن أن يضغط هذا التقارب على السلطة لإعادة النظر في موقفها من النظام السوري.
3.    الإقليم والقوى الدولية:
o    قد يؤثر هذا التقارب على مواقف الدول الداعمة لحماس، مثل تركيا وقطر، تجاه سوريا.
o    قد تستغل بعض القوى الإقليمية هذا التقارب لتعزيز نفوذها في الملف الفلسطيني.
وعن السيناريوهات المحتملة بالنسبة لهذه العلاقات في ضوء ما يجري عرضت الورقة 3 سيناريوهات كانت كالتالي:
1.    سيناريو تقارب كامل:
إذا نجحت حماس في تعزيز علاقتها مع الإدارة السورية الجديدة، فقد يؤدي ذلك إلى استعادة دورها كمحور رئيسي في دمشق، مع احتمال استثناء مكاتبها من قرارات الإغلاق.
2.    سيناريو تقارب محدود:
قد يقتصر التنسيق بين الطرفين على القضايا السياسية دون استعادة العلاقة بالكامل، مما يترك مجالاً للفصائل الفلسطينية الأخرى للتفاوض مع دمشق.
3.    سيناريو انهيار التقارب:
إذا لم تُترجم التصريحات إلى خطوات عملية، فقد ينهار هذا التقارب، مما يعيد الفصائل الفلسطينية إلى نقطة الصفر في علاقتها مع سوريا.
وعن التوصيات ، قالت الورقة أن التوصيات جاءت لكلا من حماس والإدارة السورية الجديدة والفضائل الفلسطينية الأخرى ، وهو ما جاء كالتالي:
1.    لحركة حماس:
o    استثمار هذا التقارب لتعزيز موقفها الإقليمي دون التفريط بعلاقاتها الحالية مع الدول الداعمة.
o    العمل على تهدئة أي توترات مع الفصائل الفلسطينية الأخرى لضمان وحدة الصف الفلسطيني.
2.    للإدارة السورية الجديدة:
o    استخدام هذا التقارب كأداة لتعزيز دور سوريا في الملف الفلسطيني.
o    ضمان أن تكون هذه العلاقات ضمن إطار استراتيجي يخدم المصالح السورية دون الانحياز لطرف على حساب الآخر.
3.    للفصائل الفلسطينية الأخرى:
o    توحيد المواقف تجاه الإدارة السورية لضمان تمثيل شامل للقضية الفلسطينية.
o    تعزيز التنسيق مع الأطراف الإقليمية لضمان استمرار الدعم السياسي والميداني.
وفي الخاتمة قالت الورقة إن التقارب بين حركة حماس والإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع يمكن أن يعكس تحولاً مهماً في المشهد السياسي الإقليمي. ومع أن هذا التقارب يحمل فرصاً كبيرة للطرفين، إلا أنه يواجه تحديات عديدة، تتطلب إدارة حكيمة لضمان تحقيق المصالح المشتركة دون الإضرار بالتحالفات القائمة.